آخر الأخبار

اتفاق ستوكهولم.. حسابات كلفة استئناف العملية العسكرية وثمن الهدنة (تقرير خاص)

المهرية نت - خاص
الثلاثاء, 17 مارس, 2020 - 06:03 مساءً

بعد أشهر قليلة من بدء عملية عسكرية وصلت القوات الحكومية المشتركة إلى الأطراف الجنوبية والشرقية لمدينة الحديدة، قادمة من الخط الساحلي الممتد من الخوخة إلى "منظر" جنوباً، وقطعت الخط الذي يصل المدينة بصنعاء وصولاً إلى ما بعد "مطاحن البحر الأحمر، باتجاه مدينة الصالح إلى الشمال الشرقي.

 

شهدت الأشهر الأخيرة من 2018، عمليات عسكرية واسعة، ونزوحاً على نطاق كبير، وتخطى عدد النازحين 100 ألف أسرة، حسب تقارير الأمم المتحدة، حيث شهدت المحافظة موجة نزوح إلى عدن وصنعاء وإب وذمار وبعض المحافظات الأخرى.

 

في السادس من ديسمبر 2018، انطلقت مفاوضات السويد، التي أسفر عنها اتفاق "ستوكهولم"، الذي دعا لوقف إطلاق النار في الحديدة، وإعادة انتشار القوات، بالإضافة إلى ترتيبات متعلقة بالأمن داخل المدينة والموانئ، وتبادل الأسرى، وتسهيل دخول المساعدات لتعز، ومثّل بارقة أمل لمئات الآلاف من المواطنين بالعودة إلى منازلهم وإنهاء حالة العنف التي شهدتها المحافظة لأشهر.

 

وعلى مدى 15 شهراً فشلت الأمم المتحدة في تنفيذ بنود الاتفاق، واكتفت بإعلان نشر 5 نقاط لمراقبة وقف إطلاق النار في أكتوبر الماضي، لكنها فشلت هي الأخرى في ضبط وتيرة المواجهات المسلحة، في الوقت الذي يتبادل طرفا المواجهات الاتهامات بخرق الهدنة الأممية.

 

الإمارات على الخط

وقف الاتفاق ضد أطماع الإمارات بالسيطرة العسكرية على آخر الموانئ المهمة في اليمن، بعد أن استحوذت على الموانئ الممتدة على البحر العربي وصولاً إلى ميناءي عدن والمخا، قبل أن "تعلن" الانسحاب التدريجي، فيما عمدت إلى تمكين نجل الرئيس السابق، طارق صالح في الحديدة، وعملت على تقليل نفوذ أي قوات أخرى، سواء تلك المرتبطة بالمقاومة التهامية، غير الموالية لطارق أو غيرها.

 

وربما تفسر هذه النقطة عدم إعلان الرئاسة والحكومة اليمنية، انتهاء العمل باتفاق ستوكهولم رسمياً، واستئناف العمليات العسكرية، رغم آلاف الخروقات، وسقوط آلاف المدنيين، واقتصر الدور الحكومي على تصريحات، وإن كان يعلو سقفها أحياناً، فهي تهدف، بحسب المتابعين، لمطالبة المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين.

 

إضافة لذلك، لم تنجح الحكومة اليمنية في تهيئة المناطق المحررة التي تتواجد فيها القوات الإماراتية أو القوات المدعومة منها، وهو ما يجعل المضي في معركة الحديدة، قبل إعادة النظر في الدور الإماراتي، ماهو إلا تمكين للقوات غير الخاضعة لسلطة الشرعية، وليس ببعيد انقلاب "الانتقالي" في عدن بدعم إماراتي، في أغسطس الماضي.

 

في مارس من العام الماضي، دعت الحائزة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان إلى تنفيذ اتفاق ستوكهولم وزيادة المساعدات الإنسانية إلى اليمن على وجه السرعة.

 

وأشارت كرمان، في كلمة ألقتها ضمن أعمال المؤتمر الدولي الخاص باليمن، في نيويورك، أن الوضع في اليمن بائس، ومن دون تأخير تحتاج كل أطراف الصراع إلى وقف أعمال القتل التي لا معنى لها، وإنهاء الحرب، لا سيما تجاه النساء والأطفال الذين يموتون بأعداد غير مسبوقة.

 

واتهمت كرمان السعودية والإمارات والحوثيين بتجاهل جميع القوانين الإنسانية الدولية، وارتكاب جرائم حرب في جميع أنحاء البلاد، داعية إلى ضرورة خضوعهم للمساءلة.

