آخر الأخبار

كسوة العيد.. الهم الذي لا يطيقه الآباء!

السبت, 08 أبريل, 2023

ها قد انتصف شهر رمضان المبارك، ولقد  مضت أيامه على عجالة، وكأنها تريد أن تكون خفيفة الظل على أولئك الذين ثقلت عليهم الحياة بمن فيها، وباتوا لا يطيقون حتى أنفسهم المتعبة، تلك التي ذاقت الكثير من الويلات وطحنتها الأزمات المتتالية كما تفعل الرحى بالحبوب.

  مضى نصف شهر مع جمال روحانيته ومع أتعابه التي لا حصر لها، مضى تاركًا الوجع الذي  جرح  قلوب أرباب الأسر في كل يوم لم يستطيعوا فيه أن يوفروا متطلبات السفرة الرمضانية، فعادوا إلى أهلهم منكسرين لا يدرون بماذا سيجيبون على الأسئلة التي ستطرح عليهم، ولا هم قادرون على النظر في وجوه الصغار الذين يحاولون الصيام سعداء- أن قد كبروا قليلًا- منتظرين وقت الإفطار وهم يتخيلون أنهم  سيأكلون  من كل ما تشتهي أنفسهم.

  ثم ماذا بعد أن انتصف شهر رمضان؟، إنه العيد يعلن عن موعد اقترابه، العيد الذي ينتظره الأطفال بفارغ الصبر لأجل أن يلبسوا الملابس الجديدة، التي لا يرزقونها بغير هذه المناسبة على الإطلاق، ها  هي  الأسواق تزدحم بالباعة والمتجولين، ويزداد  روادها  يومًا بعد آخر.
 
لوحات إعلان كبيرة تعلق على المحال وفي منتصف الشوارع أن هناك مزيدًا من التخفيضات بمناسبة الشهر الكريم وبمناسبة اقتراب موعد العيد والحقيقة أن الأسعار ترتفع كل يوم يقترب فيه موعد العيد؛   وكأن حياة التجار ستنتهي إذا لم يبالغوا في رفع الأسعار لأجل الحصول على مزيد من المال الذي لا يروي جشعهم الكبير.
 
وفي هذا  الوقت الذي  يغير فيه التجار تسعيرات الملابس، يعيش  أرباب الأسر وقتًا عصيبًا وشعورًا مليئا بالهم الذي لا يطاق، يتساؤلون في أنفسهم من أين لهم بالمال الذي سيأتيهم بكسوة العيد لأطفالهم، إذا كان سعر كسوة واحد من الأطفال يتجاوز الأربعين ألف ريالًا؟! أي جنون هذا الذي يحدث اليوم في هذه الأسواق، وأي أسلوب هذا الذي يتعامل به التجار مع من يأتون إلى السوق بقلوب مرتجفة وأيادٍ تكاد تكون فارغة إلا من المال القليل، الذي يحاولون أن يسعدوا به أطفالهم فيجوبون الأسواق ذهابًا وإيابًا باحثين عن محال تجارية تكون أقل جشعًا وأرحم بهم من هذه التي لا ترتضى حالتهم ولا ما يملكون من المال.
 
وللفقر وجه آخر لا يراه التجار ولا الميسرون، وله مذاق مر لا يستساغ، لكن هؤلاء يتجرعونه؛ لأنه لا سبيل لديهم إلا التعايش معه ثم  التحلي بالصبر الجميل.
 
هل كان فرضًا على هؤلاء الناس أن يعيشوا في هذه الحياة القاسية مكبلين لا قدرة لهم على التحرك الذي يعينهم على تخطي المصاعب والعثرات؟، ثم من علم التجار أن يستغلوا هذه المواسم بالتحديد، هم يكسبون منها المال الكثير، لكنهم لا يدركون أن هناك في الطرف الآخر  من يخسر روحه، من يهلك كثيرًا وهو يتخبط في دروب الحياة؛  لأجل أن يجمع مبلغًا يسيرًا  من المال ظانًا في نفسه أنه كافٍ لجميع أفراد أسرته.

  *المقال خاص بالمهرية نت*

المزيد من إفتخار عبده