في السادس والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني صدر قرار  جمهوري بتعيين محافظ جديد ل "شبوة" في ظل  تردٍ كبير في الأوضاع الخدمية والأمنية في المحافظة وهيمنة التشكيلات المسلحة المدعومة إماراتياً على المشهد العام ، وانحياز المحافظ السابق لمشروع " أبو ظبي" على حساب السلطة الشرعية اليمنية .

قرار الرئيس " هادي" بتعيين " محمد صالح بن عديو" محافظاً ل"شبوة " ترافق مع تصاعد ملحوظ للصراع بين السلطة الشرعية ودولة الإمارات التي تتحكم بشكل كبير في أوضاع المحافظات الجنوبية  ، حيث حرصت الأخيرة على تعزيز نفوذها في محافظة " شبوة " الغنية بالموارد بشكل خاص منذ بداية تدخلها العسكري في " اليمن" ضمن " التحالف" الذي تقوده " السعودية" لمواجهة جماعة الحوثي المدعومة من " إيران".

ونجح " بن عديو" بعد ذلك في تحقيق رهان الرئيس " هادي" من خلال تقليص النفوذ الإماراتي في المحافظة ، وصولاً إلى هزيمة التشكيلات العسكرية الموالية للإمارات ، خصوصاً ما يعرف ب" النخبة الشبوانية" ، بعد معارك عنيفة شهدتها المحافظة في أغسطس/آب 2019 . 

كم استفاد "بن عديو" من إيرادات " شبوة"  في إطلاق حملة تنموية في المحافظة غيرت الكثير في أوضاعها الخدمية التي بقيت متدنية طوال عقود ، الأمر الذي جعل من " شبوة " مقصداً لمائات الآلاف من اليمنيين في ظل استمرار الحرب وتدهور الأوضاع في غالبية محافظات البلاد الأخرى .

نهضة تستحق الدعم 

ويستعيد الليلة العشرات من الناشطين والصحفيين المهتمين بالأوضاع في " شبوة" قرار تعيين " بن عديو" من خلال حملة إلكترونية تحت وسم " شبوة3أعواممن_التنمية#)، بغرض دعم المحافظ الذي يتعرض لهجوم متواصل من قبل إعلاميين ومنصات إعلامية موالية لدولة " الإمارات" كإجراء انتقامي ضد رفضه المتواصل لسياسات " أبو ظبي" في " اليمن" وتواجد قواتها في "شبوة" بشكل خاص .

الحملة الإلكترونية تستهدف عرض إحصائيات وصور عن  المشاريع التنموية والخدمية التي تحققت منذ تولى " بن عديو" زمام السلطة المحلية في "شبوة" ، وتتزامن أيضاً مع تحركات لشخصيات قبلية مدعومة إماراتياً هدفها الضغط على المحافظ وزعزعة استقرار المحافظة التي نعمت باستقرار نسبي طوال السنوات الثلاث الماضية، فيما عدا الاحتقانات المتقطعة التي كانت ولا زالت تتسبب بها مليشيات " الانتقالي" .

وبعيداً عن الحملات الإلكترونية المنظمة ، تحدث الشاعر " عبد العزيز العتواني" لموقع " المهرية نت" عن تجربة 5 سنوات من إقامته في "شبوة" التي ابتدأت أواخر 2016 ، واصفاً التغييرات التي حدثت  بعد تقلد " بن عديو" لمنصبه ب" اللافتة والمثيرة للإعجاب " .

"العتواني" وهو طالب يستعد للتخرج من " كلية النفط والمعادن" في " شبوة"  والتي تتبع في الأساس " جامعة عدن" استعاد خلال حديثه ما كان عليه المكان عندما قدم إلى " شبوة" أول الأمر ، حيث " كان هناك الكثير من ملامح الصحراء مهيمنةً على (عتق) عاصمة المحافظة ." 

"حمل السلاح كان أكثر شيوعاً ، والوضع الأمني كان سيئاً ، أما بالنسبة للعملية التعليمية فيكفي أن أقول لك أن غبار الصحراء كان يملأ قاعات الكلية ، ووسائل المواصلات لا تستطيع أن تقترب أكثر تجاه مبنى الكلية بسبب انعدام الطرقات خارج الخط الرئيسي . هذه المشاكل لم تعد موجودة بعد رصف المساحات داخل الكلية وخارجها " تابع العتواني .

وعلق العتواني أيضاً على الحركة التنموية خارج أسوار الكلية مثل زفلتة  وإنارة الشوارع وتشجيرها ، والزيادة الملحوظة  في عدد الفنادق والمشافي ، وهي حركة جذبت انتباه الإعلام الدولي والمحلي خلال السنوات والأشهر الماضية ،  واستقبلت المحافظة  أواخر العام الماضي نخبة  من الإعلاميين الدوليين .  

نقطة تحول 

ما حدث داخل " شبوة " خلال السنوات الماضية دفع بعض المراقبين لاعتبار أن قرار تعيين " بن  عديو" كمحافظ للمحافظة كان نقطة تحول في تاريخ المحافظة ، كما أن النظر إلى أوضاع المحافظات اليمنية الأخرى ، خصوصاً التي كان يُنظر إليها سابقاً كمراكز حضرية للبلاد وما أصبحت تكابده حالياً  من تردٍ مستمر ،  يصب في رصيد الإدارة المحلية ل " شبوة" ، والتي انتزعت للمحافظة مكاناً رائداً في قائمة المدن المدنية خلال وقت وجيز .

الكاتب الشبواني " يسلم البابكري" وصف ما كان عليه الحال في " شبوة"  لحظة تعيين " بن عديو" لإدارة بقوله أن " التحدي كان كبيراً ، فالملف الأمني شائك ومعقد فما يزيد عن 70٪ من جغرافيا شبوة تُحكم بعيداً عن الدولة ، والملف الخدمي والتنموي والإداري أشق وأصعب ، والصورة سوداء قاتمة لا أفق يمكن رؤيته" .

وكان التحدي الأول الذي واجهه " بن عديو" فور تعيينه بقرار رئاسي هو تمرد المحافظ السابق " علي بن راشد الحارثي"  ورفضه تسليم "القصر الجمهوري"  للمحافظ الجديد ، قبل أن تتدخل وساطة قبلية لحلحلة الأزمة .

وعاد البابكري في منشور آخر له في صفحته على فيسبك ليفسر أن الاحتفاء الحاصل في  الذكرى الثالثة لتعيين " بن عديو" نابع من رؤية أبناء "شبوة" أن " تجربة الثلاث السنوات كانت رائدة ومتميزة وتستحق أن يفخر بها كل أبناء شبوة" ، وبالنسبة للمشاركين في إحياء الذكرى من المحافظات الأخرى فقد وجد "البابكري" أن موقفهم مفهوم كتعبير عن الاعتزاز ب" صلابة الموقف الوطني " الذي عبر فيه " بن عديو" عن تطلعاتهم جميعاً.