آخر الأخبار

سقطرى وتنازع الانتماء

الجمعة, 01 مايو, 2020

 لا شك أن الدولة ككيان سياسي بمكوناته الثلاث المتعارف عليها لابد أن تمر بمراحل من التقلبات في الرؤى والسياسات بغية الوصول إلى الكيان الأمثل للدولة.

ولعل اليمن شماله وجنوبه قد نال النصيب الأوفر من هذا المخاض العسير على امتداد تاريخه السياسي والذي لم يفض إلى دولة ذو فضاءات سياسية عميقة تحمل في كنفها عوامل الانعتاق من السياسة التقليدية التي عرفت بها اليمن على امتداد تاريخها إذا ما استثنينا بعض الفلتات التي سرعان ما تم الانقضاض عليها من القوى التقليدية في الداخل والإقليم.

أعني هنا الحمدي في الشمال وسالمين في الجنوب، حيث استمر النظام السياسي في الشمال والجنوب في حالة التراجع على مستوى الداخل ليبادر الجنوب إلى الوحدة التي يرى أنها طوق نجاة له من الانهيار بعد سقوط المنظومة الاشتراكية وتراجع نفوذها على مستوى الوطن العربي.

 كانت سقطرى في كل تلك المراحل والأحداث التي مر بها الجنوب تقف موقف المراقب رغم إنها منضوية تحت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية منذ العام 67م.

ولعل مرد ذلك إلى بعدها عن مواطن الأحداث ولحالة الالتقاء التاريخية مع العوامل السياسية والتاريخية والاجتماعية التي نجمت عنها هذه الأحداث.

ويعزو المطلعون أن سقطرى لحقت بالجنوب سياسيا جبرا إذ لم تكن سقطرى تاريخيا جزء من اليمن الجنوبي يعضد هذا وجود سلطة سياسية مستقلة تحكمها ناهيك عن البعد الجغرافي اختلاف اللغة والعادات والتقاليد في الوقت ذاته الذي يخضع فيه كل من الجنوب والشمال للإدارة السياسية الخارجية، واستمرت هذه الرابطة السياسية حتى بعد الوحدة والتي شهدت سقطرى في عهدها شيء من التنمية في الخدمات الأساسية كالمواصلات والصحة والمياه وشيء طفيف في التعليم. ومع تراجع نظام صالح الذي اطاحت به احتجاجات شعبية تولى على أثرها نائبه قيادة البلد وفق تسوية سياسية قادتها دول الخليج أفضت إلى تقديم صالح استقالته.. ومما استقراه العديد من المحللين السياسيين في داخل اليمن وخارجه أن المبادرة الخليجية ما هي إلا أداة لقطع الطريق على نظام مدني قد يظهر عقب انهيار حكم صالح.. وبمرور عام على حكم هادي ظهرت مؤشرات توجست منها دول الخليج وهي تواجد الكثير من الإسلامين في مواقع القرار فعمدت الإمارات إلى دعم الحوثيين لدخول صنعاء والاستيلاء على العاصمة وفق حسابات تبين لاحقا أن نتائجها لم تأت وفق ما تم التخطيط له مما دفع السعودية إلى الدخول في حرب مع الحكام الجدد لصنعاء وهم الحوثيون.

عمدت عاصفة الحزم التي قادتها السعودية إلى ضرب البنى التحتية في اليمن حتى أنهتها تماما ولخمس سنوات لم تستطع السعودية إنهاء انقلاب الحوثيين الذي دخلت اليمن بسببه الحرب؛ بل يبدو أن الأهداف تحولت فبدلا من دعم الجيش الوطني بالسلاح النوعي لمواجهة الحوثي ذهب التحالف إلى تعزيز تواجده في الجنوب في المناطق المحررة فعززت الإمارات تواجدها في عدن وشبوة واستولت على المطارات والموانئ وأماكن إنتاج النفط والغاز وتواجدت السعودية في المهرة سقطرى إلى جانب الإمارات.. ولعبت الإمارات في سقطرى دور غاية في السلبية إذ عمدت إلى تقسيم المجتمع وشراء ولاءات لقيادات مدنية وعسكرية بغية تقويض دور السلطة وإضعافها وتطور الأمر حد الدخول في صراع مع السلطة للسيطرة على منفذي الميناء والمطار مستخدمة المال لإغواء العديد ممن يعملون في هذه المؤسسات.

وكان هناك الوقوف الحازم والقوي لمحافظ المحافظة الذي خاض صراعا طويلا مع أذرع التحالف في الجزيرة ونجح بصعوبة في تحييدها ولا زالت محاولات الإمارات في زعزعة الاستقرار في سقطرى مستمرة وكان آخرها إيعازها لمليشيات الانتقالي بالسيطرة على مواقع عسكرية حكومية بواسطة بعض العسكريين المدعومين من قبلها.

يحدث هذا وسط مراقبة القوات السعودية المتواجدة في سقطرى دون القيام بدورها الذي أعلنت عنه عند مجيئها وهو دعم جهود السلطة المحلية في حفظ أمن واستقرار المحافظة ولكنها تقف عاجزة أمام التحركات الإماراتية.
ويرجع مراقبون إلى أن الدور الإماراتي في الجزيرة يهدف إلى السيطرة عليها كليا وفصلها عن اليمن وفق تسويات سياسية منتظرة حال إنهاء الحرب.

ويبدو أن مستقبل سقطرى بات ضبابيا لخلوها من حامل سياسي محلي يقود مشروعا سياسيا واضح المعالم يهدف إلى تحقيق مستقبل سياسي مستقل للمحافظة التي بات يتنازع أمرها أطراف عدة يرى البعض أنه الأحق بها دون غيره لأسباب يراها البعض تدعم هذا الإدعاء، فيما يرى آخرون أن استقلالية الجزيرة بحكم ذاتي في ظل الدولة اليمنية الاتحادية هو الأقرب إلى تطلعات أهالي سقطرى الذين عانوا كثيرا من سياسات الإلحاق.
غهل يرى السقطريون ذلك قريبا؟ هذا ما ستفصح عنه قادم الأيام .
 

المزيد من صالح السقطري