آخر الأخبار
اليمنيون يعاينون تبعات غياب دولتهم على جثة الشاب "السنباني" (تقرير خاص)
الشاب السنباني كان عائدا من امريكا لزيارة اسرته بعد سنوات من الاغتراب
الأحد, 12 سبتمبر, 2021 - 06:17 مساءً
أثارت جريمة تصفية الشاب "عبد الملك السنباني" من قبل عناصر تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي حزناً وسخطاً واسعين في أوساط اليمنيين، وعدّوها مثالاً صارخاً على مرحلة غياب الدولة وهيمنة المليشيا في بلدهم.
"السنباني" شاب في الـ 30 من عمره لقي حتفه في منطقة طور الباحة التابعة لمحافظة لحج، الأربعاء الماضي، فيما كان عائداً من الولايات المتحدة الأمريكية إلى صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون للقاء أهله الذين يعيشون هناك، وذلك بعد إيقافه من قبل نقطة عسكرية تتبع ما يسمى "اللواء التاسع صاعقة" التابعة للانتقالي المدعوم إماراتياً .
وعلى الرغم من وعود الانتقالي بالتحقيق في الحادثة وإيصال الجناة إلى العدالة، إلا أن طوفان التضامن مع "السنباني" بدا أكبر من أن يتم احتواؤه بتطمينات رئيس المجلس"الزبيدي" وتحول إلى ما يشبه مظاهرة جماعية تطالب بفرض سلطات الدولة على المناطق التي تهيمن عليها المليشيا سواءً في شمال اليمن أو جنوبه.
وتجددت الدعوات للحكومة اليمنية للعودة إلى العاصمة المؤقتة عدن، والعمل على فرض سيادة الدولة بدءاً من عدن نفسها، وتفعيل مؤسستي الأمن والقضاء بما يضمن صون حقوق اليمنيين التي ظهر أنها بلا وزن في حسابات سلطة الأمر الواقع هناك .
وتسيطر مليشيات تدعمها أبو ظبي على العاصمة المؤقتة عدن وكذلك محافظات لحج والضالع وسقطرى إضافة إلى أجزاء من حضرموت منذ تنفيذها انقلاباً على سلطة البلاد الشرعية وطردها الحكومة من عدن في أغسطس/آب 2019، في حين كان الحوثيون قد أسقطوا صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014 وسيطروا بعدها على معظم الشمال اليمني .
نهج وليس حادثة
جريمة تصفية "السنباني" أعادت إلى الواجهة أيضاً الأساس العنصري الذي قام عليه المجلس الانتقالي، والذي عادةً ما عبّر عن نفسه من خلال خطاب الكراهية الموجه تجاه المواطنين من شمال البلاد، ما تسبب بشكل رئيسي في تعرض الأخيرين لانتهاكات مستمرة من قبل مسلحي المجلس في مدن الجنوب أو الطرقات الواصلة بين شطري اليمن.
ورفض الصحفي اليمني "الخطاب الروحاني" اعتبار تصفية السنباني "جريمة جنائية أو قبلية" معتبراً إياها نتيجة لنهج اختاره المتطرفون المدعومون إقليمياً، في إشارة منه إلى المجلس الانتقالي الجنوبي.
الروحاني مضى أبعد من ذلك في تحميل المسؤولية للإمارات، والتي تشارك السعودية تدخلها العسكري في اليمن منذ 2015، حيث تابع في تغريدة له على تويتر "لا قبائل الصبيحة ولا عسكر النقطة المسؤولون عن الجريمة بل من خطط وسلح ومول المتطرفين، سلوكهم كان واضحاً والكل كان يتوقع ويحذر من هذه النتيجة".
سلطات الأمر الواقع
الصحفي "عمران فرحان" تعقب جريمة قتل الشاب السنباني وأمثالها إلى بذورها المغروسة في بداية الحرب، معتقداً أن "الكيانات الموازية والجماعات المسلحة التي أفرزتها الحرب بعوامل داخلية وتأثيرات خارجية" كانت سبباً في ضرب ما تبقى من شكل الدولة وساعدت في ظاهرة "الإفلات من العقاب".
"ما حدث للسنباني هو إحدى مخرجات هذه الكارثة، ولا تخفى تفاصيل ما حدث له، حيث كانت لهجته ولونه ومنطقته بمثابة جناية في نظر الكيانات الموازية المعادية للإنسان"، تابع فرحان حديثه لـ"المهرية نت".
ولم تسلم السلطة الشرعية الذي يُفترض بها تجسيد الدولة وسط هذه الفوضى من النقد أيضاً، حيث ساهم غيابها الطويل في المهجر في تعزيز حالة الضياع في أوساط تشكيلات عسكرية موالية لها، فضلاً عن أن المناطق التي يسيطر عليها الانتقالي نفسه محسوبة على الشرعية بصورة أو بأخرى.
وأضاف فرحان، وهو صحفي مهتم برصد الاختلالات الأمنية وعمليات القتل خارج القانون، أن الجنوح نحو الحالة الميليشاوية وردة الفعل على مثل هذه الجرائم أصبحت مقصورة على الرأي العام والحماس الذي سرعان ما يخبو، وعلى المدى البعيد فإن الرأي العام يمكن أن يغدو "بليداً في التفاعل مع جرائم القتل، وهو ما يراد له أن يحدث " بالنسبة للمليشيا.
تصدير الفوضى
وما ضاعف من سخط الناس هو أن الواقع يشير إلى أن المليشيا في حالة تمدد على عكس السلطة الشرعية التي ينحسر تأثيرها أكثر فأكثر، بحسب الصحفي عبد الله السامعي.
وأشار السامعي في تصريحه لـ"المهرية نت" إلى حالة الهجوم الحوثي على مأرب وتموضع القوات الحكومية في موقف المدافع، وهي صورة تتكرر أيضاً في الجنوب من خلال مساعي وكلاء الإمارات للتمدد في حضرموت على حساب المؤسسات الرسمية الأمنية والعسكرية هناك.
و"كأن ما يحدث في صنعاء وإب وعدن من فوضى وانفلات وقتل شبه يومي أصبح مكسباً مهماً حتى تسعى المليشيا لتصديره إلى شبوة ومأرب وصحراء ووادي حضرموت، وسط غياب ردة الفعل اللازمة من الحكومة والتحالف الذي من المفترض أن يدعمها" أضاف السامعي ساخراً.