آخر الأخبار

هل تخرج الشرعية نهائياً من سقطرى؟

الاربعاء, 06 مايو, 2020

حدث اليوم تطور خطير آخر في مدينة حديبو، عاصمة محافظة أرخبيل سقطرى، وهو مرتبط بالمحاولات المستمرة من قبل المتمردين المدعومين من الإمارات لإسقاط السلطة المحلية الشرعية. ففي هذا اليوم الحادي عشر من شهر رمضان المعظم، الخمس من مايو/ أيار تمكنت عناصر متمردة من الوصول إلى مبنى المحافظة والسيطرة عليه ورفع الأعلام الانفصالية فوق المبنى قبل أن تتمكن القوات الأمنية من طردهم لاحقاً.

بات المتمردون في هذه المحافظة المشاطئة للمحيط الهندي، أكثر قدرة على الوصول إلى أهدافهم، فالشرعية تزداد ضعفاً وإقصاء من جانب السعودية، والحضور العسكري السعودي تحول إلى قوة فض اشتباك مع وقف التنفيذ، في حين اطمأن المتمردون إلى أن القوة الضاربة التي يمثلها اللواء الأول مشاة بحري باتت تحت تصرفسهم.

استثمار طويل الأمد قامت به ابوظبي، مستغلة قابلية معظم منتسبي قوات اللواء الذين ينتمون إلى مناطق الضالع ويافع وأبين للدخول في مشروعها الهادف إلى استقطاع محافظة سقطرى كمكافأة حرب، فيما تستمر بالتصرف على أنها مجرد طرف إقليمي يتفهم تطلعات الشعب الجنوبي إلى الاستقلال.

استمرأ الضباط والجنود الذين ينحدرون من تلك المناطق لعبة بيع الولاءات وتغييرها، بفعل المغريات الكبيرة التي يتلقونها خصوصاً من الإمارات التي فشلت طيلة السنوات الماضية في تأسيس كتلة صلبة وخشنة يمكن أن تعتمد عليها في تحقيق أهداف السيطرة على الأرخبيل دون أن تضطر إلى أن تذهب مرة أخرى إلى الأمم المتحدة لتؤكد أن لا أطماع لها في الأراضي اليمنية.

ناصر قيس ضابط ينتمي لمحافظة أبين يمثل أنموذجاً لمن خانوا الشرف العسكري وقسم المهمة العسكرية، وخان رئيسه وابن محافظته، وظل طيلة الفترة الماضية يدير التمردات ثم يخرج في أعقاب كل تمرد ليؤكد الولاء للشرعية، وهو اليوم رأس حربة في أعمال التمرد التي تتحمل السعودية المسؤولية الكاملة عن كافة النتائج التي سوف تترتب عليها.

ما يحدث في محافظة أرخبيل سقطرى يؤكد الحاجة الملحة إلى إعادة النظر في التسليم المطلق لهذا الرئيس الذي يتربع هرم الشرعية من مقره في الرياض مسلوب الإرادة والكرامة، وعاجزاً عن القيام بواجباته وربما راضياً عن كل هذا العبث الذي يطال كرامة الشعب اليمن وسيادة الدولة اليمنية، ويتصادم مع قناعات اليمنيين بمن فيهم أبناء محافظة سقطرى، الذي أكدوا في أكثر من مناسبة وفعالية وقوفهم وولاءهم للشرعية وانتمائهم للجمهورية اليمنية وهاهم يتعرضون للخذلان كما تعرض له إخوانهم في بر اليمن.

وهنا تبرز أهمية التحرك الشعبي لأبناء سقطرى ليكون بديلاً عن تخاذل الشرعية وعن الدور المخادع للقوات السعودية. بوسع الواجهات الاجتماعية في هذه المحافظة أن تقود حراكاً شعبياً صوب مؤسسات الدولة والمعسكرات وتعطيل مفاعيل القوة التي توفرت للمتمردين، على أن تكون الخطوة التالية هي الشروع في تجنيد يمكن أبناء الجزيرة من تأمين قوة عسكرية ضامنة لأمنهم وحريتهم وكرامتهم.  

لا ينبغي الركون إلى الدور السعودي المثقل والمرتبك، بالرغم مما يبدو على سطح الأحداث من تحركات، فهي تتصرف في معزل عن هدف تمكين الشرعية، وتركز على تعزيز قواتها في الأرخبيل، مع توارد أنباء بشأن قرب وصول سفينة حربية تحمل إمدادات عسكرية جديدة، ومؤخراً حلقت طائرات حربية سعودية فوق سماء المحافظة وأطلقت بالونات ضوئية، بعد يوم تقريباً من محاولة اقتحام مدينة حديبو من قبل المتمردين.

حتى اللحظة لا ندري ماذا تريد السعودية بالتحديد وما هو مغزى استعراض القوة، وعما إذا كان ذلك مجرد مناورة، أم أنه يعبر بشكل أو بآخر عن حاجة السعودية لإثبات وجودها في هذه المحافظة أمام الزحف الذي تديره الامارات على ما تبقى من مؤسسات الدولة في سقطرى، والذي سيجعل القوات السعودية هدفاً لاحقاً لقوات المتمردين هذا إذا افترضنا أن السعودية غير قابلة بالسلوك الإماراتي وغير مستعدة للاعتراف بأي نتائج سياسية للتمرد المدعوم من الإمارات.

وفقاً للمشهد الراهن في الجنوب، فإن ما يحدث يفترض أنه موجه ضد المهمة السعودية في اليمن، وأنه يشكل إرباكاً حقيقياً للسعودية، وتعطيلاً لجهودها في تنفيذ اتفاق الرياض وفي هزيمة الانقلابيين في صنعاء.

 فمنذ أن قررت التحرك نحو فرض اتفاق الرياض، وجدت نفسها أمام ردات فعل تدار جميعها من أبوظبي، فقد تم إعلان الإدارة الذاتية للجنوب من قبل المجلس الانتقالي، ونفذ تمردٌ عسكري شامل في سقطرى، وهناك احتجاجات في مدينة المكلا منذ أيام، وكلها مناطق، تعبث فيها الأيدي الإماراتية بسهولة، بالنظر إلى الأرضية التي أوجدتها على الصعيدين العسكري والأمني وحتى على مستوى ولاءات النخبة.

لكن كيف لنا أن نتأكد من أن مظاهر الفوضى هذه ليست إلا شكل من اشكال التفاوض العنيف بين الرياض وأبوظبي، وأن البلدين ليسا في حالة تخادم وتكامل في الأدوار، وأن ليس لديهما إرادة المشتركة للدفع باليمن إلى مرحلة التقسيم؟.

المقال خاص بموقع "المهرية نت"

 
 
 

المزيد من ياسين التميمي