آخر الأخبار
في غياب الحكومة.. المبادرات المجتمعية تقاوم الحرب بالتنمية وإصلاح الطرق الوعرة
أحد الطرق التي قام الأهالي بإصلاحها في إب
الجمعة, 30 ديسمبر, 2022 - 01:07 صباحاً
على مدى سنوات الحرب الثمان الماضية، يمضي اليمنيون في تأسيس المبادرات المجتمعية والقيام بمشاريع تنموية خدمية كبرى بدوافع ذاتية فشيدوا المدارس والمساجد، ورصوا أغلب الطرق الوعرة، متجاوزين التحديات والصعوبات، لسد الثغرات التي عجزت المؤسسات الرسمية للحكومات المتعاقبة القيام بها.
ومن بين تلك المبادرات المجتمعية، الاستمرار في شق الطرقات وتوسعتها في القرى والمناطق الجبلية الوعرة، في صورة تعبر عن الروح التعاونية في أوساط المجتمع وتلاحم فئاته وطبقاته، الأمر الذي ساعد في الإسهام من تخفيف المعاناة عن المواطنين في المناطق الوعرة والجبلية.
ولأن الحرب ألحقت أضراراً كبيرة في البنية التحتية والاقتصاد العام للدولة، فإن الاعتماد على الحكومة لشق الطريق لم يكن ممكنا، كما أنا سلطة أمر الواقع (الحوثيون) تنصلوا من كل التزاماتهم تجاه المواطنين والخدمات العامة في المناطق التي يسيطرون عليها، لذلك اتجه الأهالي إلى المبادرات الطوعية لجمع تكلفة شق الطرق والبدء بإصلاحها متحدين كل الظروف والمعاناة.
"طريق مشرعة وحدنان بتعز"
فخلال العام 2022، أطلق الأهالي في مديرية، مشرعة وحدنان جنوبي محافظة تعز، مبادرة مجتمعية لرصف الطريق الواصل بين المديرية والمدينة، حيث تم قبل الحرب إنجاز سفلتة جزء من الطريق قبل أن يتعثر المشروع بسبب الحرب التي شنها الحوثيون على المديرية.
ووفقاً للمعلومات التي حصل عليها "المهرية نت"، فإن طول الطريق يبلغ حوالي 12 كيلو متر ويستفيد منها أكثر من 35 ألف نسمة يشكلون تعداد المديرية التي تعد من أكثر المديريات بالكثافة السكانية.
ويقول الأهالي، إنهم سعوا إلى اطلاق مبادرة مجتمعية تسهم في حشد الطاقات والجهود الداعمة لرصف وصيانة الأجزاء المتضررة والمهمة كحلول إسعافية وليست بديلا عن مشروع الاسفلت الذي توقف نتيجة الحرب، وعجز السلطة المحلية في المحافظة والمديرية عن استكمال إصلاح المشروع.
"طريق الجارة بالمسراخ"
وفي مديرية المسراخ بذات المحافظة، دشنت مؤسسة توكل كرمان من هذا العام، تنفيذ مشروع شق ورصف وتأهيل طريق عزلة الجارة، في المديرية بتكلفة قدرت بنحو 80 مليون ريال يمني مقدم من المؤسسة.
ويستهدف المشروع 6 قرى يقطنها اكثر من4000 آلآف مواطن حرموا منذ عقود أبسط الخدمات الحكومية التي تقدمها الدولة ليتحقق حلمهم بهذا المشروع الاهم والشريان الخدمي والانساني لمواصلة التعليم وتخفيف عناء السفر والتنقل للمدينة من اجل الخدمة الصحية .
وعبر الأهالي عن فرحتهم، بتحقيق حلمهم بشق الطريق، والذي سيكون شرياناً خدمياً وإنسانياً، وسيساعد على مواصلة التعليم وتخفيف عناء السفر والتنقل للمدينة من أجل الخدمات الصحية.
على ذات الحال، أطلق الأهالي في مديريات جبل حبشي، والحجرية، وجبل صبر، والشمايتين والمعافر ومديرية حيفان والمقاطرة، مبادرات مجتمعية ذاتية، تمثلت في شق ورصف الطرق التي تربط بين القرى ومراكز المديريات ببعضها البعض، مروراً بمركز المحافظة، حتى أصبحت أكثر استخداما للمسافرين بعد قطع طرق المحافظة الرئيسية من قبل الحوثيين.
"لحج تقاوم الحرب بالتنمية"
ولم تكن محافظة تعز ومديرياتها الوحيدة من سلكت درب مقاومة الحرب بالتنمية، ففي مديرية القبيطة التابعة إداريا لمحافظة لحج (جنوبي البلاد)، قاد الأهالي فيها مبادرة مجتمعية عملت على شق طريق جديدة تربط أكثر من سبع قرى وتخدم نحو 3500 نسمة، في "شرار الأعلى" وهي مناطق لم تصل الطرقات اليها من قبل.
