آخر الأخبار
طفلة يمنية: أين ملابس العيد يا أبي ؟!
عند سؤالها عن زينة العيد قالت بامتعاض شديد: كنت أراقب أبي بشغف كبير، متى سيدخل يده في جيبه لتخرج مليئة بالنقود ويذهب وحده أو يصحبني معه إلى السوق ككل عام، ففي هذا العام قد قررت أن أغير زينة العيد إلى الأحسن.. لن أقتني فستانًا شبيهًا بفستان ربا ولن آخذ كالذي اقتنته فاطمة لنهال، لكني سأختار ملابس عيد متكاملة كلها زينة وبهاء تثير انتباه الناظرين وتجعل من نظرات صديقاتي الاحترام الكبير وتثير فيهم الغبطة الكبيرة.
أنا التي اعتدت العيد بالزينة القصوى وأبي الذي عودني على الدلال لكني ما زلت أطمح بالمزيد.
وقفت أنظر إلى أبي الذي يتهرب من نظراتي له ويحاول الهرب من النظر في وجهي اللحوح.
زوايا المكان تحولت أمامي إلى علامات استفهام لا حصر لها ثم إن لساني يكاد يملأ فمي ويعيقني عن السؤال.
يا إلهي ما الذي اشعر به كلما صادفت أبي والتقيت بأخي الكبير؟! إنني أعجز عن النطق ببنت شفه، وأحس أن أمرًا مريبًا يحدث في هذا البيت دون علم مني لماذا يتحاشى الجميع الحديث إلي أو النظر.
لماذا كثر الحديث بين أبي وأخي يا ترى خلال هذين اليومين بالذات؟!، إن أمرهما وحديثهما السري ومشاوير أخي التي ازدادت مثيرة للقلق.
أأسأل؟ هل أقول أين ملابس العيد يا أبي؟ أم يكفي أن ألمح إلى أن غدًا هو يوم العيد وهم سيفهمون ما القصد والمراد من تلميحي هذا.
ظللت أتخبط في ذاتي أمشط المنزل ذهابًا وإيابًا إنني أريد أشياءً أخجل عن طلبها في ظل هذا الصمت المخيم على الجميع وهذه الحركات السرية، ثم أن اختفاء أخي الثاني أمر آخر جعلني أشك أن هذا هو السبب.
حان الوقت إذن، وكاد اليوم أن ينتهي.. أمي تشحذ همتها لخوض غمار الأعمال في المطبخ وأبي، أبي الآن يخلع الجاكت ليذهب إلى الوضوء وأنا أجد الفرصة فأنتهزها لأعرف هل يمتلك أبي النقود ويخفيها عني.
دخل أبي الحمام وكدت أطير إلى الجاكت ولا أخفيكم أن هذه أول مرة في حياتي أتدخل في خصوصيات الآخرين داخل المنزل أو خارجه.
ولشدة قلقي وخشيتي أن يخرج أبي من الحمام مسرعًا قمت بتفتيش الجاكت بعجالة أبحث عن النقود وكانت الصدمة أني لم أجد النقود وإنما وجدت الكارثة الكبرى، تقرير طبي يخص أخي المختفي الذي ظننته يعمل خارج المحافظة .. يقول التقرير: إن أخي يقطن في أحد المستشفيات داخل المحافظة التي يعمل فيها وهو مصاب بالوباء المستجد.. إنه يعالج الموت هناك.
هنا فقط جاءني التشبع من ملذات الحياة.. تسمرت في مكاني أصابني الشرود الكبير لم أفق منه إلى عندما سمعت أبي يفتح الباب أعدت التقرير إلى مكانه وفررت هاربة من أمام وجهه، بعدها كنت أنا التي أتهرب من نظراتهم لم أعد أهتم بشيء يسمى زينة العيد كان جل اهتمامي هو رؤية أخي الذي فارق الحياة عصر يوم العيد.
المقال خاص بموقع "المهرية نت