آخر الأخبار

تحذيرات من كارثة صحية.. الفيروس المستجد يهدد تعز وسط تخاذل رسمي وتهاون مجتمعي

تعقيم في إحدى مستشفيات تعز_ارشيف

تعقيم في إحدى مستشفيات تعز_ارشيف

المهرية نت - تعز_ تقرير خاص
الإثنين, 18 مايو, 2020 - 01:07 مساءً

في الثاني من شهر مايو / أيار، الجاري، أعلنت وزارة الصحة بالحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، تسجيل أول حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا في مدينة تعز  المكتظة بالسكان جنوب غربي البلاد.

 

 ومنذ ذلك الوقت لاتزال الإجراءات الاحترازية من تفشي الفيروس في المدينة منعدمة، سوى قرارات لم تجد طريقها إلى التنفيذ الفعلي والصارم من قبل السلطات المحلية.

 

وتعاني مدينة تعز، القابعة تحت الحصار الحوثي منذ خمس سنوات، انهيارا كاملا في القطاع الصحي، وغياب الإمكانيات الطبية، بسبب الحرب المستمرة بين الجيش الوطني المدعوم من التحالف العربي بقيادة السعودية، وبين مليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة إيرانيا، منذ ستة أعوام.

 

*قرارات دون تطبيق*

غداة تسجيل الحالة الاولى مطلع مايو الجاري، أعلن محافظ تعز نبيل شمسان جملة إجراءات احترازية، شملت إغلاق المنافذ البرية بين محافظات عدن ولحج ومحافظة تعز باستثناء دخول البضائع والمواد التموينية، للحيلولة دون انتشار الفيروس، وإغلاق المساجد والأسواق ومنع التجمعات الكبيرة، ووجه الأجهزة الأمنية بمتابعة تنفيذ تلك القرارات.

 

ورغم مرور أكثر من 15 يوما على صدور تلك القرارات، إلا أنها لم تجد طريقها للتنفيذ الفعلي على أرض الواقع، في ظل تخاذل رسمي، الأمر الذي يعرض سكان المدينة إلى مخاطر جمة، ويتسبب بانتشار الوباء، في المدينة التي تنعدم فيها الإمكانيات، ويخنقها الحصار الحوثي.

 

عدم تنفيذ القرارات يقف وراءها كما يبرر المسؤولون عدم توفر الإمكانيات، فيما يرى أخرون صعوبة في ذلك حيث أن سكان المدينة لا يستطيعون البقاء في المنازل، ويعتمدون كغيرهم من المحافظات اليمنية على الدخل اليومي، ما يجعل بقاءهم في البيوت دون توفير احتياجاتهم أمر بالغ الصعوبة.

 

يقول الناشط أنور المقبلي، إن "تنفيذ قرارات السلطة المحلية فيما يخص مواجهة كورونا، أمر ليس بالسهل، في ظل الظروف والاوضاع الصعبة التي تشهدها المدينة، من حرب وحصار، وانعدام مقومات الحياة، إلا أن ذلك لا يعني ترك الحبل على الغارق من قبل السلطات".

 

ويضيف المقبلي في تصريح لـ" المهرية نت" " صحيح أن المواطنين لن يقبلوا بتقيد حركتهم، ومنعهم من ممارسة أنشطتهم اليومية التي تمكنهم من البقاء على قيد الحياة، لكن واجب السلطات لا يقتصر فقط على الإغلاق الكلي للشوارع والأسواق، فهناك إجراءات ممكنة التطبيق، مثل نقل الأسواق وخاصة أسواق القات إلى خارج المدينة، ومنع التجمعات الكبيرة والزحام، الأمر يحتاج الى تنظيم، وسيكون ممكنا".

 

وأكد أن ترك الامور على ماهي عليه خاصة بعد تسجيل المحافظة 4 حالات مؤكدة، واحدة منها لأحد أصحاب محلات الملابس، يعني أن الوباء ينتشر في أوساط المجتمع وفي الأسواق، دون أن يشعر به أحد، وستفيق السلطات على وقع الكارثة وحينها ستخرج الامور عن السيطرة وسيحدث ما لا يحمد عقباه، لا قدر الله".

 

*إمكانيات منعدمة*

يقول مدير عام مكتب الصحة بالمحافظة الدكتور راجح المليكي، إن الإمكانيات الحالية والمتوفرة في مدينة تعز لمواجهة الوباء لا ترتقي لأبسط المعايير الصحية التي تعتمدها منظمة الصحة العالمية.

 

وأوضح في مؤتمر صحفي سابق ان كل الامكانيات المتوفرة في المرافق الصحية الحكومية الى جانب الدعم الذي وصلها هي 11 جهاز تنفس صناعي و 40 سرير عناية مركزة فقط ومركزي عزل".