ومن المقرر أن تعمل المرحلة الثانية من المبادرة على ربط مناطق طور الباحة بنجد شرار وسوق الربوع وكرش، بعد أن تغلب المواطنون في انجاز مسافات كبيرة، بمساهمات وتمويل مجتمعي، بعد عن عجزت الحكومات المتعاقبة في القيام بدورها في تنفيذ المشاريع الخدمية للمواطنين.
محافظات يمنية أخرى، سارت على ذات الطريقة أهمها منطقة وصاب بمحافظة ذمار ومناطق متفرقة في محافظتي ريمة وإب، والتي تخضع لسيطرة الحوثيين.
"مبادرات مجتمعية نوعية"
في محافظة إب (وسط البلاد)، انتشرت العديد من المبادرات المجتمعية "النوعية" خلال السنوات الأخيرة، لا سيما فيما يتعلق برصف وشق الطرق والأسفلت، بدعم وإسهام من الأهالي وأبنائهم المغتربين في الخارج.
وخلال العام 2022، أطلق الأهالي في مديرية الشعر بمحافظة إب، مبادرة شق طريق بيت الصايدي بني عواض الرضائي، بمبادرة وجهود ذاتية، ويبلغ طول الطريق 8 كيلوه وستمائة متر، وبعرض 6 متر، ووصلت سماكة الأزفلت إلى 6 سنتيمتر بتكلفة قدرت بنحو مليون وثمانمائة ألف دولار أمريكي.
كما أطلق الأهالي في ذات المديرية، مبادرة شق وتوسعة ورصف طريق المهذور ذي صيه، بطول 500متر، وعرض متوسط 3 متر ونص، وبإجمالي مساحة الطريق 1750متر مربع، وبتكلفة قدرت بنحو 27 مليون ريال يمني أسهم المغتربين من أبناء المنطقة في تبنيها بنسبة 100 %.
وفي ذات المديرية، أيضا، أطلق أهالي قرية سطيح مبادرة مجتمعية، لشق ورصف الطريق الواصل من مركز المديرية، إلى القرية بطول 1300 متر، وذلك بهدف تذليل الصعوبات والمعوقات أمام الناس التي تسكن القرية والقرى المجاورة لها.
"سور ريمة العظيم"
ومن إب إلى محافظة ريمة، حيث يقاوم المواطنين انقلاب الحوثيين على الدولة، بالتنمية والبناء، فقد نفذ أهالي قرية عزلة بني الجعد في مديرية الجعفرية بمحافظة ريمة، مشروعاً مجتمعياً هي الأحدث والأكثر دهشة في تاريخ المبادرات المجتمعية للعام 2022.
فقد نصب أهالي قرية عزلة بني الجعد، من الأحجار سوراً بارتفاع أكثر من 12 متراً وبطول يمتد إلى 160، فوق تضاريس جبلية وعرة وخطيرة، الأمر الذي يجعل من تشيده بأدوات بسيطة وإمكانيات متواضعة بذلك الشكل الهندسي الجميل، واحدا من أهم المنجزات التي حققتها المبادرات المجتمعية التعاونية في اليمن خلال سنوات الحرب.
وتصدر صوره سور ريمة العظيم منصات التواصل الاجتماعي في اليمن ولفت انتباه الكثير خارجها، هو واحدا ضمن مجموعة من الأسوار والحواجز التي شيدها المواطنين لإسناد مشروعهم التعاوني "طريق نعمة بني الجعد بمسافة تزيد عن 3 كيلو و700 متر"، والذي سيسهم في إيصال الطريق لأول مرة إلى أكثر من ست قرى يتجاوز تعداد سكانها الآلاف، وأكبرها على الإطلاق.
الجدير بالذكر، أن مشروع سور ريمة العظيم، ليس سوى واحدا ضمن أكثر من 85 مبادرة تعاونية تعمل حاليا وفقا للناشط المجتمعي علي قائد الجبل، ومعظمها مشاريع طرق يتم العمل وفق مواصفات فنية مدروسة وستسهم في إنهاء عزلة الكثير من مناطق المحافظة كمشروع طريق الجبوب-كسمة- السهلة- وادي رماع الذي يمتد بطول 25 كيلو متر بمناطق جبلية شاهقة بتكلفة تقدر بـ3 مليار و250 مليون ريال.
وبسبب الحرب، التي أدت إلى غياب كلي للدور الخدمي للدولة، سواء في مناطق الحكومة اليمنية، أو تلك التي يسيطر عليها الحوثيون، برزت العديد من المبادرات المجتمعية التي أسهمت في انجاز مشاريع وطرقات عديدة في عدد من المحافظات اليمنية، أسهمت في التخفيف من معاناة وتنقل المواطنين.