آخر الأخبار
ليته لم يعد!
بعد ما مضت عشر أيام على مرور يوم عيد الاضحى من العام الماضي قرر السفر إلى محافظة مأرب، لقد سمع من صديقه خبرًا مفاده أن الأعمال هناك مفتوحة وأن العامل بالأجر اليومي، أجره باليوم الواحد عشرة آلاف ريال، سُر بهذا الخبر كثيرًا، قال في نفسه أن الخير قادم وأن الله قد فتح له بابًا من أبواب الرزق يمَكنه من سد حاجة أسرته.
ذهب إلى زوجته مسرعًا ونقل لها الخبر السار، امتعضت هي الأخرى ولكنها وافقت على غيابه لأن الحالة المادية التي يعيشونها صعبة للغاية، وإذا كان فراقهم سيوفر المال وسيحسن من وضعهم ستتحمل أتعاب ذلك، هكذا قالت زوجته في نفسها وودعته في اليوم التالي وقلبها يتقطع حبًا واشتياقًا.
آااه، لو كان الفراق رجلًا لقتلته ولو كانت المسافات تطوى حتى تتمكن من رؤيته كل يوم وحتى يراه أطفاله ويلعبون معه عند عودته من العمل، ولكن "تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن"، هي مجموعة أشهر وسيعود لها هو بخيره الوفير.
بعدما مضى شهر على غيابه سألته متى العودة؟، متى بإمكانها أن تكحل عينيها برؤيته أمامها؟، أخبرها أنه سيعود قبيل عيد الأضحى سيجمع ما يمكنه جمعه من المال أو حتى إن استطاع توفير حاجيات أسرته خلال هذه الفترة فهذا جميل للغاية.
هاهي الأيام تمضي مسرعة وسيأتي العيد عما قريب، هكذا كانت تقول الزوجة في نفسها مواسية لها( إن العيد قريب) ستمضي الأيام وسيلتم الشمل بإذن الله، سيفرح الأطفال وسيلبسون الجديد هذا العام سيذوقون للعيد مذاقًا خاصًا ، لن ينقصهم أي شيء بإذن الله.
دارت الأيام مسرعة وجاء العيد من بين هذا الأيام يبرز ثناياه للناس فمنهم من يسعد ويبتسم، ومنهم من يقول في نفسه" إذا رأيت نيوب الليث بارزة فلا تظنن أن الليث يبتسم".
اتصل بها زوجها وقد رتب أموره للعودة وقد اشترى ملابس العيد لها ولأولاده أخبرها أن هذا العيد سيكون مختلفًا عن سابقيه، إنه في شوق لها وكل شيء سيتوفر لها بإذن الله، وهي من الطرف الآخر تكاد تطير فرحًا، أطفاله يسألون عبر الجوال كيف هي ألوان ملابسهم وهل اشترى لهم الألعاب؟.
جاء يوم العودة وحمل الزوج هداياه عائدًا، ركب الباص وهو يتخيل كيف سيلقى أهله وقد راح عنهم الفقر ، يتبسم كثيرًا عندما ينظر للكيس الذي يحوي ملابس أولاده ويضحك عندما يتخيلهم وهم يلبسونها فرحين بها يدعون له بالخير، يتخيل ابنته الصغيرة وهي تطبع القبلة على جبينه من شدة فرحها بفستانها الجميل.
الطريق يطول أمامه وكلما غادر محافظة أحس بشيء ما يطرأ على قلبه، شيء يشبه الخوف يقارب خيبة الأمل مماثل تمامًا لشعور اقتراب الأجل، أتراه سيصل إلى أهله سالمًا معافى؟ إن تعز بعيدة عنه
وهنا الكثير من نقاط التفتيش، لا يدري بماذا يجيبهم عندما يكثرون عليه بالأسئلة، وصل عدن بعد شق النفس، قال في نفسه بقي القليل على وصولي إلى أهلي وأحبابي، قال هذا وهو لا يدري أنه بقي له القليل حتى يصل للحياة الأخرى، لقد تم اختطافه والذهاب به إلى حيث لا رجعة.
زوجته وأطفاله لم يروه إلا جثة هامدة بصورة أرسلها لهم صديق له قام بالبحث عنه حتى وجده هكذا.
ليته لم يعد وليت العيد لا يأتِي.
المقال خاص بموقع المهرية نت