آخر الأخبار
تراجع عسكري وانهيار اقتصادي وخيانة سياسية..خلاصة ثلاث سنوات من رئاسة "معين" للحكومة (تقرير خاص)
رئيس الوزراء معين عبدالملك - أرشيفية
الخميس, 09 سبتمبر, 2021 - 04:17 مساءً
نقضي الشهر القادم ثلاث سنوات من عمر تواجد معين عبد الملك في سدة رئاسة الحكومة اليمنية، وقد شهدت هذه السنوات الثلاث تردياً شاملاً من جميع النواحي، الاقتصادية والعسكرية والأمنية والسياسية، وتعرضت البلاد لخسائر متنوعة، بعضها غير قابل للإصلاح بحسب مراقبين.
عبد الملك جرى تعيينه في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2018، كثمرة لضغوط إماراتية بشكل خاص، ليحل محل رئيس الوزراء السابق أحمد عبيد بن دغر، والذي كان قد تصادم مع أبو ظبي في ملفات عدة، أبرزها سقطرى، والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً وميليشياته المتمردة في العاصمة المؤقتة " عدن" .
واستقبل الكثير من اليمنيين حينها خبر تعيين عبد الملك بالكثير من الارتياب لكون الرجل جاء أساساً حسب الأهواء الإماراتية السعودية، ولكونه شخصية مغمورة لا تتمتع بالكثير من الخبرة السياسية اللازمة للعمل في ظروف على مستوى عال من الخطورة كالتي يعيشها اليمن منذ قرابة 7 سنوات .
وسرعان ما كشف عبد الملك لليمنيين عن معدنه عندما صرح في 30 أكتوبر/تشرين الأول فور وصوله إلى عدن قادماً من الرياض أن تركيزه سينصب على الاقتصاد والخدمات وليس السياسة أو الملف العسكري والأمني، وهو ما عُدّ حينها دعوةً للإمارات وللسعودية لمتابعة تنفيذ أطماعهما في اليمن بأريحية في مأمن من أي معارضة لرئيس الوزراء الجديد .
وظهرت النتائج الكارثية لتعامي عبد الملك عن الملف الأمني باكراً وقبل مضي عام على استلامه منصبه، حيث تمكن المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً من السيطرة على عدن في أغسطس /آب 2019 بعد طرد الحكومة اليمنية منها، لتدخل اليمن في معمعة انقلاب ثانٍ بعد الانقلاب الأول الذي نفذه المتمردون الحوثيون في سبتمبر/أيلول 2014، والذي لا تزال تداعياته الكارثية جارية حتى اليوم بل وتزداد خطورة .
وتمكن الحوثيون في وقت باكر من العام 2020 من إسقاط محافظة الجوف اليمنية بعد أربع سنوات من تحريرها، وإلحاقها بمديرية "نهم" شرقي صنعاء والتي كانت تُعد في الحسبة العسكرية من أهم مكاسب الجيش الوطني اليمني، واعتُبر سقوطها بيد الحوثيين ضربة قاصمة للأمل الوطني في استعادة صنعاء من قبضة المتمردين المدعومين من إيران .
وعلى الصعيد العسكري نفسه، وصل العجز بحكومة معين عبد الملك حد التوقف عن دفع رواتب منتسبي القوات المسلحة اليمنية منذ عام كامل تقريباً، كما تزايدت شكاوى جرحى الجيش من امتناع البنك المركزي ومالية عبد الملك عن منحهم مستحقاتهم والمضي في استكمال علاجهم .
في تغريدة له على تويتر، سأل الإعلامي اليمني " زيد الشليف" رئيس الحكومة عن رواتب أفراد الجيش الوطني، مذكراً إياه بوعوده الأولى حول السياسة والاقتصاد: " قلت لا عليك من السياسة، قلنا تمام، لكن معاشات الجنود الأبطال واجب وليست سياسة فماذا نقول ؟ راتب معاش وكيل الوزارة يكفي لواء ."
ويتواجد عبد الملك مع عدد من الوزراء في حكومته خارج اليمن بعد طردهم مجدداً من " عدن" من قبل مجاميع مسلحة تدعمها الإمارات في مارس/ آذار من العام الحالي، وذلك بعد مضي شهرين ونصف فقط على عودتهم إليها موعودين بدعم وحماية من التحالف السعودي الإماراتي في أعقاب تغييرات في تركيبة الحكومة تمت بموجب " اتفاق الرياض"، حيث حصل الانتقالي على 5 حقائب وزارية في التشكيل الجديد .
ويُتهمُ عبد الملك من قبل مسؤولين ونشطاء سياسيين يمنيين بقابليته لابتلاع إهانات الإمارات والسعودية للسلطة الشرعية اليمنية، واستسلامه للتمردات المتكررة لوكلاء أبو ظبي في اليمن، كما يجري اتهامه أيضاً بالتبعية للسفير السعودي في اليمن " محمد آل جابر " .
وتمكنت الإمارات من انتزاع جزيرة " سقطرى " بشكل كامل في يونيو/أيار من العام الماضي مستفيدةً من ضعف الحكومة اليمنية تحت رئاسة عبد الملك، بعد أن كان ذلك قد استعصى عليها في عهد الحكومة السابقة التي كان يرأسها " بن دغر" ؛ كما وجدت أبو ظبي المجال سانحاً لإنهاء بناء قاعدة عسكرية في جزيرة يمنية أخرى هي "ميون" المطلة على باب المندب، بحسب المعلومات التي كشفتها وكالة " أسوشيتد برس" الأمريكية في أبريل / نيسان من العام الحالي .
وتهرب رئيس الوزراء من الإجابة على مسائلة وجهها له عدد من البرلمانيين اليمنيين حول ما يجري في "ميون"، وما حدث قبله في "سقطرى" من انتهاكات للسيادة اليمنية، حيث اكتفى بالوعد بالتحقيق في الأمر، لكن وعده هذا لم يكن أحسن حالاً من وعوده الاقتصادية .
"وجود معين عبد الملك على رأس الحكومة اليمنية في هذه المرحلة الحساسة يبعث على القلق حول مصير الشرعية بشكل عام . هذا الرجل تسبب بضرر بالغ لصورة الشرعية في أذهان اليمنيين، واستنزف قوتها على الواقع، " تحدث مازن عقلان لـ"المهرية نت".
عقلان، وهو صحفي وكاتب يمني، اعتبر أيضاً أن عبد الملك يمثل مرحلة جديدة من " ضعف واستضعاف الشرعية اليمنية من قبل حلفائها "، منوهاً لتنكر السعودية والإمارات لوعودهما بدعم حكومة عبد الملك اقتصادياً.
وكانت العملة الوطنية قد شهدت انخفاضاً متسارعاً في قيمتها أمام العملات الأجنبية وصولاً إلى 1100 ريال يمني مقابل الدولار الأمريكي الواحد في آخر تحديثات الانهيار الاقتصادي الحاصل، وهو ما يعني مزيداً من المعاناة يتجرعها المواطن اليمني المهدد بالمجاعة بحسب الإنذارات الأممية المتكررة .
وتابع عقلان " لا توجد زاوية واحدة مضيئة يمكن الإشارة إليها في عهد معين عبد الملك بالنظر إلى المسارات الأساسية الثلاثة للبلاد . تراجع عسكري، وانهيار اقتصادي، وخيانة سياسية."