آخر الأخبار
لا تيأسي يا عدن
صبرا يا أهلي وناسي في عدن لا تيأسوا , معاناتكم من خدمات وغلاء وجوع وحر وعطش وانفلات أمني , وتفسخ قيمي وأخلاقي وسع رقعة العنف , وخطف النساء في وضح النهار بالشارع العام, نتيجة لتسلط وهيمنة كيانات تخلقت بالحرب , و جثمت على صدوركم وعدن.
كيانات ترفض أن تترك لعدن فرصة تتنفس حرية وحبا وتسامحا وتصالحا مع الذات والآخر , وتعمل على إطالة جثومها على صدوركم بعذر محاربة الإرهاب , الأقبح ذنبا في ترهيب الناس وتعنيف الواقع ,وترسيخ الكراهية , وإثارة الأحقاد , وفرز المجتمع وفق أهواء ذلك الهدف (الإرهاب ) , وفي واقع العنف لا خيار أمام الناس غير الاستسلام أو المقاومة , والمقاوم في شرع العنف شيطان يجب اجتثاثه , مما زج بالوطن و عدن لغوغاء من العنف والعنف المضاد , وحالة من عدم الاستقرار المريح لقوى نفوذ ذلك العنف لإفساد الواقع , وتعطيل دور المؤسسات , لتدمير فكرة الدولة والنظام والقانون , ويحتكم الناس للعنف وقواه العفنة .
ووقعنا اليوم هو نتاج عقلية العنف , سقط كل حلم للناس , وكل فكرة جميلة , في الخوض بالأحداث الأليمة , والتوغل في متاهات تلك الأحداث , للبحث عن مبررات الحشد والتحريض للعنف ضد الآخر , ونقل عدن من نفير لنفير , ونزيف دم وهدر للأرواح والقيم , سقطت عناوين في واقع مزور , نهب للموارد تحت عنوان السيطرة على الأرض , دون الالتزام باستحقاقات تلك السيطرة , وما معنى السيطرة ما لم تحقق تغيرا حقيقيا للواقع , تقيم الحق وتسقط الباطل , وتقدم للناس مثالا طيبا , يعالج كل مأساتهم وتحسين معيشتهم .
قال أحدهم ما كنا نشتكي منه سابقا أهون بكثير مما نشتكي منه اليوم , إذا كان النافذ والفاسد والباسط والمستهتر بالسابق , يمارس هوايته بخجل ويتوارى خلف نصوص القانون وحجج النظام , وكانوا جميعا محكومين بمنظومة , وكان للعبث خطوط حمراء لا يستطيع كائن من كان تجاوزها , خطوط الهوية والتاريخ والإرث والسيادة , وفساد الإيرادات والمؤسسات السيادية والدخل القومي , كان فساد دولة , اليوم فساد عصابات , فاقدة للسيطرة , مفتقده للخجل والرحمة , الوطن خارج اهتماماتها واختياراتها , كل شيء متاح أمام جماعات مسلحة لا تحتكم لمنظومة ولا لنظام وقانون وعهد وشرع .
ماذا تتوقع ان يقدم لك قائد أتُي به من زنزانة سجن المنصورة , غير أن يشكل لوبي نهب وبسط وسطو , ويحمي زملاء الخارجين عن القانون , ويدير عمليات تحايل وقهر وظلم الكثير من الناس , لو تنفس الواقع قليلا ليسمح للقضاء والنيابة أن تتحرك تنصف الناس , لتوافد ضحاياه أفواجا يشكون قهرهم وظلمهم , ولما اتسعت لشكواهم ملفات , وآخر يحمل على أكتافه رتبة عسكرية لا يستحقها , لا مؤهل ولا مهنة ولا علم ولا سلوك , فلا نستغرب أن يسيطر بعض هؤلاء على جزر و متنفسات ومخططات سكنية ,ومعالم تاريخية وأثرية , كان رأس النظام السابق بفساده وعنجهيتة يهتز أمام احتجاج الناس ويتراجع , وهؤلاء لا يهتز لهم جبين , بدعوى النضال وتقديم الشهداء , عبثوا بعدن عبثا غير مسبوق .
فلا تيأسوا فمثل هؤلاء يتفسخون بسرعة الأحداث , وتتفكك قواهم وتتعفن , في مخاض يؤشر لمولود تنتظرونه من زمان , واقع يدفع بالناس للتكاثف و تتآزر في اصطفاف وطني وإنساني لترسيخ دولة عادلة ومحترمة , تفرض النظام والقوانين , وتضمن المواطنة , لتزيح عن عدن تلك الغمة السوداء والرداءة والنذالة , في تفكيك واضح لقوى العنف والعصبية والقروية , التي تمكنت من عدن , بخيراتها ومواردها وأمنها وأمانها, فلم تر عدن خيرا ولا أمانا.
مؤشرات الانفراج موجودة في نتائج هذا المخاض , في وجوه اسودت , و وطنية زائفه افتضحت , وقيم وأخلاقيات تفسخت , وكراهية وأحقاد تعالت أصواتها, سقوط مدو , صار عنوانا للعبث بعدن , ودافعا ليصطف الناس مع الدولة الاتحادية , المخرج السليم لواقع آمن ومستقبل أكثر أمانا.
المقال خاص بموقع المهرية نت