آخر الأخبار
السلاح المنفلت يواصل مصادرة الأرواح في تعز.. من المسؤول؟!
الاربعاء, 20 مايو, 2020 - 11:06 مساءً
رغم الجهود التي تقوم بها الأجهزة الأمنية في مدينة تعز، في ظل إمكانيات محدودة، إلا أن جرائم القتل لم تتوقف، بل أضحت دائرة انتشارها تتوسع يوما بعد آخر، بسبب السلاح المنفلت، وغياب دور القضاء في الفصل بالنزاعات، وإنزال العقاب على المجرمين.
تأخر عن تقديم طلبه فقتله!
أحدث جرائم القتل التي شهدتها المدينة، بسبب السلاح المنفلت، جرت في الـ14 من شهر مايو / آيار، الجاري، وسببها أن مالك كافتيريا في منطقة الحصب، تأخر عن إنزال طلب أحد المسلحين، فكان عقابه القتل بدم بارد، وسط ذهول الجميع، في مشهد يختصر حالة الانفلات التي وصلت إليها المدينة.
جريمة مقتل مالك الكافتيريا لم تكن الأولى، ولن تكون الأخيرة، في حال استمرت الأوضاع على ما هي عليه، واكتفاء الأجهزة الأمنية بالتفرج، دون إيجاد رادع يمنع تكرار جرائم القتل، ويجعل القتلة عبرة لغيرهم، ولكل من تسول له نفسه ارتكاب الجريمة.
يقول الناشط عارف العبسي معلقا على الجريمة، " من أجل قلص ليم يُقتل صاحب بوفية الزبيدي بالحصب وما دام لا يوجد أي قاتل سيتم القصاص منه فانتظروا المزيد من القتل على أبسط الاشياء .
وتابع في منشور له على الفيس بوك " لن يتوقف القتل الا بعد ان يفكر حامل السلاح مليون مرة قبل ان يفتح أمان سلاحه ويدرك أن رأسه سوف يقرح مباشرة بعد الطلقة (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب).
من المسؤول؟
"المهرية نت" تواصلت مع إدارة الأمن، والتي بدورها ألقت باللآئمة على قيادة المحور، وأوضحت أن معظم جرائم القتل التي تحدث، سببها السلاح المنفلت بأيدي أفراد غير منضبطين في الجيش الوطني، موجهة التحية والتقدير للجنود المرابطين في الجبهات وللتضحيات التي يبذلونها دفاعا عن المدينة".
وقال مصدر في الشرطة لـ" المهرية نت" مفضلا عدم الكشف عن هويته كونه غير مخول بالتصريح للإعلام،" إن جهود إدارة الأمن تصدم بعدم التجاوب من قبل قيادة المحور في إلزام قادة الألوية العسكرية بمنع أفرادهم من حمل السلاح في الأسواق والشوارع العامة".
وأضاف " بذلنا جهودا كبيرة ليس من اليوم، بل من قبل أكثر من عام، وعقدنا لقاءات مع قيادة المحور مرارا وتكرارا، وخرجنا بتوصيات ملزمة، إلا أننا لم نرها على الأرض، ولو لاحظت لوجدت أن معظم من يحملون السلاح هم أفرادا في الجيش، وهذا يعرقل جهودنا في الشرطة بضبط حمل السلاح.
واستدرك قائلا " صحيح أن إمكانياتنا محدودة بسبب الحرب التي دمرت كل شيئ، وصحيح أننا في حالة حرب، وأن الأسباب وراء انتشار الجريمة كثيرة، وليست محصورة في حمل أفراد في الجيش للسلاح، لكن منعهم من حمله في الأسواق مفتاح أولي للحل، ويسهل علينا ملاحقة المجرمين المتسترين، ويساهم في الحد من الجريمة.
إحصائيات
أحدث تقرير حقوقي مختص بتوثيق حالات القتل والانتهاكات في مدينة تعز، رصد 69 جريمة قتل وإصابة طالت مدنيين في المحافظة ، خلال أبريل الماضي، ارتكبتها عدد من الأطراف، تصدرت مليشيات الحوثي الانقلابية القائمة، بواقع 28 جريمة قتل مدنيين، بينهم 7 أطفال و9 نساء، وإصابة 41 آخرين بينهم 10 أطفال و12 امرأة.
وبحسب التقرير الصادر عن مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان، تسبب مسلحون خارج إطار الدولة بمقتل مدنيين اثنين أحدهما برصاص مباشر والآخر إعدام، فيما تسبب أفراد يتبعون فصائل في الجيش بمقتل مدني واحد بالرصاص المباشر.
