آخر الأخبار
مؤتمر المانحين..موسمٌ سعودي سنوي لشراء موت اليمنيين
أمس الثلاثاء حظي اليمنيون بشفقة العالم التي هي أساسا نتيجة شفقة السعودية، وتقرر منحهم بعض الملايين في هذه اللحظات العصيبة التي أصبح فيها الموت تحت وطأة الأوبئة أو الجوع أقرب إلى اليمنيين من الموت الذي تكيله لهم طائرات التحالف أو الجماعات الخارجة عن القانون .
يمكن لليمنيين أن يموتوا، وما من اعتراض من المانحين الكبار على ذلك، ولكن ليس بالقدر الذي يلفت انتباه الدنيا ويحدث فضيحة للتحالف ولأصدقائه، وهو الذي يرابط في سماء البلاد وعلى مياهها ويتحكم بالجزء الأكبر من أرضها، لذلك يمكن اعتبار المنحة المقدمة من السعودية - باعتبارها أصبحت المعني الوحيد بكلمة "التحالف"- على أنها تأتي في إطار السعي للتحكم بموت اليمنيين والسيطرة عليه وليس للوقوف الجدي دونه.
تسمح السعودية للإمارات بالسيطرة على الموانئ والجزر والمطارات اليمنية وبمنافسة اليمنيين على أهم مواردهم، وباصطناع جيوش وأجهزة أمنية ومعتقلات خارج أي غطاء شرعي، ثم برعاية انقلاب ثانٍ على الشرعية؛ وصولاً إلى استهداف الجنود اليمنيين بالقصف الجوي المباشر وقتل المئات منهم، وحين تهدد الفوضى المترتبة على هذه المطامع الاستعمارية برحيل جماعي للناس، كما هو الحال في عدن، تعجز السعودية عن إلزام الإمارات حتى بلعب أرخص الأدوار كلفة: دور المانح.
نصف مليار دولار قدمته السعودية بالأمس في سبيل التخفيف من الضغط الذي تفرضه عليها المنظمات العاملة في الحقل الإنساني، والتهدئة من الأصوات التي تحملها تبعات ما آلت إليه الأوضاع في البلد، وما من حاجة للتأكيد على أن السعودية لم تكن لتحرص على تمثيل مسؤولية مزيفة أمام العالم لو أنها تعاملت بمسؤولية حقيقية تجاه اليمنيين الذين سعت لفرض نفسها كوصي عليهم منذ مطلع تاريخهم الحديث.
على الرغم من أن الجميع يعلم أن السعودية لا تتمتع بنفس الترف الإماراتي في اليمن حيث تفرض عليها الاعتبارات الجيوسياسية حذراً أكثر، وجدية أكبر في التعامل مع الواقع اليمني، إلا أن الحاصل هو أن المملكة قد ساهمت، على نحو مأساوي، في الدفع باليمن نحو هذه الحالة التي أصبحت فيها مصدر عناء كبير لأهله وللجيران- أي لها.
مهدت السعودية أولاً للانقلاب الحوثي من خلال تقاعسها عن دعم سلطة المرحلة الانتقالية التي كانت أساساً ثمرة الجهد السعودي لاحتواء ثورة الحادي عشر من فبراير، وكان بإمكان 8 مليار دولار كانت حكومة باسندوة تنتظرها في ذلك الحين من السعودية، أن تكفي الرياض هذه الحرب المكلفة، وأن تكفي اليمنيين كل هذا الضياع التاريخي.
وبعد الانقلاب وتدخل التحالف، قادته السعودية ليصير وجهاً آخر للانقلاب، وليستكمل عملية إلغاء السلطة الشرعية من خلال الهيمنة على القرار تحت ذريعة المساعدة في تحرير الأرض.
مؤتمر المانحين ليس سوى المناسبة السنوية التي تعرض فيها السعودية أجلى صورة لعبثية سياساتها في اليمن، وهو السوق الموسمية التي تعيد فيها السعودية شراء موت اليمنيين من المجاعات والأمراض في محاولة لاحتكاره ثم إخفاء جنايتها عن أعين العالم.
المقال حصري وخاص بموقع المهرية نت