آخر الأخبار

الاختباراتُ الوزارية.. ماذا بعد كل هذا التساهل؟

السبت, 20 مايو, 2023

عندما تتابع سير الاختبارات الوزارية  في اليمن، تدرك حجم الكارثة التي حلت بالتعليم، من حيث الاستهتار الذي يحدث في الكثير من المدارس- ولن أسمي هنا-؛ فالمدارس التي تستهتر بهذه العملية كثيرة لا حصر لها وخاصة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وهذا الأمر لا يعني أن مدراس مناطق الشرعية كلها تنعم بالعفة والنجاح، ولكن العملية التعليمية في اليمن  أصبحت أمرًا لا يلقى له بال، أو بالأحرى لا يتم الاهتمام به- إن جاز  التعبير- مع الاحترام الشديد للمدارس التي ما تزال تقدس العملية التعليمية وتعمل على إنجاحها بكافة الوسائل الممكنة لتخرج جيلًا متعلمًا بمعنى الكلمة.

  تمضي عملية الاختبارات  الوزارية  في الكثير من مدارس اليمن بكل سهولة على الطلاب الذين أقبلوا عليها بعقول فارغة- إلا من رحم ربي- فهناك من الطلاب من لم يحضر المدرسة أيام الدراسة على الإطلاق، وهناك من حضر بعض أيام قضاها في التسلية مع أصدقائه، والتقى بهم بعد ذلك في قاعة الاختبارات، وهناك من كان أكثرهم  حذقًا  فلم يحضر الدرس ولم يحضر حتى الاختبار؛ بل دفع مبلغا من المال لغيره لينوب عنه في مجموعة أيام يستقبل بها الإجابات التي تنهال عليه من نوافذ  المدرسة أو من جهاز الجوال الذي يحمله، ثم يقوم بنقلها  للورق المعدودة المخصصة لاختبار ذلك اليوم.
  لم تظهر علامات القلق والتوتر على الكثير من طلاب الثانوية في الوقت الحالي،  كما كان يحدث في السابق من أن الطالب المقبل على الاختبارات الثانوية، يبقى متوترًا،  يحبس نفسه في غرفته أيامًا لأجل أن يذاكر  ويجتهد حتى يحصل على معدل يدخله التخصص الذي يرغب به في الجامعة، لكن الأغلب اليوم يعيشون أيام الاختبار كالأيام العادية تمامًا مع قليلٍ من المتعة والتسلية.
  لقد قضى الحوثيون على التعليم في اليمن من كل النواحي وليس مسألة تغيير المناهج وحسب؛ بل إلى جانب ذلك جعلوا العملية التعليمية أمرًا ثانويًا لا يلتفت له، هدموا المدارس، ولغموا بعضها، وحرموا المعلمين من مرتباتهم، واستبدلوا المعلمين الأجلاء الذين قدموا الكثير للعملية التعليمية ونهضوا بالكثير من طلاب العلم، اسبدلوهم بمعلمين لا يعرفون ما معنى العلم وما أهميته بالنسبة للوطن والمواطن والأمة بشكل عام، بمعلمين لا يجيدون كتابة سطر واحد بالشكل الصحيح، وهؤلاء أخرجوا جيلًا أكثر منهم بالغباء وأكثر منهم بالتساهل بالعلم.
  حتى على مستوى صياغة أسئلة الاختبار، في المدارس التي تقع في مناطق سيطرة الحوثيين،  عندما تقرأها تشعر أن  سخرية كبيرة تحدث وراء هذه الأسئلة، فعلى سبيل المثال اختبار مادة اللغة العربية، لا يوجد فيه سؤال التعبير، الذي يوضح مستوى الطالب من خلال القطعة التعبيرية التي يكتبها... أوليست اختبارات  الثانوية العامة، هي حصاد للسنوات الماضية جميعها؟، كذلك لا يوجد  سؤال  في الإعراب، حتى وإن كانت جملة قصيرة ك- دخل محمدٌ المدرسة- أو - خرج محمدٌ من المدرسة، كل ما في الاختبار هو عشرون فقرة في الصح والخطأ، وثلاثون فقرة اختيارات... وفي الحقيقة هذه الأسئلة لا يكتبها معلم محترف هضم المنهج وعلمه تعليمًا صحيحًا، ولو أن طالبًا مجتهدًا  أوكلت له هذه المهمة لكتب أسئلة أكثر إلمامًا بالمنهج من هذه.
  إن الأسلوب الذي تمشي عليه اختبارات الثانوية العامة اليوم، يوضح حجم الكارثة التي حلت بالتعليم، بل إنها الطامة الكبرى التي سيأتي من وارئها ظلام دامس، إذا لم يتم تدارك الأمر قبل فوات الأوان.

    *المقال خاص بالمهرية نت*

المزيد من إفتخار عبده