آخر الأخبار

جبل صبر... جمال المكان وعراقة الإنسان! 

الجمعة, 28 أبريل, 2023

وأنت تصعد جبل صبر باتجاه قمته، تجد الحياة تتفتح لك رويدا رويدا كوردة للتو تم سقيها، هواء طلقا ونسيما عليلا ينساب ناحيتك فيحدث فيك ما لا يحدثه الدواء في جسد المريض، يأتيك بالانتعاش الكبير، يشعرك بجمال المكان وعراقة الإنسان هناك.    هذا هو جبل صبر، الذي يبلغ ارتفاعه عن سطح البحر (3070م)، ويبلغ ارتفاعه من مدينة تعز إلى قمته في حصن العروس (1500م) فوق سطح البحر، يمتاز بهذا الارتفاع الشاهق، يطل على المدينة المحاصرة، تلك الفتاة العشرينية التي أراد لها أعداؤها أن تكبل بالسلاسل والأغلال؛ فقط لأنها أبت إلا العزة والشموخ والكبرياء، وهذا الجبل الحارس لها ليل نهار، كرجل في عنفوان شبابه يتأبط حزمة من المشارق والورود يرتدي الزي التعزي الجميل، يأتيها بمزيد من الصبر والثبات والكثير من الحب والوفاء، وما ينبغي له أن يتركها لحظة من الزمن، فبين جبل صبر ومدينة تعز علاقة حميمة كبيرة وقديمة قدم الأرض والإنسان، تلك العلاقة الجميلة لا يدركها إلا الساكنون فيها أو في ذلك الجبل الأشم، حيث يستيقظ الناس فيه مبكرين منهم من يعمل بأرضه بكل حب ونشاط، يزرع في جهة ويحصد الجهة الأخرى، وآخرون يحملون أكياسهم على ظهورهم متجهين صوب سيارات النقل منطلقين صوب المدينة يحملون معهم أنواعا من البضائع التي يتميز بإنتاجها هذا الجبل وأهله، كالمشارق والورود واللبن الرائب والثوم البلدي والحلبة والبيض البلدي والحمر والشعير... ونحو ذلك من المنتجات البلدية التي يتهافت لشرائها سكان المدينة كلما وصل البائعون. 
  وقبل انتهاء وقت النهار يودع أصحاب الجبل مدينتهم بحب كبير على أمل أن يعودوا لها في صباح اليوم التالي ثم يغادرونها حاملين معهم بضاعة جديدة من هذه المدينة تذكرهم بحبها لهم طوال الطريق وعندما يستقرون في بيتوهم. 
  لم يكن هذا الجبل مجرد حارس للمدينة ويد مدد وعون لها وحسب، بل إنه متنفس جميل يشد الناس له الرحال في فصل الصيف عندما يكون الجو فيه معتدلا وفي المناسبات والأيام العادية، ولكن في المناسبات وتحديدا في المناسبات العيدية يحظى هذا الجبل بزيارات مكثفة من الساكنين في المدينة بالتحديد، فحينما تملأ حدائق المدينة، عادة ما تتجه الأنظار والقلوب قبلها صوب هذا الجبل، لينعم الناس بالكثير من الجمال الطبيعي والكثير من الانتعاش والهدوء. 
  فترى باصات النقل تتجه باستمرار صوب الجبل تنقل الكثير من الأسر المتجهة نحوه، والجميل فيه أنه يتميز بوجود متنزهات فيه تضم أعدادا كبيرة من الغرف المخصصة لاستقبال الوافدين؛ ما جعل الناس يذهبون له باستمرار لقضاء يوم كامل فيه، يوم يرفهون فيه عن أنفسهم بالصعود في هذا الجبل والاستمتاع بالمناظر الجميلة من أعلى قمة فيه. 
  كم هو جميل أن تزور هذا الجبل الشاهق، أن تعيش وقتا لا بأس به في الهواء الطلق، مستظلا تحت شجرة وارفة الظلال ترى المدينة تحتك وتخاطبها بقولك: كم أنت جميلة أيتها الحالمة، وكم أنت أبية وشامخة، هأنت ما تزالين تتغنجين وتتدللين على الرغم من الجراح الغائرة في جسدك، تبدين أكثر جمالا للناظرين من هنا، فترد عليك هي الأخرى أن الجمال هذا مستمد من أهلها وأنها حالمة فعلا وتعز كاسمها، فتدرك معنى أن تعز لها من اسمها نصيبا. 
  المقال خاص بالمهرية نت 

المزيد من إفتخار عبده