آخر الأخبار

خذلان العالم لنساء غزة

الإثنين, 11 مارس, 2024

يحتفي العالم كله منذ 1977 بمناسبة اليوم العالمي للمرأة؛  تقديرًا لمجهودها السنوي ورفعًا لقدرها  في أوساط المجتمع الذكوري، هذه المناسبة التي يرونها عظيمة وملهمة لهم في لفت النظر لشأن المرأة والرفع من قيمتها داخل المجتمع، لكن السؤال الذي يطرحه كلُّ من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، هو:  كيف سينظر العالم - بهذه المناسبة- لما تعانيه نساء غزة من إبادات جماعية وتجويع ممنهج وأنواعٍ  كثيرة من العنف،  وليس تدني الأجور والتمييز اللذان كانا السبب الذي تم من خلاله تخصيص هذا اليوم للمرأة بعدما حدث  في 8 مارس 1908؛ "إذ  نظمت مجموعة من النساء العاملات في مدينة نيويورك، مسيرةً احتجاجيةً للمطالبة بتحسين ظروف العمل، وزيادة الأجور والمساواة بين الجنسين"، وقد تم الأمر بسلام؛ بل ويحتفل العالم بهذه المناسبة متباهيًا بدور المرأة،  مقدرًا لجهودها.

من المؤسف جدًا أن تأتي هذه المناسبة على نساء غزة وهن يعشن بين نيران الحرب المستعرة التي يشنها العدوان الإسرائيلي عليهن منذ السابع من أكتوبر، والتي راح ضحيتها آلاف من النساء اللاتي كن يطمحن بحياة مليئة بالهدوء والراحة، مجازر بشعة أحدثها الاحتلال بحق نساء غزة والعالم يتابع كل يوم ما استجد من الموت المرير ومن المآسي التي تجعل الولدان شيبًا.

خمسة أشهر منذ أن ارتفع  صراخ النساء في غزة،  منذ أن بدأت استغاثاتهن  تجوب العالم لعل أذنًا تسمع فيلبي صاحبها النداء ويكون نصيرًا ومدافعًا عن المظلومات من النساء في بقعة من بقاع العالم وهي أرض غزة الأبية الشامخة، خمسة أشهر ومواقف مأساوية تنشرها وسائل الإعلام يندى لها الجبين وتُبكي من كان قلبه حجرًا، أحداث عاشتها نساء غزة تشيب لها الرؤوس وما زالت تستغيث وتنادى العالم، لكن ذلك كله باء بالخذلان الكبير، وتركت النساء هناك للموت الذي أخذ الآلاف منهن، ولضربات الصواريخ والمتفجرات التي ترعب الملايين،  وللجوع الذي نهش أجساد أعداد من النساء  لا حصر لهن.

هل ستحرك هذه المناسبة الدماء في عروق العالم من القادة والفاعلين؟، هل سينظرون للمرأة الغزاوية التي تكابد مرارة الموت في كل لحظة؟

إنه وبمجرد ما نفكر أن العالم سينصف نساء غزة يصفعنا الواقع بإجابة وهي أنه لو كان العالم منصفًا لما تأذت نساء غزة بهذا الشكل المبكي، ولما استمر مسلسل الموت طوال هذه المدة، في ظل صمت مطبق منه،  فلا يوجد وجع أكبر من الوجع الذي تعيشه النساء هناك مع أطفالهن الذين يودعنهم بين فينة وأخرى أو يتخبطن في الحياة بحثًا عن كسرة خبز يسكتن بها بكاء أطفالهن، لا يوجد جرح أكبر من الجرح الذي يتوسط قلوب النساء هناك.

إن مناسبة اليوم العالمي للمرأة جاءت فقط  لتذكرنا  بتخاذل العالم مع القضايا الإنسانية، لتذكرنا بأن ساسة العالم يعملون على تسييس كل شيء فيقفون مع من يرغبون ومع الذي يجدون من ورائه المنفعة لهم، ويتركون كل ما دون ذلك حتى وإن كان أمرًا مهمًا وإنسانيًا من الدرجة الأولى،  ولو كان الأمر عكس ذلك لما قتلت تسعة آلاف امرأة في غزة بدم بارد وفي ظل صمت من العالم كله.
 

*المقال خاص بالمهرية نت*

المزيد من إفتخار عبده