آخر الأخبار

حصار تعز.. سبع سنوات من المبادرات اليائسة محلياً وأممياً (تقرير خاص)

جانب من مدينة تعز - تصوير أنس الحاج

جانب من مدينة تعز - تصوير أنس الحاج

المهرية نت - خاص
الإثنين, 18 أبريل, 2022 - 03:26 مساءً

  يتزامن دخول مدينة تعز عامها الثامن تحت حصار الحوثيين مع حديث مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ عن ترتيبات لفتح المعابر المؤدية إلى المدينة . 

 

مدينة تعز ، ثالث أكبر المدن اليمنية ، كانت قد وقعت في قبضة حصار خانق عام 2015 على يد المسلحين الحوثيين الموالين لإيران بالتحالف مع القوات الأمنية والعسكرية الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح حينها ، وذلك في إثر اندلاع مقاومة شعبية مسلحة داخل المدينة رافضة لانقلاب تحالف الحوثي-صالح ومساندة لشرعية الرئيس "عبده ربه منصور هادي" .

 

وشهدت الأشهر الأولى للحصار تداعيات كارثية على حياة المواطنين في المدينة ، حيث تعذر عليهم الوصول إلى احتياجاتهم الأساسية من ماء وغذاء ، فقد منع المتمردون صهاريج الماء "الوايتات" من الدخول في حين تقلص عدد المطاعم والمتاجر المفتوحة إلى حد لا يكفي لتلبية القدر الأدنى من حاجة المواطنين هناك بسبب انقطاع سلاسل الإمداد الغذائية من خارج المدينة ، كما فرض المتمردون قيوداً مشددة على دخول المساعدات الإغاثية .

 

وبلغت المستشفيات حالة غير مسبوقة من العجز أدى في نهاية المطاف إلى إغلاق العشرات منها أبوابها ليبقى في الخدمة منها اثنان فقط هما " مستشفى الروضة" و " مستشفى الثوة" الحكومي، وحتى هذين المشفيين واجها عجزاً كبيراً واضطرا إلى الاستعانة بالحمير في توفير الأكسجين والمستلزمات الطبية عبر طرق وعرة تمر فوق السلاسل الجبلية للمحافظة ، كما لم يسلما من نيران الحوثيين . 

 

 

 

وبدعم محدود من التحالف العسكري الذي تقوده المملكة العربية السعودية في اليمن ضد الحوثيين منذ مارس/آذار 2015 ، تمكنت القوات الحكومية والمقاومة الشعبية في تعز في مارس/آذار 2016 من تحرير أجزاء واسعة جنوب وشمال المدينة من الحوثيين المدعومين بقوات صالح ، وانكسر بذلك الحصار المفروض على تعز بشكل جزئي من ناحية الجنوب ، غير أن المنافذ الأخرى ، وخصوصاً المنفذ الشرقي "جولة القصر" بقي قيد الإغلاق حتى الآن .

 

الكسر الجزئي للحصار ساهم في عودة مئات الآلاف من النازحين إلى المدينة على امتداد السنوات السابقة ، غير أن أوضاع المدينة بقيت بعيدة جداً عن وضعها السائد قبل الحرب بسبب استمرار الحوثيين في تقسيم المدينة وحرمان مركزها المحرر من أهم المنافذ وأقربها وأصلحها للتواصل مع الأجزاء الأخرى من المحافظة وكذلك والمحافظات الأخرى ، إضافة إلى استمرار قناصي الجماعة في استهداف المدنيين بلا انقطاع .

 

أول توافق بين الحكومة اليمنية والمتمردين على رفع الحصار عن تعز حدث ضمن المشاورات التي رعتها الأمم المتحدة في مدينة "بيل " السويسرية في ديسمبر/كانون الأول 2015 ، لكن ما حدث هو تشديد للخناق من قبل الحوثيين على 200 ألف مواطن داخل مركز المدينة بحسب البيانات الأممية. 

 

وفي أبريل/نيسان 2016 خرجت إحدى اللجان المنبثقة عن لقاء "ظهران الجنوب" وجمعت ممثلين عن الجانب الحكومي وجانب الحوثيين باتفاق للتهدئة في تعز خُصص أحد بنوده لفتح المعابر وفتح الحصار ، ونص البند بوضوح على فتح الخطوط التي تصل المدينة بالعاصمة المؤقتة عدن عبر "الراهدة" ، وتصلها عبر "الحوبان" بالعاصمة صنعاء ، لكن الحوثيين تمردوا على الاتفاق عندما جاء وقت التنفيذ وقاموا بترويع الممثلين الحكوميين في اللجنة بالنيران .