 

كلفة الحرب وثمن الهدنة

خلال فترة الهدنة الهشَة التي دعا لها "ستوكهولم" استفاد الحوثيون من الوقت، وعزّزوا مواقعهم على طول مناطق التماس، كما أظهرت فيديوهات مصورة، حقول ألغام، وسلسلة أنفاق بناها الحوثيون في المدينة والطرق المؤدية إليها.

 

تجعل هذه المعطيات العودة إلى العمليات العسكرية أمراً يجب أن تُحسب نتائجه أكثر مما مضى، حيث أن الكلفة الإنسانية ستكون أعلى بكثير من السابق، وقد تتحول المدينة إلى خراب، في ظل تمسّك الحوثيين بها باعتبارها متنفسهم البحري الوحيد، كما أن عودة بعض الأسر النازحة إلى المدينة، يفرض تحدياً آخر.

 

في الحالتين تبقى الخسائر المدنية قائمة، وفي ديسمبر 2019، قال وكيل أول محافظة الحديدة، وليد القديمي، إن الحوثيين دمروا مصانع كانت تستوعب أكثر من 40 ألف عامل، ويرتكبون الانتهاكات بحق المدنيين.

 

وقال في كلمة مصورة نشرها على حسابه في "تويتر" أن الوقت قد حان لعودة الحديدة إلى حضن الجمهورية، قبل أيام من اعتبار وزير الخارجية، محمد الحضرمي أن استمرار التصعيد العسكري الحوثي، يعد استغلالاً سيئا لاتفاق السويد والتهدئة في الحديدة ولكل جهود السلام، و"لم يعد ممكناً أن يستمر هذا الوضع المختل، ولن تسمح الحكومة باستغلال اتفاق الحديدة لتغذية معارك الحوثيين في الجبهات التي يختارونها".

 

الدبلوماسية الأممية

ورغم كل الخروقات لاتزال الأمم المتحدة تقول إنها حققت نجاحاً ملموساً في الحديدة، ويمضى المبعوث الدولي إلى اليمن، مارتن غريفيث، في مختلف مداخلاته بمجلس الأمن إلى الإيجابية، والدعوة للحفاظ على الاتفاق.

 

في ذكرى مرور عام على توقيعه، قال وكيل وزارة الشباب الذي رافق الوفد الحكومي في ستوكهولم، حمزة الكمالي، إن الاتفاق لم يرَ النور، ولن يتم تنفيذه نتيجة تعنت الحوثيين وعدم جدية الأمم المتحدة.

 

وأشار إلى أن هدف الحوثيين وقف عملية اقتحام الحديدة والمراوغة على عامل الوقت، داعياً الأمم المتحدة إلى اتخاذ موقف واضح، وتحديد الطرف المعرقل للاتفاق، حيث "إذا لم يشعر الطرف المعرقل أنه أجرم بحق الاتفاق والسلام، سيستمر فيما يقوم به ولن نرى سلاماً في اليمن"، وفق وكالة "شينخوا".

 

كان المتابعون يرون أن الاتفاق مجرد إعلان، حاولت من خلاله الأمم المتحدة تقديم نفسها كراعٍ للحل السياسي، وبعد ضغوط دولية قادتها بريطانيا، وبالتالي فإن فرصة نجاح الاتفاق ضئيلة جداً، وهو ما حدث حتى الآن، حيث تتحول المحافظة إلى بؤرة صراع قد تمتد لفترة أطول.

 

يحتاج الأمر إلى معجزة وجهود دولية مضاعفة لإنقاذ اتفاق السلام، وتنفيذ بنوده خاصة تلك المتعلقة بالانسحابات العسكرية وتسليم زمام الأمور في المدينة لقوات الأمن المحلية، وفق ما رأى المحلل السياسي مأرب الورد، لـ"الأناضول".

 

وبالفعل أصبح الاتفاق يمثل عقبة، ويتفق الكثير من المتابعين مع حديث للناطق باسم الحكومة، راجح بادي، قال فيه إن الاتفاق بات مشكلة وليس حلاً، مبينا أن الاتفاق وفر مظلة وغطاء للحوثيين في عملياتهم العسكرية، ولم تكن له أي آثار إيجابية.

 

مع الأيام يبدو أن ملف الحديدة يخرج من الطابع المحلي ليصبح في يد الدبلوماسية الدولية التي تمانع الحسم العسكري، وتغض الطرف عن الخروقات للهدنة، واستمرار معاناة آلاف المدنيين، وبالتالي لايبدو الوقت في صالح الحكومة الشرعية، حيث تشعبت جهودها بعد انقلاب "الانتقالي"، وصولاً لـ"اتفاق الرياض"، وباتت في مواجهة تحالف السعودية والإمارات، والتشكيلات العسكرية والأمنية التي أنشأها في عدن والمهرة وسقطرى، ومحافظات أخرى




تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية