آخر الأخبار

(ريشة ناعمة).. المعرض التشكيلي الأول في مارب

خلال مراسيم المهرجان- المهرية نت

خلال مراسيم المهرجان- المهرية نت

المهرية نت - وحدة التقارير/خاص
الإثنين, 16 مارس, 2020 - 12:20 صباحاً

دمية تحملها يدُ طفلةٍ بُترت ساقها اليمنى بعد أن انفجر بها لغم من ألغام الحرب، وكأن الطفلة تتساءل: أين ساقي، لماذا ليس لي ساقان كالدمية.. هذه إحدى لوحات معرض الفنون التشكيلية (ريشةٌ ناعمةُ) الذي أقامه بمبادرة شخصية الفنان التشكيلي محمد صوفان ابن مدينة ذمار المقيم في محافظة مارب منذ عدة أشهر، المعرض الأول من نوعه في المحافظة استمر 4 أيام وضم 65 لوحة لـ (15) فنانة تشكيلية، رسمن مزيجاً من أوجاع الوطن وعكسن صوراً من آماله وأحلامه.

 لدى صوفان مرسمٌ حر، يعرض فيه عدداً من أعماله بشكل مستمر، ويدرب الهواة وطلاب الفنون الجميلة، كما يعتبره منطلقاً لأعماله الفنية المتعددة، وقد أقيم المعرض كأحد مخرجات الورشة التدريبية التي استمرت عدة أسابيع تعلمت فيها المشاركات أدبيات الفنون التشكيلية وتطوير تقنيات صناعة اللوحة.

يقول صوفان لـ المهرية: لم أكن أتوقع أن ينجح المعرض بهذا الشكل، كنت أتصور أن يكون الإقبال خجولاً لكن الحضور فاق التوقعات، لقد تضمن المعرض عشرات اللوحات جاءت معظمها بأساليب عصرية ومدارس تكعيبية، وهذا النجاح لافت رغم أنها أول تجربة عرض لأعمال المتدربات، وانتقالهن من المستوى المبتدئ باللون الأسود والأبيض إلى المتوسط الذي يعني المزيد من الألوان المبهجة والرائعة، لقد تجاوزن الخوف بشجاعة ووصلت بعض اللوحات إلى مرحلة النضوج، لقد حملت اللوحات رسائل عدة تقول: "كفى كفى، نريد أن نعيش بسلام، نريد أن نحيا كما يعيش العالم، نريد أن نتذوق الفن ونترك الحرب". 

للجمهور ذائقته

وحول ردود فعل الزوار يقول الفنان التشكيلي: إن لدى الجمهور ذائقة فنية عالية، "لقد كنت أعتقد أننا نحتاج إلى سنوات لكننا في الحقيقية احتجنا لشهرين فقط لنقنع الجمهور برسالتنا الفنية".

وبحسب صوفان فإن الجمهور المحلي يميل إلى اللوحات الواقعية المباشرة أكثر من تلك السيريالية أو التجريدية، معتقداً أن الذائقة الفنية العامة ستتطور بمرور الوقت خاصة إن استمرت إقامة الفعاليات والمعارض بشكل متكرر.

وحول السبب وراء كون المعرض لم يتضمن أي فنان تشكيلي من الذكور، يرجع صوفان ذلك إلى أن المرأة أكثر جدية من الرجل في التعلم ولها هدفها الخاص وشغفها الجامح، والرسم يحتاج إلى كل هذه العوامل كما أن "كوني أب لأربع بنات جعل من قدرتي على فهمهن والتواصل معهن أكثر سهولة".

العجز عن الاستمرار

لا يدري الفنان التشكيلي محمد صوفان إن كانت السلطة المحلية بمحافظة مارب قد سمعت بنشاطه هذا، رغم أن خبر المرسم قد انتشر على كل لسان بحسب وصفه، يقول للمهرية: لا يوجد استجابة لدعم المشروع، رغم أننا خاطبنا السلطة المحلية أكثر من مرة، فالمرسم يمكن أن يُغلق بأي وقت نتيجة تكاليف الإيجارات الكبيرة في مارب، والتي تتجاوز ثلاثة أضعاف إيجارات صنعاء، "سأكون حزيناً إذا اضطررت إلى إغلاقه"..

وشكر صوفان وزارة الشباب والرياضة على منح المرسم مبلغاً مالياً، جرى توزيعه على الفنانات التشكيليات تقديراً لجهودهن في إنجاح المعرض.

موجهاً رسالته إلى محافظ المحافظة سلطان العرادة أن يرعى الحراك الثقافي وبالذات الفن التشكيلي، لأن الفن – بحسب محمد صوفان – "يحمل الرسائل بسرعة إلى العالم، وإذا أرادوا أن يتحدث العالم بإيجابية عن مارب فإن البوابة الأجمل يجب أن تكون عبر الرسم والموسيقى والفن بشكل عام، لأن الفن لغة الشعوب وانعكاس لحضارتها وتقدمها".

تنوع الاهتمامات

بسمة الضلعي، شاركت بإحدى عشرة لوحة تجريدية في المعرض تقول لـ المهرية: المميز أن الفعالية هي الأولى الخاصة بالسيدات في مارب، وقد كانت لوحاتي حول العلاقات الاجتماعية والتفاصيل الإنسانية التي أراها مهمة، لقد استفدت كثيراً من التجربة.

وتضيف الضلعي: "لكل واحدة من المشاركات وجهة واهتمام بقضية معينة، فالبعض يركزن على قضايا الحرب وما أحدثته من دمار للإنسان والوطن، والبعض الآخر سلطت الضوء على الحياة وقدرة اليمنيين على النهوض من جديد، البعض يعبرن عن وجهات نظر خاصة تجاه الحياة وواقع المرأة، وهناك من تهتم بالطبيعة وتصويرها.

وتعتقد بسمة الضلعي أن هناك قابلية لفهم الرسائل التي يقدمها الفن، فرغم أن البعض من رعاة المعرض كان يعتقد أن مثل هذه الأنشطة ليست ذات أولوية في ظل الوضع الحالي "إلا أننا أقنعناهم بهدفنا والرسالة التي نحملها فدعمونا".

وتطمح الضلعي أن تضع بصمتها العالمية في هذا المجال، وأن يتحول المرسم إلى مؤسسة كي يتدرب الهواة ويطوروا من قدراتهم في الرسم.

باقون ومستمرون

من جانبها تشيد نويلة محمد في حديثها لـ المهرية بالتفاعل المجتمعي والوعي بالفن وقيمته الإنسانية.. وتعتقد أن الناس يريدون أن يروا شيئاً على أرض الواقع ويتلمسوه بحواسهم كي يتفاعلوا معه، وهذا ما حصل معهن في المعرض التشكيلي الأول بمارب.

وتتحدث أميلة عن أكثر اللوحات التي رسمتها ولفتت انتباه الزائرين فتقول: "شاركت بخمس لوحات لكن أكثر ما لفت انتباه الزوار لوحة علم اليمن وهو ممزق ومع ذلك ظل يرفرف، وفكرتي التي أردت إيصالها أننا موجودون وصامدون، وحتى وإن ظهر علينا التمزق والجراح لكننا باقون ومستمرون في هذه الحياة".

وتؤمن رميلة أن الرسم يعلم الإنسان الصبر ويقوي التركيز ويرفع قدرته على الملاحظة والبحث وراء التفاصيل الدقيقة.

مضيفة "الإنسان لن يقدر الفن إلا حينما يفهم قيمته الإنسانية، فالفن بكل أنواعه يعكس ثقافة المجتمع وهو تعبير عن روحه الخلاقة والمبدعة".


تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية