آخر الأخبار
مخاطر الانزلاق إلى حرب أهلية وأهمية تحذيرات الحريزي
حظي اليمنيون بشيء من الهدوء في إجازة عيد الفطر المبارك، لكن تبقى الحرب هي الخيار المتاح أمام كل الأطراف للوصول إلى أهدافها السياسية.
وتقريباً اليمن بدأ بالدخول مرحلة جديدة من الحرب الأهلية بين أطراف متكافئة عملت السعودية ومعها الإمارات على تصميمها بحيث تستنزف قدرات اليمنيين وتستنفد فرص العيش المشترك فيما بينهم، وتوسع الهوة بين مكوناتهم، قبل أن تأتي السعودية ومعها الإمارات لتضعان الحلول الجاهزة وأسوئها ترسيم حدود الدم الحالية بين المتقاتلين.
توقفت الحرب شرق مدينة زنجبار بوساطة قبلية، مع أن الطرف الأكثر قدرة على وقف الحرب هو الذي يزود الطرفين المتقاتلين بالسلاح، ولكنه ترك الأمر للوساطات الأهلية في توجه خبيث لإنهاء المرجعية السياسية للدولة اليمنية، باعتبارها صاحبة الحق في امتلاك القوة، وإظهار الأمر على أنه صراع بين أطراف يمنية تتساوى في القيمة القانونية وفي مشروعية الدوافع والأجندات.
وعلى الرغم من نبل المساعي التي تهدف إلى إنهاء الحرب وإراقة الدماء، إلا أن إيكال الأمر إلى الوجاهات القبلية ليس إلا مفتتح طريق طويل من الدماء والاحتراب والصراع الأهلي على الساحة اليمنية، وهو الذي تريده السعودية.
والأخطر أن ذلك يتم في وقت تحاول فيه الرياض ومعها أبوظبي الإيحاء بأنهما يدفعان عن مجال نفوذهما الحيوي في اليمن أطماعاً إقليمية، وهذه المرة لم تعد إيران هي الدولة التي يخشى من دورها ومن تدخلها ومن سلاحها بل تركيا وقطر وسلطنة عمان.
المسار المنطقي للأحداث يفترض أن التحالف العربي تدخل عسكرياً في اليمن من أجل إزالة كافة العوائق التي تمنع عودة الشرعية واستعادة نفوذها، ولكنه تصرف على العكس من ذلك تماماً وبدأ يمنح حربه أهدافاً عدائية لا تخفى على أحد ومنها تفكيك اليمن والاستيلاء على أجزاء منه.
لقد تجلى ذلك واضحاً في الأطماع الإماراتية في محافظة أرخبيل سقطرى، والاحتلال السعودي العسكري لمحافظة المهرة، وللمصادفة هاتين المحافظتين كانتا جزء من سلطنة واحدة هي: سلطنة المهرة في قشن وسقطرى أو السلطنة العفرارية، التي ظلت تحكم هذه الأراضي حتى العام 1967.
وتقريباً كل التخريب السياسي والعسكري الذي يقوم به التحالف السعودي الإماراتي في جنوب اليمن يدور حول تحقيق الهدفين الاستراتيجيين المتمثلين في السيطرة على سقطرى والمهرة.
وبالتأكيد ذلك لن يتحقق في ظل بقاء الدولة اليمنية حتى لو كانت ضعيفة وهشة، ولن يتحقق باستعادة دولة جنوبية قوية، لهذا يجري ضرب النسيج الاجتماعي بقوة في الجنوب، وفي المقابل يجري استثمار الخلافات السياسية بين المكونات اليمنية في شمال البلاد لمنع أية مبادرة لتشكيل قيادة وطنية تتولى التعامل مع التحديات الوجودية التي تستهدف الدولة اليمنية ومصدرها الرئيس هذا التحالف الخائن والغادر، ومن السهل على هذا التحالف أن يؤلب على أية مبادرة تمضي في هذا الاتجاه فالتهمة جاهزة، هي "الأخونة" أو العمل لصالح تركيا وقطر وعمان.
لكن ذلك لا يجب أن يوقف التحركات المخلصة التي تبذلها شخصيات وطنية مشهود لها بالإخلاص للدولة اليمنية وبعضها دفع ثمناً لهذه المواقف، وغادر منصبه الذي لم يره أثمن من الوقوف مع الوطن في هذه اللحظة المفصلية من تاريخه.
لفتت نظري كلمة للشيخ المناضل علي سالم الحريزي في أمسية رمضانية مع وجاهات مهرية وقيادات في لجنة الاعتصام بمدينة الغيظة. في كلمته بدا الرجل مدركاً بدقة لطبيعة المخاطر التي تحدق بالبلاد، وكان دافعه الأساس هو القلق المشروع على مستقبل محافظة أرخبيل سقطرى، جراء الاستفزازات المناطقية التي يقوم بها بعض أبناء الضالع ويافع في المحافظة، خصوصاً بعد استيلائهم على اللواء الأول مشاة بحري وأسلحته ضمن خطة دعمها وسهل تنفيذها التحالف السعودي الإماراتي.
الشيخ الحريزي حذر من تكرار خطة مماثلة في محافظة المهرة، ولم يتردد في الإشارة إلى الدور الخطير الذي يقوم به أبناء يافع والضالع في المهرة، بانتظار ساعة الصفر، تماماً كما فعلوا في سقطرى. لذا دعا أبناء المهرة إلى اليقظة حيال مثل هذه المخططات، بل دعا إلى ممارسات ضغوط على الوجهاء المتواجدين في المهرة من أبناء تلك المناطق في حال واصل رفاقهم في سقطرى أعمالهم التخريبية ومحاولاتهم للهجوم على مدينة حديبو.
ليس هناك أفضل من الحديث بصراحة متناهية فيما يخص المخاطر التي تحدق بالبلاد خصوصاً إذا كانت هذه المخاطر تقترن بخطة ممنهجة لتفخيخ المجتمع، عبر تقوية النفوذ العسكري لمناطق بعينها وإعطائها الأمل بحيازة السلطة والنفوذ والمال مقابل أن يتحول أبناؤها إلى بيادق وقتلة مأجورين ضد بقية المناطق والمكونات بما يسمح بإخضاعها وإذلالها وإتاحة الفرصة لأطماع دولتي التحالف لأن تتحقق في أجواء من الصراع الذي لا يسمح لأي أحد بأن يتساءل عن الذي يحدث ولماذا يتم السطو على أراضي الدولة اليمنية.
المقال خاص بموقع "المهرية نت"