آخر الأخبار

(دي باساطن)..جزيرة بلا سلطان!!

الاربعاء, 14 يونيو, 2023

من العبارات القديمة التي توارثها الأجيال قولهم: (جزيرة دي باساطن)، وتعني جزيرة بلا سلطان، وهذه العبارة تقال عندما تختل القوانين، وتغييب هيبة الدولة كما توحي بطاعة أبناء سقطرى للدولة وحبهم لها فهم لا يفضلون خلو بلادهم من الأحكام والقوانين والأعراف التي يتقيد بها الجميع.

 
السقطريون هم الشعب الذي كانت تجلبهم إلى المثول أمام السلطان كلمة واحدة هي قول من أراد الشكوى على غيره (رفاقه)، فكان لا بد على من قيلت له هذه الكلمة الاستجابة والحضور للتحاكم أمام السلطان، ولم تنقل عمن تخلف عن الاستجابة لهذا الاستدعاء المتواضع الإجراءات إلا نماذج يسيرة لا يقاس عليها، وكان من الممكن التخلف والتخفي عن السلطان في مناطق نائية ووعرة لا يمكن للسلطان الذي لا يملك قوة بحثية أن يعثر على المطلوب؛ لكن حب الناس للسلطة جعلهم يلتزمون بالاحتكام إليها، وعندما يتكلم السلطان كانوا يرددون عبارة (الله يديمك ننهي) وهي دعوة للسلطان بطول العمر والبقاء أو بمعنى آخر حاضر سيدي.

 
حالياً عندما افتقد الناس هيبة السلطان، واختلت الموازين، وضاعت الأنظمة، ووقعت كثير من الاعتداءات ترددت عبارة (جزيرة دي باساطن) كثيرا وكأن الناس يبكون فيها أطلال الماضي على جزيرتهم التي أصبحت بسلطان أشبه منها بلا سلطان.
 

ترددت هذه العبارة، وسمعنا كثيراً ترديدها قولا مكرراً بحسرة في الصباح والمساء، ورأينا أثرها واقعاً معاشاً، فالحياة في سقطرى أصبحت الأصعب على مستوى اليمن وعلى مستوى الوطن العربي، وربما العالم، والعبث الإداري واللامسؤولية رأيناها في ظل حكم الانتقالي فالكهرباء تنقطع أكثر من سبع ساعات وكثير من الحارات لا ترى الكهرباء إلا في الليل،  وزد على تلك القيمة المفروضة المرتفعة للكهرباء، وليس هناك ضابط يوفر الكهرباء للجميع بسعرونظام محدد.
 

كذلك التجار قاموا بالحجز على المواد الغذائية ومواد البناء وأغلقوا المستودعات في وجوه الناس بغية رفع الأسعار، كما تم رفع قيمة المشتقات النفطية والغاز دون أن تحرك السلطة ساكنا.
 

وفي المجال التعليمي سمحت سلطة الانتقالي بفتح الدورات والمعاهد التدريبية والمراكز لكل من هبّ ودبّ دون التأكد من كفاءة المدربين وأهليتهم واختصاصهم.
 

أحد الشباب قدم من صنعاء بغرض الحصول على عمل في سقطرى ولكنه لم يوفق في ذلك عندها تواصل مع أحد المعاهد التدريبية في صنعاء ودعا إلى دورة في مجال التمريض بمبلغ أحد عشر ألف ريال شهرياً، ولم تجف أوراق الإعلانات على الجدران حتى وجد الشاب نفسه أمام عدد هائل من المتدربين الشباب ذكوراً وإناثاً فأعلن إيقاف التسجيل في أيامه الأولى حينها تقدم بعض الشباب والأهالي ممن لم يحصلوا على فرصة في التسجيل ضمن الدورة بالشكوى إلى المحافظ فأصدر أمراً بحجز الشاب مدير الدورة، وأجبره على عدم التقيد بعدد معين وتسجيل كل المتقدمين، فوجد الشاب نفسه أمام معركة حقيقية قوامها ما يفوق ألف متدرب وما من حيلة سوى التعاقد مع الشباب المحليين للتدريس معه، وأكثرهم غير مختصين في التمريض ولا بالعلوم الصحية؛ زد على ذلك ليس لديه أجهزة وأدوات ومختبرات للتدريب ولا مستشفى للتطبيق.

 
كثيرة هي المساوئ في ظل هذه الحكومة التي لا تعتني بأمر المواطن، وهذا ما جعل كثيراً من المواطنين في الداخل والخارج يتهجم على شخص المحافظ مباشرة ويصفه بأقذع العبارات والأوصاف، وكثيرة هي التحديات والصعوبات ومنها الرياح العاتية التي تشهدها سقطرى حالياً والتي عبثت بكل شيء وأوقفت حركة السفن، وارتفاع سعر الصرف، وارتفاع أسعار السفر والنقل الجوي، وتأخر صرف المكافأة الإماراتية التي سرقت منذ وقت سابق ولم يبق منها سوى200 درهم، والبعض يذكر أنه تم توقيف صرفها وتخوف الناس من توقف الرواتب حال إعلان الحكومة الإفلاس..كل ذلك وغيره كثير وكثير أقلق المواطن السقطري، وأرّق مضجعه، ولذلك أصدر العديد من المناشدات للحكومة وللداخل والخارج للتدخل دون جدوى.
 

المزيد من محمود السقطري