آخر الأخبار
طوابير اليمن!
اليمنُ هو البلد الوحيد الذي أصبحت حياةُ الناسِ فيه تعتمد على الطوابير، طوابير بكل شيء وعلى كل المستويات الحياتية من مأكل ومشرب وملبس ودواء.
حياة اليمنيين اليوم أصبحت معتمدة على الطوابير، فعلى سبيل المثال طوابير للحصول على المشتقات النفطية وهذا كان أول مشروع طوابير يحدث في اليمن، بدأت المشتقات النفطية تنقص من المحطات المخصصة لها، وأقيمت أسواق سوداء تبيع بأسعار مبالغ فيها، فالذين لا يملكون المال الكثير أصبحوا يقفون في طوابير كبيرة أمام المحطات لتعبئة المشتقات النفطية، والذي لا يمتلك صبرًا يذهب للسوق السوداء ويأخذ ما يحتاجه بسعر اليوم الذي يباع به؛ لأنه مضطر لشراء ذلك.
وبعد الطوابير للحصول على المشتقات النفطية، توسع هذا البلاء ليعم الحياة اليومية لأبناء هذا الشعب بأكمله، فأصبحت الطوابير شرطًا أساسيًا لكي يحصل الإنسان- في هذا البلد- على مقومات الحياة الضرورية، وعلى سبيل المثال إذا أردت أن تشتري بعض الحاجيات عليك أن تقف في طابور تنتظر متى يأتي دورك لتحاسب على ما قمت بشرائه، وقد يكون الطابور طويلًا أو غير ذلك، كل هذا يعتمد على نوع المحل الذي دخلته، وإذا أردت أن تسعف مريضًا لك في إحدى المستشفيات فعليك الوقوف بطابور ذلك المشفى حتى يأتي دورك ويؤذن لك بالدخول، وعلى مستوى الحصول على المياه فقد وضع فاعلو الخير في الشوارع خزانات لمساعدة الناس، والحصول على الماء من هذه الخزانات يكون على طوابير طويلة.
عندما تلاحظ ما يعانيه الشعب جراء وقوفه في الطوابير على أي شيء تقول في نفسك: أي لعنة أصابت هذا الشعب ليعيش هذه الحياة القاسية التي أصبحت الأمور الضرورية لا تصل إليه إلا بصعوبة كبيرة وقد لا يحصل عليها؟!.
أصبح الوقوف في الطابور وانتظار الدور شرطًا أساسيًا للحصول على الأمور الضرورية ولقد وصل الحال إلى درجة الوقوف أمام الأفران لشراء الخبز أو حتى الوقوف في محلات الصرافة والكريمي بالطابور إذا كانت لديك حوالة مالية، وعن الآخر حدث ولا حرج.
فالكريمي في الفترة الأخيرة أصبح صعبًا للغاية، إذا ظهرت على بابه تقول ما الذي يحدث هنا؛ لكثرة الطوابير ولكثرة الأصوات المرتفعة المتذمرة من الوضع الذي فيه، أصبح المرء إذا كان لديه مبلغًا من المال ادخره في الكريمي لوقت الحاجة لا يحصل على ماله بالوقت الذي يذهب لأخذه؛ بل ينبغي عليه أن يقف في طوابير طويلة ينتظر دوره في الوصول إلى العامل هناك، حتى إذا كان المرء مضطرًا كأن يريد إسعاف مريض أو شراء أمورًا ضرورية يجب عليه الانتظار مثل بقية الأشخاص الذين زاغت أبصارهم ولم يصل دورهم بعد، وهنا يشعر المرء أنه جاء إلى هنا ليُتصدق عليه، لا لأن يأخذ من ماله وقد يعود للبيت خال الوفاض مكسور الخاطر.
أصبحت الحياة مُرة على كل المستويات والبلد الذي نعيش فيه اليوم أصبح بلد الطوابير، من يتقن العيش على الطوابير والوقوف فيها ومن يمتلك الصبر العظيم سيعيش، أما الذي لا يتحمل أو يعاني من مرض ما لا يمكنه الوقوف لساعات طويلة فهذا عليه السلام وعلى أهله كذلك؛ لأن الحياة اليوم أصبحت عبارة عن مغامرة كبيرة من يسارع ويجري، من يصبر وينتظر يمكنه البقاء لمدة أطول أما من يقنط مسرعًا فقد يفوته الحظ ولا يحصل على مقومات الحياة الضرورية ويكون الضحية.
المقال خاص بالمهرية نت