آخر الأخبار
ثورة التعليم والمعلم
إن أي بلد وأي مجتمع لا يهتم بأطفاله لا يمثل أمة على الإطلاق (نيلسون مانديلا).
الاهتمام بالجيل هو الاهتمام في تعليمه وتربيته وتأهيله ، وما للتربية والتعليم من دور محوري ومهم في إعداد الإنسان، وبناء الشخصية المتعددة المواهب والقدرات والكفاءات، تعليم اليوم هو ترمومتر الغد، لا مستقبل منشود دون تعليم يعد الإنسان الجدير بهذا المستقبل، التعليم يبني الثقة عند الأفراد بشكل واضح، يفكر ويحلل ويتفحص بحرية، ويصبح قادر على اتخاذ القرارات وفهم ما يدور حوله ، فهم القيم والأخلاق الحميدة التي يجب التحلي والاتصاف بها، ويصبح قادراً على الابتكار والريادة في الأعمال المختلفة، ليكن قادرا على خدمة المجتمع.
السيطرة على العقول تبدأ بحشو التعليم بخرافات وخزعبلات وتدمير ممنهج للجيل حتى يكون مجرد وعاء يستوعب ما يقدم له دون أن يفكر ويتفحص المعلومة والفكرة، جيل مفرغ من القيم والمبادئ، والغيرة على الوطن والمجتمع، جيل كهذا يمكن تمرير عليه مشاريع صغيرة طائفية مناطقية جهوية.
الأمم لا تنبض حياة دون تعليم، الحياة تبدأ من المدرسة والجامعة حيث يصنع الإنسان، الذي يتسلح منها علم ومعرفة وثقة وغيرة، أسس بناء دعائم الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، الحياة الثقافية والفكرية، الإنسان الجدير بالنهضة والعلو لا مثير للشفقة بالتدمير والانحطاط .
مؤسف لحال التعليم اليوم من صنعاء إلى عدن , وواقعنا البائس هو تعبير عن مخرجاته، واقع محبط لقراءة المستقبل، عن أي مستقبل نتحدث لبلد يفتقد لأبسط سبل التعليم وأهمها المعلم المؤهل والجيد والخالي من منغصات الحياة وهموم المعيشة، ماذا تنتظر من مخرجات تعليم لمدرسة بطاقم من المعلمين بلا رواتب، أو رواتب لا تفي احتياجاته المعيشية لأسبوع واحد فقط، طاقم من المعلمين المهمومين بالحياة والمعيشة , ويعيشون إرهاب السلطة ( الطائفية والمناطقية ) و مدارس غير مكتملة الطاقم التعليمي، وشواغر لمواد أساسية وعلمية، والكل يعرف ترابط المنهاج والتكامل للمواد الدراسية كسلسلة مترابطة ببعضها، إذا فقدت حلقة من هذا السلسلة فقد الهدف العام، يصير المجهود ناقص ولا فائدة منه.
الانقلاب الحوثي بدأ بتدمير التعليم لغرض السيطرة على العقول وبناء جيل ممسوخ فكريا، واستمر الحوثي غير معني بالتعليم العام، ويدمر التعليم الجامعي، وينتهك حقوق المعلمين والأكاديميين، استهدافا للعقل الجمعي.
وهكذا في عدن والمناطق المحررة، التعليم الضحية الأولى، والنقطة الأضعف التي تستهدف من قبل الفساد والفاسدين في السلطة، ثلاث سنوات وأكثر والتعليم لم يستقر، كل بداية عام دراسي يبدأ بإضراب المعلمين، ثم تليه إضراب القضاء وإضراب الصحة، وسلسلة من الإضرابات التي لا تهتم بالحق العام، وكأن السلطة تقدم مبررات الإضراب، والنقابات المصطنعة، لذلك تعلن الإضراب وهي تدرك أن حصيلته لن تكون سوى تجهيل المجتمع، وتعطيل العدالة، وتوقيف الخدمات الصحية في استهداف واضح للحاضر والمستقبل.
اليوم الحكومة تحارب الفساد في رواتب الموظفين ومنهم الشريحة الأكبر المعلمين، وتتجاهل رواتب كبار المسؤولين والسلطات العليا حيث الفساد الأعظم والرواتب بالعملة الصعبة، والهدف هو استفزاز الناس، وصناعة الفوضى والاضرابات المعطلة للحياة العامة.. فوضى تعبث بأدوات المستقبل والتحول المنشود لغرض استهداف العقل والتفكير والجيل القادر على الخلاص.
المعلم وحده القادر على صناعة التغيير، على حماية العقل الجمعي من التفسخ، وحماية المجتمع من السقوط القيمي والأخلاقي.. وحدة المعلمين ثورة بحد ذاته ترعب الفاسدين والمستبدين والمتخلفين وأدوات الجهل والتبعية والارتهان لغير الوطن في الشمال والجنوب، إنها ثورة التعليم والمعلم.
*المقال خاص بالمهرية نت *