آخر الأخبار

الراتب شريان الحياة للناس

السبت, 20 يناير, 2024

كيف لأحلامنا أن تنهار بكل هذه البساطة، فقدنا تطلعاتنا ولم يبق لنا غير التطلع لراتب، ولو كان حقيرا، فهو شريان الحياة الذي يغذي الأسر والأفراد ، يسد رمق الجائع للبقاء على قيد الحياة، لا كرامة لأمة تجوع، ولا كرامة لموظف براتب لا يكفي سوى وجبة واحدة في اليوم، ولا يوفر متطلبات العلاج الصحي والتعليم ومستلزمات البيت والأطفال وكبار السن، فكيف إذا ما انقطع هذا الشريان ؟!

اليوم ينتابنا شعور بخطر يهدد حياتنا كموظفين في القطاع العام، كوادر وكفاءات أفنت حياتها في خدمة هذا الوطن والمدينة عدن، الأرض التي تمرغنا بترابها، وكانت مصدر رزقنا وكرامتنا، حبنا وعشقنا، الأرض التي وهبتنا الهوية والشموخ والقناعة، والعفة والشرف، واليوم كل ذلك ينهار وننهار معه.

مع انهيار لفكرة الدولة الضامنة للحقوق والواجبات، انهيار بدأ بغياب العقل لتسود العاطفة والحماس غير الواعي، فدمرت المؤسسات كبنية، والمبادئ والأخلاقيات كقيم، شهدنا غضبا يدمر أعمدة النور وأشجار الزينة في الشوارع، وهرع المنحطون لنهب ما يمكن نهبه، من ممتلكات ومتنفسات وأراض ومنظمات المجتمع المدني، في معركة إسقاط فكرة الدولة، فأسقطنا النظام والقانون، فكان البديل اللامسؤولية واللامبالاة فأنتجنا كل هذا الخراب.
لا مسؤولية ولامبالاة أفسدت النفوس والعقول، لتسود الأطماع والمصالح الضيقة والأنانية، وأدواتها الرثة، في إهانة للعقل الجمعي، وتطلعات الأمة ، فلا غرابة أن يكون اليوم الموظف والمعلم والطبيب والمهندس والمثقف والمفكر مهان مسلوب الحقوق والمستحقات، لا يجد ما يخاطب من بقايا دولة وشظايا سلطات متناحرة، جشعة تنهب دون خجل، وتأكل ولا تشبع، والناس يفتقدون للخبز كافتقادهم للوطن، على أيدي هؤلاء.


الخبز هو الحياة، ولا معنى لوطن دون حياة، هل تدرك تلك السلطات هذا المعنى، أم أن حياتهم غير، لهم رغد العيش ولنا شغف العيش، لهم (أموال الدولة من دخل قومي والمشتقات النفطية والغاز وإيرادات دولة ومؤسسات وإعانات وقروض... وغيرها)، ولنا بنك لا تورد له تلك الأموال التي لا يعلم أحد أين تذهب، عندما تسأل مسؤولا أين إيرادات عدن؟ لا تجد جوابا شافيا وكافيا.


من المسؤول ألستم سلطة؟ وعلى ماذا؟
على بنك فاضي من الأموال، وأين إذا المال العام؟ هل من مجيب يرد على الناس، ليقول من يستخلص كل تلك الأموال، ولماذا لا تذهب لترفد البنك المركزي، وهل هناك بنك آخر خاص بكم، وأنتم غير معنيين ببنك المواطن وراتب المواطن، هل من حقنا أن نعرف كيف تصرف أموال الدولة ومن المعني بصرفها، إذا كان الراتب هو من أولويات الصرف، وعند السؤال نجد الكل يشكي ويبكي، وهذا عار في سلطة عاجزة عن تقديم راتب لموظف.


سلطة مع الأسف تتشدق اليوم أنها تمثلنا، هم مجموعة مثخنين بالفساد، تحسنت أحوالهم وأصبحوا أثرياء، حينما وصل المواطن للحضيض في معيشته وحياته، اليوم الناس في نهاية شهر يناير وهم بدون راتب شهر ديسمبر، وفخامة رئيسنا يوجه بانتظام صرف الراتب، دون أن يوضح للناس ما هي المعضلة، وأن يطمئن الناس على مستقبل قادم لا ملامح للدولة فيه، لا نرى غير جماعات تعرض خدماتها للعالم في معركته معنا، لكي ينولها نصيب من الصفقة، صفقة شبابنا هم وقودها، في معركة لاستمرار نزيف الدم، وتدمير ما تبقى من دولة وأمة وشعب.

فكيف إذا نراهن على سلطة أن تقدم لنا راتبا وحياة كريمة، وهي تتسول العمل لدى القوى الاستعمارية التي تتحكم بمصير الشعوب الضعيفة، وتدمر حركات التحرر، وتتصدى ليقظة الشعوب الثائرة.


لا حل إلا بثورة عارمة تعيد تصحيح الأمور، وترفض تلك الأدوات الرثة، وأي سياسة استعمارية، أو ارتهان وتبعية، توقف توغل الفساد وحركة الإفساد التي يقودها التحالف، من خلال صناعة سلطات هزيلة، وإعادة تموضع أدوات حقيرة، في تحقير واضح لشعب وأمة ، لإهانة وطن، بحقد دفين على حضارة وإرث وتاريخ وعراقة، ننتظر صحوة الضمائر لنستعيد وطن من أيادي الفساد والارتهان والتبعية.


*المقال خاص بالمهرية نت * 

الحرب ومصير الأمة
السبت, 21 ديسمبر, 2024