 

وحضرت مأساة الحصار في تعز مجدداً من خلال مبادرة أممية لإنهاء الحرب تخللت المشاورات التي رعتها الأمم المتحدة في الكويت بين الحكومة والمتمردين المدعومين من إيران ، حيث تضمنت المبادرة التي عرضها المبعوث الأممي الأسبق "اسماعيل ولد الشيخ" في يوليو/تموز 2016 ورفضها الحوثيون نصاً يقضي بانسحابهم من تعز . 

 

ومع إخفاق المحاولة الأممية الثانية ، عادت المبادرات المحلية لمحاولة زحزحة الحصار ، وأقدمت السلطة المحلية لتعز بقيادة المحافظ السابق " أمين محمود" في أغسطس/آب 2018 على تشكيل لجنة برئاسة البرلماني المعروف "عبد الكريم شيبان" وكلفها بالتواصل مع المتمردين من أجل فتح المعابر - في خطوة أثارت حينها المتابعين المتطلعين لتحرير المدينة بالقوة - لكن المبادرة أخفقت .

 

 وخلال خدمة البريطاني "مارتن غريفيث" في اليمن كمبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة خلفاً ل "ولد الشيخ" ، شهدت مأساة حصار درجة أعلى من الإهمال في الجهود الدبلوماسية الأممية رغم تقديم " غريفيث" مقترحاً بشأن رفع الحصار خلال انعقاد مشاورات "ستوكهولم" في ديسمبر/كانون الأول 2018 ، وتضمن المقترح إيقافاً للعمليات العسكرية في المدينة وفتح للمعابر على مراحل . 

 

ومع نهاية مشاورات ستوكهولم وتوصل الطرفين إلى الاتفاق كانت مسألة الحصار في تعز قد خسرت أولويتها كما كشف البند المخصص لتعز والذي ربط رفع الحصار بمباحثات لاحقة لم تحدث إلى اليوم . 

 

 

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2019 بدا أن فتح المعابر أقرب من أي وقت مضى عندما أعلن البرلماني "شيبان" أنه تلقى اتصالاً من حكومة الحوثيين "غير معترف بها" يبلغه بوجود توجيهات عليا من قيادة الجماعة بفتح المعابر إلى المدينة خلال أيام ، وتلا ذلك وصول وفد من صنعاء قال أنه يحمل تفويضاً بفتح الطرقات ، لكن الجماعة المتمردة تراجعت عن ذلك بعد أن كانت القوات الحكومية قد شرعت في إزاحة السواتر الترابية من جانبها واحتشد مواطنون من داخل المدينة للاحتفال بفتح منفذ "جولة القصر" شرقي المدينة .

 

وخلال العامين الماضيين تراجع الحديث بشكل محبط عن حصار تعز ، وتعرض المبعوث الأممي السابق " غريفث" لانتقادات واسعة بسبب إهمال هذا الملف في جهوده الدبلوماسية وعدم زيارته للمدينة ضمن تحركاته بين عدد من المحافظات اليمنية ، وانتظرت تعز حتى نوفمبر/تشرين الثاني لتحظى بأول زيارة لمبعوث أممي عندما زارها المبعوث الحالي السويدي "هانس غروندبرغ" واطلع على جزء من معاناة المواطنين هناك . 

 

 

ومع ذلك فإن معاناة الملايين داخل المدينة ، والتي عاينها "غروندبرغ" بنفسه ، لم تشفع لهم عنده عندما أعلن عن أول "إنجازاته الدبلوماسية" في اليمن بداية أبريل/نيسان الحالي والتي تمثلت في هدنة شاملة في البلاد ورفع القيود عن "مطار صنعاء" من قبل التحالف والسماح بوصول شحنات الوقود إلى موانئ الحديدة لفائدة الحوثيين ، بينما حصلت تعز مرة أخرى على بند يربط رفع الحصار بنقاشات إضافية لا تزال جماعة الحوثي تماطل في الانخراط فيها منذ أسابيع .


كلمات مفتاحية: تعز حصار جماعة الحوثي
تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية