آخر الأخبار
دعم إماراتي مفرط ..الانتقالي في طريقه للقضاء على الحياة السياسية في المحافظات الجنوبية (تقرير خاص)
السبت, 05 مارس, 2022 - 09:36 مساءً
داهمت مليشيا مسلحة تابعة للمجلس الانتقالي، الثلاثاء، 1 مارس/ آذار، مقر حزب المؤتمر الشعبي العام في مدينة التواهي بالعاصمة المؤقتة عدن، وسيطرت عليه، بأوامر مباشرة من محافظ عدن، والأمين العام لما يسمى المجلس الانتقالي، أحمد لملس، بحسب بيان صادر عن وزير الداخلية السابق، رئيس اللجنة التحضيرية لحزب المؤتمر الشعبي العام جنوبي البلاد، أحمد الميسري.
بيان الميسري اعتبر هذا "السلوك المشين هو امتداد للاستهداف الممنهج للحياة السياسية والمدنية في العاصمة المؤقتة عدن والتي تنتظر من قيادة المحافظة أن تضمد جراحها وتهتم بما يتوجب تقديمه من عمل ملموس تجاه المحافظة وأبنائها وهذا ما يفترض بأن اتفاق الرياض أتى لأجله".
وأدان بيان صادر عن حزب المؤتمر الشعبي العام بمحافظة عدن اقتحام عناصر الانتقالي مقر الحزب، ووصف البيان هذه العمل بأنه "يتعارض مع كل المبادئ والأعراف السياسية والديمقراطية ولا يمت لها بصلة".
وأضاف البيان "إن قيام عناصر مسلحة ترافقها مدرعات عسكرية من الحزام الأمني باقتحام مقر حزب رسمي بقوة السلاح واعتقال أفراد حراسة المبنى يعتبر عملاً إجرامياً استفزازياً يقوض أسس وقواعد الديمقراطية التي قامت عليها الأحزاب السياسية السلمية في البلاد".
قضاء على الحياة السياسية
ووصف سياسيون وإعلاميون يمنيون سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على مقر حزب المؤتمر الشعبي العام يثبت أن مشروع الانتقالي لا يمكن أن يقبل أي عملية سياسية ولا يقبل بقاعدة الرأي والرأي الآخر.
وقال مستشار وزير الإعلام اليمني، مختار الرحبي، في تغريدة على تويتر أن اقتحام مقر حزب المؤتمر في عدن "هذا جانب هامشي من الحكاية، حكاية كيان أحادي في عدن -الانتقالي-، يصدِّر نفسه كممثل وحيد لجغرافيا ومجتمع الجنوب ويفرض حظرا على أي نشاط سياسي موازي له، يتوجب كسر هذه المعادلة وتحرير المجال السياسي بكامله".
لو كان الإنتقالي يثق بأنه الكيان الأساسي الممثل لمجتمع الجنوب، لما شعر بالقلق من وجود أي نشاط أخر يتحرك بطريقة مدنية، إنهم يدركون في أعماقهم أن وجودهم مفروض بطريقة فوقية غير قادرة على التغلغل بسلاسة في المجتمع ولهذا يحمونها بالحديد والنار والاقتحامات والمصادرات والمليشيات
— مختار الرحبي (@alrahbi5) March 2, 2022
وأضاف "لو كان الانتقالي يثق بأنه الكيان الأساسي الممثل لمجتمع الجنوب، لما شعر بالقلق من وجود أي نشاط أخر يتحرك بطريقة مدنية، إنهم يدركون في أعماقهم أن وجودهم مفروض بطريقة فوقية غير قادرة على التغلغل بسلاسة في المجتمع ولهذا يحمونها بالحديد والنار والاقتحامات والمصادرات والمليشيات".
تجمع المجلس الانتقالي وحزب المؤتمر بما فيه مكتب طارق صالح السياسي أرضية واحدة، هي الدعم الاماراتي، الأمر الذي يجعل من مداهمة مقرات المؤتمر والهجوم الاعلامي على مكتب صالح، إثبات لطريق انتهجه الانتقالي منذ تأسيسه في في مايو/أيار 2017 في الدكتاتورية والانفراد بالسلطه.
يقول الصحفي هائل البكالي في تغريدة عبر موقع تويتر أن "اقتحام مقر المؤتمر في عدن مؤشر إضافي على خطورة محاولات القضاء على الحياة السياسية، وملشنة المجتمع".
اقتحام مقر المؤتمر في #عدن مؤشر إضافي على خطورة محاولات القضاء على الحياة السياسية، وملشنة المجتمع.
— هائل البكالي (@hailalbakaly) March 2, 2022
سقوط مبكر
وكما جاء في الحكاية الشعبية "الأسد والأثوار الثلاثة" تعامل المجلس الانتقالي مع القوى السياسية في المحافظات الجنوبية، إذا بدأ حربه مع حزب الإصلاح حيث أحرق مقراته وصفى عدد من قياداته وأعضائه، في عدن ومحافظات أخرى.
كما فرض الانتقالي نفسه وصيا على الشعب في المحافظات الجنوبية، وممثلا وحيدا للقضية الجنوبية، متجاوزا كافة المكونات الجنوبية، التي سبقته بعقود في النضال، والعمل السياسي، كحراك حسن باعوم وفصيل الرئيس علي سالم البيض ومكون الرئيس علي ناصر محمد، ومجلس فؤاد راشد، بالإضافة إلى مجلس المقاومة الجنوبية بقيادة الوزير نائف البكري، وائتلاف المقاومة الجنوبية برئاسة الشيخ العيسي.
وأخيرا بدأ الانتقالي تصفية حساباته مع المؤتمر ومكتب طارق صالح السياسي بعد أشهر من العسل وتصريحات الدعم والاستعداد للتعاون العسكري من الطرفين، حيث شن هجوما حادا ولاذعا على "المكتب السياسي" بعد إشهار فرعه في محافظة شبوة بمشاركة شخصيات مؤتمرية، وقبلها اعترض على فعالية نسوية لحزب المؤتمر في شبوة، ووصل الأمر لاقتحام مقر الحزب في عدن والسيطرة عليه.
ويرى المحلل السياسي اليمني، علي الذهب، أن "المجلس الانتقالي الانفصالي، في عدن، يوسع دائرة خصومه، لتشمل المؤتمر الشعبي، والمقاومة الوطنية، بعد ما أعلن حربه على حزب الإصلاح، وقد يصل الأمر إلى بقايا الاشتراكي والناصري والبعث، هؤلاء السبعة النفر الذين دفعت بهم الصدف والدراهم إلى الواجهة، يسقطون، مبكرين، في أول الطريق".
المجلس الانتقالي الانفصالي، في عدن، يوسع دائرة خصومه، لتشمل المؤتمر الشعبي، والمقاومة الوطنية، بعد ما أعلن حربه على حزب الإصلاح، وقد يصل الأمر إلى بقايا الاشتراكي والناصري والبعث.
— علي الذهب ALI AL-DAHAB (@ali_al_dahab) March 1, 2022
هؤلاء السبعة النفر الذين دفعت بهم الصدف والدراهم إلى الواجهة، يسقطون، مبكرين، في أول الطريق.
مفترق طرق
وجد الانتقالي نفسه فجأة في مفترق طرق، بين تحقيق حمله المتمثل في الانفصال بالجنوب عن الشمال، وبين الرضوخ لرغبة الامارات في تمكين أسرة الرئيس علي صالح، الأمر الذي خلف تخبطا واضحا في خطاب ومشروع الانتقالي السياسي.
يرى رئيس تحرير موقع "المشهد الجنوبي" صالح منصر اليافعي أن الإمارات استخدمت الانتقالي "كمطية وسلم عبور لعودة أسرة عفاش إلى الحكم" لافتا إلى أن "الانتقالي قدم الأوهام فقط لأنصاره بعكس المشروع الذي وجدوا من أجله بأنهم سيستعيدون دولة الجنوب، لكن أفعالهم على الواقع كانت مغايرة تماما وهو ما بدا واضح وجلي خلال الفترة الأخيرة من خلال تمدد طارق عفاش وقواته وتسليمه محافظة شبوة على طبق من ذهب وهو ما خلق صدمة لأنصار الانتقالي أنفسهم".
وفي حديثه لـ"المهرية نت" أشار اليافعي إلى أن الانتقالي "اليوم يحاول تسويق الوهم لأنصاره من خلال اقتحام مقر المؤتمر في عدن وبالبيانات التي يصدرها، وكان الأحرى بهم أن يقدموا استقالاتهم من المؤتمر إن كانوا صادقين، فأغلب قيادات الانتقالي ينتمون إلى حزب المؤتمر الشعبي العام وهم أصحاب القرار داخل أروقة المجلس الانتقالي".
وأكد أن الانتقالي لا يمثل الجنوب وقضيته بل أضر بها، فمنذ أن وجد هذا المكون عادت الصراعات المناطقية وزادت فجوة الخلافات وعاد الجنوب إلى ماضيه الدموي، بحسب اليافعي، مضيفا " أوجدتهم الإمارات ودعمتهم بالمال والسلاح وهو ما جعلهم يدعون بأنهم الممثل الشرعي للجنوب، مستخدمين آلة القمع ضد معارضيهم وضد المكونات الجنوبية الأخرى، ولم يضعوا اي اعتبار للقيادات الجنوبية التي كانت السباقة في الحراك الجنوبي".
تناقض عجيب
ولفت اليافعي إلى حالة الانفصام التي يعيشها الانتقالي عندما "قاموا بشن حروب على الجنوبيين المؤيدين للشرعية باعتبارهم خونه، مقابل ذهابهم وانضمامهم للشرعية وتقلدهم مناصب فيها بدعوى أن هذا يصب في مصلحة الجنوب، تناقض عجيب"
وبحسب اليافعي فإن الإمارات اختارت الانتقالي بعناية ووجدت فيهم ضالتها، فقاموا "بتهميش القيادات الجنوبية المؤهلة العسكرية والمدنية واستبدلوهم بالبلاطجة وقيادات كرتونية صنعوها، وحولوا عدن إلى زريبة للأسف الشديد، دمروا كل ماهو جميل في عدن لا خدمات لا أمن لا أمان".
من جانبه يعتقد الكاتب والمحلل السياسي عمر بن هلابي أن الانتقالي صنع لمشروع خاص بالإمارات، وهو "محاربة القوى والتنظيمات الإسلامية تحت مسمى محاربة الإرهاب، لتتمكن من إعادة الفصيل اليمني الذي اعتقدت انه سيحافظ على مصالحها ومصالح من يدعمها من القوى الدولية وهم -الفصيل اليمني- جناح المؤتمر الشعبي العام التابع لأحمد علي صالح".
وأكد بن هلابي خلال حديث خاص لـ "المهرية نت" أن "الانتقالي هو الأداة الفعالة للوصول لهذا الهدف، ولهذا نجده الان يدعم الفوضى ويحرك المسيرات المناهضة للدولة في المناطق الشرقية حضرموت والمهرة ليمهد للتغير فيها بما يمكن آل عفاش وجناحهم في المؤتمر للسيطرة عليها كما فعلوا في شبوة".