آخر الأخبار

بؤس الدولة المارقة..والمجد للحريزي

السبت, 06 أغسطس, 2022

لعل مشكلة الإمارات أن كل نشاطاتها الخارجية تتصف بحالة من " العماء السياسي" الغريب، إنها تتصرف في كل الظروف والأحوال بنفس الميكانيزم" الآلية" السياسي المفصول عن طبيعة الواقع ومتغيراته. ولا يبدو أن التجربة تمنحها خبرة في تغيير تكتيكاتها. 

    نفس الحماقة التي كانت ترتكبها بداية محاولتها تشكيل نفوذها باليمن، تجدها تكررها بعد خمسة أعوام من سلوكياتها العابثة.  

   وتستيقظ على خبر اقتحام منزل الشيخ الحريزي، بكل خفة وانعدام للرؤية وبكل ما ينطوي عليه الفعل من مجازفة واستخفاف بالترتيبات السياسية والواقع السياسي الجديد فضلا عن القوة المعنوية والتراكم النضالي الذي حققه الشيخ الحريزي طوال سنوات من مناهضته للنشاط الأجنبي بالمهرة. وما يفترضه ذلك من احتراز يتوجب على خصومه معاملته به، وتجنب فتح النار على أنفسهم. لكن كما يقال بالمثل القادم من البيت الشعري العربي الأثير: إلا الحماقة أعيت من يداويها.   

  لم تتوقف الإمارات عن دسائسها في اليمن طوال السنوات الماضية، بما في ذلك محاولتها المستميتة في تقويض خصومها وتحييدهم عن الشأن العام. سواء أولئك الذين يتقلدون مناصب رسمية أو من يحظون بسلطة اجتماعية متجاوزة للمنصب العام. بالنسبة للنوع الأول، امتلكت الإمارات منافذا لتجريدهم من أثرهم بحرمانهم من مناصبهم مستخدمة بذلك علاقتها مع الجارة الكبرى. فيما بقى الأشخاص ذوي السلطة الخاصة، أمثال الحريزي، أشبه بقوة تأثير حرة، لا تملك الإمارات يدا لكبحها سوى محاولاتها البائسة لشيطنتهم أو اللجوء للدسيسة والسلوك الإجرامي، كمحاولة الاعتقال الفاشلة، وتعمد إهانة الرموز باقتحام منازلهم دون أي مسوغ قانوني معتبر. 


  ومنذ متى يا صاح كانت الدول المارقة تكترث للقانون..؟! إنها من حيث تكوينها الجذري دولا تشتغل كمحطة سمسرة وكمركز لكل التدابير الشاذة والعابثة بكل قوانين البشر بل وحتى أعراف الشرف واحترام قدسية المنازل، حتى قيم البدو وعرب الصحراء لم تعد فاعلة لديها.

    ما هو أهم أكثر من هذا الحدث، على المستوى العام، هو أن الإمارات تؤكد لنا مرة ثانية وثالثة وعاشرة، أنها ما تزال تقدِّم نفسها عنصر مربك لأي مسار سياسي جديد وأنها غير مستعدة للتخلي عن لعبتها القديمة والمتجددة، ما يجعل المجلس الرئاسي الجديد أمام تحدي عملي، يكون بموجبه ملزم بلجم مثل هذه السلوكيات؛ كي لا تتصاعد وتأخذ تجليات أبعد من هذا السلوك. كما لا يستبعد أن تكون محاولة الإمارات عبر أذرعها الأمنية اقتحام منزل الحريزي هو رغبة بجس نبض المجلس الرئاسي ومراقبة ردة فعله. وحين تتخلى سلطة عن حماية كرامة مواطنيها، تكون قد فرطت بمسؤوليتها بل وأهدرت كرامتها هي وتقاعست عن ممارسة دورها المركزي المتمثل في حراية قيمة المواطنة من أي انتهاك داخلي كان أو خارجي وتحت أي مبرر كان. 

  الخلاصة: الحريزي شخص محمي بسلطته المعنوية المتجذرة في وجدان الناس، فهذا الرجل الذي نذر حياته منذ البداية لحماية كرامة قومة، لا شك أن ما صنعه سيعود له. فالشعوب تحفظ لقادتها صنائعهم، حتى حين تتراخى كل السياجات الرسمية عن دورها في حمايتهم. فكل فعل نبيل يقوم به إنسان ما في أي زمان ومكان ويصب في صالح خدمة عمومية معتبرة دونما غاية شخصية سوى نبل الهدف نفسه؛ يعود وينعكس على ذات الشخص كمجد خالد وقوة تأثيرية هي أعظم من كل مكاسب ظرفية متلاشية. والحال هذا حين نقول أن المجلس الرئاسي مطالب بحماية مواطنية فما هذا لأن أمثال الحريزي مكشوفين وبلا حوائط صد، بل هي دعوة أن يحمي المجلس الرئاسي والسلطات الشرعية نفسها من أي استباحة متجددة من قبل الحلفاء، والبداية من رفضهم لأدنى سلوك بلطجي يقوم به هذا الطرف أو ذاك. كي لا يأتي الغد وتصل الإهانة دار العليمي نفسه. ولئن كان الحربزي محميّ بقومه، فلن يغفر للعليمي قومًا تركهم عرضة للإهانات ودس رأسه وأنفه بين قدميه. 



  المجد للحريزي، تمثالنا الخالد في وجه كل التطاولات الرخيصة وبؤس الدولة المارقة.

    *رئيس مركز هنا عدن للدراسات الاستراتيجية

المزيد من أنيس منصور