كما تسبب مسلحون خارج إطار الدولة بإصابة 5 مدنيين بينهم امرأة، فيما أصيب 5 مدنيين آخرين بينهم طفل جراء الاشتباكات بين الجيش ومسلحين خارج إطار الدولة، وتسبب أفراد في الجيش بإصابة 3 مدنيين بينهم طفل جراء الضرب المبرح فيما أصاب أحد أفراد الجيش مدني آخر بالرصاص المباشر، فيما أصيب مدنيين اثنين برصاص مسلحين مجهولين، بحسب ذات التقرير.
المحور يرد
مصدر في مكتب قائد محور تعز، أكد أن قيادة المحور تواصل بذل جهود كبيرة في هذا الإطار، ولديها اجتماعات كثيرة، وخرجت بقرارات، وأوامر واضحة في هذا الشأن، وتعمل على وضع آلية لتطبيقها، وإلزام أفراد الجيش بعدم حمل السلاح والخروج به للأسواق".
وأضاف المصدر لـ" المهرية نت " أن تحميل قيادة المحور المسؤولية كاملة غير صحيح، مشيرا إلى أن أفراد الجيش معظمهم ملتزمون، ومرابطون في جبهات القتال، وما يحدث هنا أو هناك، حالات شاذة، ولا تعبر عن سلوك الجيش ككل، الذي ترابط قواته وتبذل دمائها رخيصة في سبيل حماية المدينة وأمنها".
وأقرّ أن الكثير من المشكلات يقف وراءها عدم التزام ومعرفة بعض الأفراد بقانون وأديبات الجندية، وهذا عائد إلى أن الكثير منهم لم يخضع لدورات تأهيلية، وحمل سلاحه مباشرة من البيت إلى الجبهة للدفاع عن المدينة، وجهودنا في هذا الجانب تسير على قدم وساق، لكنا نواجه صعوبات لأسباب كثيرة".
ونفى المصدر أن تكون كل جرائم القتل يقف خلفها أفرادا بالجيش(غير منضبطين)، فهناك جرائم قتل لا علاقة لأفراد الجيش بها من قريب أو من بعيد، ويقف خلفها مطلوبون أمنيا، وخارجون عن الدولة، ونحن في قيادة الجيش نعمل جنبا إلى جنب مع إدارة الأمن للمساعدة في ضبط هؤلاء، ونساهم في عمليات تثبيت الأمن والاستقرار وإنهاء حالة الفوضى التي تسببت بها الحرب التي تشنها المليشيات.
أسباب وحلول
المحامي ياسر المليكي قال إن المشكلة يكمن وراءها عدم الانضباط العسكري، وتفلت التسليح الذي اعطي للبعض واستخدم في غير الغرض المخصص له، مؤكدا أن جذور المشكلة عدم انضباط القوات العسكرية وعدم قدرة القيادات العسكرية على ضبط الأفراد.
وأضاف المليكي في تصريح لـ" المهرية نت" أن المشكلة الأخرى هي في رأس الهرم الأمني وضعف الإمكانيات، مشيرا إلى أن التفلت في العمل الأمني، شجع المخلين بالأمن وأرباب الجريمة والسوابق في تماديهم باستخدام السلاح، في ظل وجود سلاح يتدفق من عدة جهات تزامنا مع عودة أعمال التهريب بوتيرة عالية لكثير من الجماعات المسلحة.
ومن الأسباب بحسب المليكي، هو ضعف عمل السلطة القضائية في إيقاع العقاب على المجرمين وهذا يعود للإمكانيات والضعف الأمني الحامي للسلطة القضائية.
متوقعا أنه في حال استمرت الأمور على ماهي عليه، فإن منسوب الجريمة سيرتفع، وتتنظم أكثر جماعات الجريمة، وسنشهد جرائم خاصة تتعلق بزعزعة امن المحافظة بشكل عام، وسيتسلح الكثير حفاظا على أرواحهم وممتلكاتهم، ولن يستطيع الأمن عمل شيئا ما لم يتدارك الوضع.
ورأى المليكي أن الحل عسكري وأمني، أما العسكري يبدأ في توحيد القوات وترقيم المعدات وضبط الأفراد، واستخدام القوانين العسكرية في الضبط والردع، فيما الحل الأمني يبدأ بتنفيذ حملات أمنية مشتركة مع القوات العسكرية ضد السلاح المنفلت من الجميع، ومنع حمله في الأسواق والشوارع.