آخر الأخبار
عام دراسي جديد في وطن منكوب
مكسور الخاطر جاء يجر أذيال اليأس والخيبات كعجوز في المنفى يحاول أن يثبت وجوده بين من يعاديه، بعكازه المترهل- الذي أكلت الأرضةُ نصفه- يحاول أن يثبت خطواته المليئة بالارتباك الشديد، دون جدوى من ذلك؛ فالعثرات أمامه تزداد كل وقت وحين، هذا هو التعليم في اليمن السعيد، اليمن الذي كان يشد إليه الرحال لطلب العلم، هذا البلد الذي كان يحتفي كثيرًا بصدور الكتب التي تصدر عن الدول، ولا يترك نسخة من كاتبٍ إلا وتصل إليه لتحظى بالقراءة والنقد.
العام الدراسي الجديد جاء اليوم مواكبًا لأحداث هي الأكثر تعاسة وتعبًا عن ذي قبل، هي الأكثر قبحًا و مرارة، هي الأكثر وجعًا والأشد حسرة.
عامٌ دراسي جديد يهل على هذا الشعب المنكوب من أقصاه إلى أقصاه، فيستقبله هو بما أوتي من وجع وهم وغم، يفرد له الأحضان ، التي امتلأت بالطعنات القاتلة من قبل العدو والصديق معًا، يستقبله وارتفاع سعر المعيشة ينهشه من ناحية والفقر والبطالة يأكلان ما تبقى من جسده النحيل المغضوب عليه من قبل المصائب التي تتوالي عليه بكل لحظة وحين كأنها تحمل وصية بأن تقضي عليه حتى النهاية، وهذه الوصية يجب عليها تطبيقها حرفًا حرفًا.
لا جديد في الجانب التعليمي يمكن أن يضاف إلى قائمة الأمل؛ لنواسي به هذا الشعب المنهك ، لا جديد سوى الرجوع إلى الوارء أو السقوط في الهاوية، ومسببات ذلك كثيرة، لعل أبرزها ذلك التفاوت الكبير في العملية التعليمية داخل اليمن الحبيب؛ فالتعليم في صنعاء يختلف عن التعليم في تعز بل إن المنهج الدارسي يختلف من محافظة لأخرى، فصنعاء ربة العرفان تقدم أسلوبَ تعليمٍ جديدًا وفريدًا من نوعه، تمذهب فيها التعليم ولم يعد مفردًا بذاته، تمذهب ودخل مجال السياسة، حتى أنك تجد المدارس كالمعسكرات تطبق فيها السياسة العسكرية على الطلاب هناك ووقتها تسأل ذاتك هل هذا جاء الطالب إلى المدرسة لينهل من العلم أم أنه جاء ليمارس الدور العسكري فيها.
ولك أيضًا أن تتحدث وتسأل عن المعلمين الأكفاء الذين أعطوا المجال التعليمي حقه وأخرجوا أجيالًا تستحق أن توصف بالمتعلمين،
أولئك المعلمون الذين أعطوا التعليم حقه وجعلوا العملية التعليمية تمشي على قدم وساق ، أصبحوا اليوم خارج المدارس والجامعات، فهم إما أنهم يبحثون عن مصدر يدخلون منه الرزق في الأعمال الشاقة أو أنهم قابعون في سجون لا علم لنا متى سيرون النور من جديد.
وهذا ما يوحي لك بالشتات الكبير الذي وصل بالتعليم وقاده نحو الهاوية.
هناك الكثير من المدارس التي خرج منها طلابها، بل خرج منها الكادر التعليمي بأكمله بسبب أنها تقع في خط النار وهذه لا شك قد تركت الكثير من الضحايا في هذا الجانب، أسباب كثيرة أدت إلى تدهور العملية التعليمية وتراجع المستوي العلمي لدى الطلاب، إضافة إلى ذلك أن الواقع قد فرض على الكثير من الطلاب مغادرة مدارسهم وترك التعليم جانبًا كي يذهبون للعمل الذي يعود عليهم بقليل من المال وأغلب هؤلاء تجدهم من الأذكياء الذين أجبرتهم قسوة الحياة على ترك المدارس وما بها.
المقال خاص بموقع المهرية نت