آخر الأخبار
هل تفضي الحرب في أبين إلى اتفاق يطيح بالشرعية؟
أعادت المعارك الدائرة شرق مدينة زنجبار في محافظة أبين الأجواء التي سادت جنوب البلاد في شهر أغسطس/ آب من العام الماضي 2019، عندما اندلعت حرب شاملة في مدينة عدن بين القوات الحكومية والقوات التابعة للمجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات، وحازت حينها الوقات المتمردة أسلحة حديثة واستفادت من الدعم اللوجيستي الذي قدمته القوات الإماراتية في عدن.
تكاد القوات الحكومية أن تدخلَ في معركة استنزافٍ مع قوات الانتقالي، مع ترجيح كفة القوات الحكومية التي استطاعت أن تحقق العديد من المكاسب طيلة الأيام الماضية من عمر المعركة، ومع ذلك تحتاج إلى المزيد من الوقت وفائض أسلحة لكي تحقق أهدافها العسكرية في أبين وصولاً إلى عدن بعد أن عملت الإمارات على تحصين الموقف العسكري لقوات الانتقالي الموالية لها طيلة الأشهر الماضية.
من الواضح أن السعودية والإمارات، تدفعان بالأمور إلى مرحلة اللاحسم من أجل إعادة فرض صيغة جديدة لاتفاق الرياض تقر بسلطة راسخة للانتقالي في عدن ويعاد من خلالها إنتاج سلطة من وحي اتفاق الرياض وليس من روحه، وبمضمون تصبح معه حكومة المناصفة المقترحة، بموجب الاتفاق نسخة مغايرة تماماً من الشرعية، هي نفسها التي حرص هذا التحالف على إعادة إنتاجها دون أن يُتهم من اليمنيين ومن الدول الأخرى بأنه هو من قوض الشرعية الحالية التي استدعته، أو هكذا يفترض للتدخل عسكرياً في الساحة اليمنية.
لم يكن من اللائق أن يُستدعى الزبيدي من أبوظبي إلى الرياض على خلفية المواجهات المسلحة في أبين، لهذا ابتكر التحالف ذريعة أخرى ومن زاوية أخرى تماماً وهي اتهام المجلس الانتقالي بمنع قوات خفر السواحل اليمنية من القيام بواجبها في حماية الشواطئ اليمنية والرقابة على عمليات تهريب الأسلحة إلى الحوثيين.
هذه التهمة تهدف في تقديري إلى تعقيد المشهد في الجنوب، وإعطاء انطباع بأن سلطة الانتقالي تشعبت وباتت مؤثرة ليس على مستوى الداخل بل أيضاً في أعالي البحار.
والحقيقة هي أن المنطقة العسكرية الرابعة آلت إلى المجلس الانتقالي بكل إمكانياتها العسكرية، والتسليحية وبل وقائدها الذي اصبح جزء مما تسمى "القوات المسلحة الجنوبية" رغم أنها تتقاضى مرتباتها من الميزانية الحكومية، وبالتالي فإن قوات خفر السواحل هي أيضاً باتت تحت سلطة الانتقالي، لكن بوسع التحالف إن أراد إعادة أطلاق نشاط خفر السواحل دون هذا الضجيج.
إن تعطيل الرقابة على تهريب الأسلحة للحوثيين أرادوها حجة تستوجب أن تغير الرياض من مستوى معاملتها مع عيدروس الزبيدي الذي كانت تمنعه من العودة إلى عدن. وإذا صحَّتْ الأنباء بشأن دعوته من قبل القيادة السعودية فإن هذه الزيارة سوف تفضي بالتأكيد إلى إعادة النظر في اتفاق الرياض، من أجل تلافي مخاطر بقاء المياه الإقليمية وخليج عدن دون رقابة، وهو ما يستحق تقديم بعض التنازلات من جانب السلطة الشرعية لصالح سلطة الأمر الواقع الذي يفرضها الانتقالي تحت أنظار التحالف وبدعمه الكامل في عدن.
الإعلام الإماراتي الذي يعمل من العواصم الغربية بدأ يتحدث بصراحة عن ضرورة أن يقدم الطرفان(الحكومة والانتقالي) التنازلات من أجل تنفيذ اتفاق الرياض، ولست أدري ما نوع التنازلات التي يجب تقديمها وقد وقع الطرفان على هذه الصيغة من الاتفاق.
صحيفة الشرق الأوسط التي تمتلكها عائلة العاهل السعودي، تحدثت عن حرب استنزاف في أبين، وكأن الطرفين المتحاربين يمتلكان إراداتان مستقلتان عن التحالف، أو أن هذا التحالف لا يستطيع أن يوقف هذا الصراع إن كان يرغب بالفعل في إعادة الأوضاع إلى نصابها وتنفيذ اتفاق الرياض.
يكفي أن تندلع هذه الحرب لكي ندرك أن الذي يحركها ويستثمرها سياسياً ليس السلطة الشرعية والانتقالي بل السعودية والإمارات، في وقت يستمر الإعلام المرتبط بهما في كيل الاتهامات لطواحين الهواء بالوقوف وراء مأساة اليمن، أو بالتدخل في شأن اليمن، ولا تكاد قطر وتركيا تغيبان عن الخطاب الإعلامي المشوه للتحالف الذي يعكس تدني أخلاقي لا سابق له في تاريخ العلاقات بين الشعوب.
المقال خاص بموقع "المهرية نت"