 

ومنذ إعلان الحرب والحصار الحوثي على المحافظة، تم استهدفت البنى التحتية لمختلف القطاعات وبالذات قطاع الصحة، وأضحت المرافق الصحية تفتقر الى ابسط المستلزمات لمعالجة المرضى، فكيف لها أن تواجه فيروس كورونا عجز العالم المتقدم عن مواجهته.

 

وبحسب مصادر طبية تتواجد أكثر من 150 حالة مشتبهة، بسبب مخالطة حالات مؤكدة، وتخضع للحجر المنزلي الطوعي تحت إشراف فريق الاستجابة السريعة، في الوقت الذي لم يتمكن المختبر المركزي إجراء الفحوصات بسبب نفاد المحاليل الخاصة بالوباء.

 

وقال الناطق باسم لجنة الطوارئ في المحافظة الدكتور أحمد منصور، إن قيادة مكتب الصحة والسكان وإدارة المختبر المركزى في تواصل مستمر مع منظمة الصحة العالمية من أجل سرعة إرسال المحاليل الخاصة بفحص العينات للحالات المشتبهة.

 

وأضاف أن المختبر يقوم بإجراء مختلف الفحوصات ومنها فحوصات كورونا الا انه يفتقر للمحاليل الخاصة بذلك ، حيث لم يتلق من منظمة الصحة العالمية سوى 50 فحصاً فقط الأمر الذي انتهج معه المركز سياسة الترشيد لمواجهة أسوأ الظروف.

 

وأوضح منصور أن المختبر المركزي يحتاج 25 ألف فحص لكل مليون شخص وفقا لمعايير الصحة العالمية ، أي أن تعز تحتاج إلى 100 الف فحص إذا ما تم اعتبار عدد سكانها 4 ملايين نسمة.

 

وبين أن منظمة الصحة العالمية تقول إنها عجزت عن إرسال المحاليل بسبب الأحداث الدائرة في محافظة أبين، لافتا إلى أنه تم التواصل مع المختبر المركزي بمدينة المكلا، وتم دعم المختبر المركزى في تعز، بخمسين فحص خاص بالفيروس.

 

*تهاون مجتمعي*

الأمر الأشد خطورة في ظل هذه الأزمة الكبيرة التي يمر بها القطاع الصحي في المحافظة، هو عدم المبالاة المجتمعية، وعدم الالتزام بالإجراءات الوقائية، وغياب فرق التوعية، فالحياة تسير هنا بشكل طبيعي.. الأسواق مزدحمة خاصة مع اقتراب عيد الفطر المبارك، والمساجد مفتوحة وكل شيئ يسير كما هو وكان شيئا لم يكن ".

 

يقول الدكتور هزاع القدسي، إنه رغم التحذيرات المحلية والعالمية من خطورة الوباء، إلا أن المجتمع اليمني ليس فقط لم يلتزم بالإجراءات، بل لا يزال غير مقتنع ان هناك فيروس كورونا، وكل مواطن تحول إلى طبيب يفتي في شؤون الطب دون وعي أو مسؤولية ".

 

وطالب الطبيب القدسي في تصريح لـ" المهرية نت" الجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني والفعاليات المختلفة، توجيه كل جهودها نحو توعية المجتمع بخطورة الوباء، والعمل على الارتقاء بوعيه الصحي، وإرشاده إلى حماية نفسه واهله وأبناء محيطه".

 

كما " طالب بتوفير المستلزمات الخاصة بالأطباء حتى يتمكنوا من القيام بأدوارهم في إنقاذ حياة المواطنين، مشيرا إلى أن الأطباء متخوفون، وفي حال لم يتم توفير المستلزمات المعروفة قد يضطرون إلى عدم الذهاب للمستشفيات وسيكون لهذا الأمر ضررا بالغا، وعلى الجهات الرسمية إيلاءه اهتماما كبيرا".

 

وقال إن النظرة المجتمعية القاصرة والخاطئة للوباء جعلت الناس ينفرون من كل يتعلق به حتى مجرد التوعية، حيث أصبح من يصاب بالفيروس كأنه ارتكب جرما، وعارا، ووصل الأمر بأحد المصابين أن يستعين بمسلحين ويفر من مركز العزل.. نحن نعيش في مجتمع معظمه غير متعلم، وينعدم فيه الوعي الصحي، وهذا سيكون له أضرارا بالغة وسيضاعف المأساة.

 

ودعا المواطنين إلى الحذر والالتزام بإجراءات الوقاية، وتجنب أماكن الازدحام قدر الإمكان، والالتزام بالكمامات وغيرها من ادوات الوقاية في حال الخروج للضرورة، للحفاظ على أنفسهم وعائلاتهم فالوباء لا يرحم.

 

وسجلت وزارة الصحة اليمنية منذ العاشر من أبريل، وحتى أمس الأحد، 128 حالة بينها 20 حالة وفاة في 9 محافظات خاضعة لسيطرة الشرعية.


تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية