آخر الأخبار
حمل السلاح كظاهرة دخيلة على مدينة عدن
لا وجه للمقارنة بين عدن الأمس، كمستعمرة جثم عليها مستعمر بغيض، وجعل منها مدينة كونية، ومنطقة تجارية ومركز اقتصادي وميناء حر، تطلب جلب عمال وتجار ومستثمرين وموظفين وعمال، من كل الأعراق والثقافات والأديان، كان لا بد لهذا التنوع التعايش، وأسس التعايش هو التسامح، وترسيخ ثقافة النظام والقانون، وهذا ما أوجد دولة المواطنة، التي ترعى حقوق الناس وحرياتهم، كان القانون هو سلاح الحق، الخارجين عن القانون هم قلة، وغير مسموح بحمل السلاح خارج إطار نصوص النظام والقانون.
وعدن اليوم بعد أن تحررت وعادت لحضن هويتها العربية واليمنية، وجد أن حمل السلاح ثقافة متأصلة، بل إرث يتفاخر به المجتمع من خلال حمل الخناجر بأحزمة على الخصر، وحمل البنادق بكل ماركاتها ، في أعراسهم وأفراحهم وأحزانهم واجتماعاتهم وأسواقهم، وحتى في مساجدهم، وللأسف صارت وسيلة حسم قضاياهم، وحول المدينة لحلبة صراع، تفجرت فيها منعطفات عنف دموي كل ثلاث أو أربع سنوات، يتم فيها تصفية الآخر المختلف.
ومن هنا ممكن القول إن ظاهرة حمل السلاح دخيلة على مدينة عدن، وعكرت صفو حياتها المدنية، والسكينة العامة، هي ثقافة غريبة على مدينة لا تعرف السلاح، إلا بيد رجال دولة أو بتصريح تلك الدولة، ولا يستخدم إلا وفق نظام وقانون يحكم هذه الدولة، ويضبط إيقاع ثقافة المدينة.
ومن هنا نجد معظم أبناء هذه المدينة يرفضون هذه الظاهرة التي غيرت مسار حياتهم، وخصوصية مدينتهم الثقافية والاجتماعية، مدينة تعتمد على الوعي في العلاقات داخل مجتمعها والمجتمعات المحيطة بها، السلاح هو وسيلة لثقافة العنف التي انتشرت كظاهرة، وجدت مع غزو التطرف بكل أشكاله، العرقي والطائفي والأيدلوجي والديني، وغزو عصبيات الريف والقبيلة، والعنف سبب انتشارا واسعا لظاهرة حمل السلاح خارج إطار القانون، حيث صار السلاح بيد أعداء النظام والقانون، بيد كل متخلف جاهل ومتعصب متنمر ومعتوه، يمكن أن يفرغ ما فيه من عنف ليفرض نفوذه على المدينة وسكانها الآمنين ، ويقتل بدم بارد، مما جعل عدن مدينة الموت، حيث صارت مسرحا لجرائم يندى لها الجبين، في محاولة لفرض واقع مغاير، حيث لا سلام ولا تسامح ولا تعايش، وتجريد عدن من خصوصيتها المدنية.
وللأسف صار العنف والسلاح أداة لفرض واقع سياسي، وسلطة أمر واقع جاثمة بالعنف، وأنتج واقع عدن، المحكوم اليوم بمجموعة مسلحين، معظمهم غير منضبط لفكرة الدولة، يمكن وصفة بندقية مأجورة لمن يدفع راتبها، والكارثة عندما يكون هذا الراتب من دولة أجنبية، وعملة أجنبية، وهو مخطط تدريجي لقتل تلك الهوية، في وجدان وتعاملات المجتمع، الذي صار اليوم يعيش فقدان الهوية، وهو الخطر الأكبر الذي يحيط بنا اليوم.
ما نحتاجه اليوم هو جبهة وطنية، لاستعادة روح الهوية، وفك الارتباط بالخارج، الخارج الذي يفكك اليوم هذه الهوية، ويمزق الوطن لكانتونات يمكن التهامها، وتقاسمها بكل يسر، وترحاب من أدواته التي صنعها بالدعم العسكري والمالي.
الناس تنتظر وتدعو الله أن يخلصها مما هي فيه، ونحن نرى صحوة وعي تتشكل، وتستشعر خطورة ما يحدث، ومالأت الارتهان والتبعية لقوى الخارج، المرتبطة أصلي بالعالم المنافق، أعداء الأمة والإسلام، تلك الصحوة ستاتي بأكملها عما قريب، وان غدا لناظره لقريب.
*المقال خاص بالمهرية نت *