آخر الأخبار
جامعة سقطرى الدولية أم الجامعة الإماراتية!
منذ افتتاح أول كلية بنظام الدبلوم العالي في أرخبيل سقطرى في مطلع الألفين والتي تتبع جامعة حضرموت كان أهالي سقطرى منذ ذلك العهد وإلى اليوم يطالبون بإنشاء جامعة تحتضن رغبات أبنائهم في التعليم، ولم ينعموا بهذا الطلب إلى يومنا هذا.
تدرجت سقطرى من مسماها مديرية إلى وكالة ومن ثم إلى أرخبيل يجمع ثلاث جزر أخرى وبعدها أصبحت محافظة ولم تتدرج الكلية إلى غير مسماها غير خطوة واحدة نقلتها من نظام الدبلوم إلى نظام البكلاريوس بقسمين ثم ثلاثة فأربعة بتطور بسيط وخطوات مثقلة وعوائق عدة وما من سنة إلا ويتم تهديدها بالإغلاق.
هناك رافد آخر وسع عملية التعليم في الأرخبيل وهو إنشاء كلية المجتمع ذات التخصصات العلمية وإن كانت محدودة إلا أنها فتحت أفاقا واسعة أمام المتعلمين لكنها وللأسف ظلت في المحدودية السابقة التي تحررت منها قليلا كلية التربية حيث أنها تقوم بتدريس الطالب ثلاث سنوات تمنحه بعدها شهادة الدبلوم في ثلاثة تخصصات هي المحاسبة والحاسوب و التمريض فقط ويكتشف الطالب حين يريد مواصلة تعليمه أنه يتوجب عليه دراسة المستوى الثالث مرة أخرى متحملا تبعاتها المنهجية والمالية.
ظلت فكرة إقامة جامعة في سقطرى هاجسا يشغل العامة والخاصة من أبناء الأرخبيل منذ وعوا أهمية التعليم وقيمته ووجدوا أبناءهم لديهم الرغبة في التعليم بل وجدوا المتفوقين من الطلاب عاجزين عن السفر لمواصلة الدراسة، فلجئوا إلى المهن الشاقة.
لذلك ما قابل السقطريون مسؤولا في الحكومة ولا زارهم من طرفها وفد إلا وكان من ألح طلباتهم إنشاء جامعة تحد من تفرق أولادهم بين المحافظات طلبا للتعليم وخوفا عليهم من مخاطر الأسفار وما يرفق ذلك من خسائر مادية ونفسية. وقد استجابت الحكومة لتلك الطلبات مجاملة كما يبدو وليس واقعا فأصدرت أوامر رئاسية تقضي بإنشاء جامعة سقطرى منذ ثلاث سنوات مضت لكن إلى اليوم لم نر لها أثر.
وفي مطلع العام الماضي قام الإماراتيون باستئجار مبني يحاذي الكليتين كلية التربية والمجتمع على مدخل مدينة حديبوه من جهة الغرب يفوقهما في السعة والتجهيز وأعلنوا منذ بداية التجهيزات أنهم بصدد إنشاء جامعة.
كثير من المثقفين والإعلاميين والعارفين بقوانين الدولة واليائسين من متابعة إنشاء جامعة سقطرى سابقا استخفوا بالكلام واعتبروه محط تظليل لإقامة مشروع آخر كما هو المعتاد من هؤلاء لكنهم تفاجؤوا في مطلع هذا العام بإعلان يستدعي الطلاب للتسجيل في الجامعة.
فكيف تحصلوا على الترخيص وبأي حق تقيم دولة على أرض أخرى جامعة وهل خافت الدولة من مخرجات هذه الجامعة وهي لا تملك جامعة على أرضها وهل هذا من دلالات ضعف الدولة اليمنية وفساد أروقة التعليم العالي وإذا لم يكن هناك ترخيص كيف يجرؤن على إعلان جامعة ودعوة الطلاب دون الحصول على ترخيص تلك أسئلة عنيفة وجريئة وكثيرة يطرحها الشارع السقطري لكنها واقعية.
اتخذت الجامعة الإمارتية اسم جامعة سقطرى الدولية بطاقم مكون من مجموعة من الأردنيين في العمل الإداري وعمادة الدكتور نديم بدوس اللحجي عميد كلية المجتمع سقطرى الذي كلف بقرار من نائب وزير التعليم الفني والمهني عبدربه المحولي وكلف من الإماراتيين بإدارة جامعة سقطرى الدولية وهو من رسم خطة إنشاء الجامعة ويمكن أن يكون هو من تكفل باستخراج الترخيص بحكم علاقته القوية مع الطرف الانتقالي في عدن.
وعموما استبشر الناس في بادئ الأمر خيرا وفرحوا بوجود جامعة بعيدا عن سياستها على أمل أن تفتح لهم مجالات واسعة من العلم والعمل وأن تلبي حاجتهم من التخصصات النادرة لكن هذه البشارة بدأت في التلاشي فور قراءة إعلان الجامعة والذي يتطلب دفع مبلغ 200 ألف ريالا للفصل الدراسي الواحد مما يعني عجز الكثير منهم عن الدراسة وهناك خصم 75% من المبلغ لمن هم من أبويين سقطريين خالصين أما من يكون من جهة واحدة فيخضع لتسديد الرسوم كاملة فضلا عمن هم من أبوين من خارج سقطرى ولو ولد أجدادهم في سقطرى وهذه بداية للتمييز العنصري والمناطقي الدخيل على الأرخبيل فلم يعهد عن أبناء سقطرى أنهم تمايزوا بينهم وبين من أراد جيرتهم من المحافظات الأخرى فقد شاركوا غيرهم كل شيء فاستحقوا الوظائف والمناصب والأوسمة والحقوق الاجتماعية كآفة ولا يليق أبدا بصرح علمي أن يمايز بين الناس بفوارق المناطقية أو الحزبية وغيرها.
ثم كيف يكون الحال لو علم القائمون على الجامعة الوليدة أن أغلب القبائل السقطرية لها امتداد عرقي يربطها مع القبائل في حضرموت والمهرة وعدن وعمان والإمارات وغيرها.
ومن التناقضات العجيبة أن الجامعة لا تستخدم الكادر المحلي من أبناء الأرخبيل من إداريين وأساتذة ودكاترة وإن يكن فبحدود زهيدة وهكذا يعتمد الإمارتيون في جل أعمالهم الإنشائية والتعميرية في المحافظة على أيد خارجية إلا فيما نذر وكأن الأمر وصل إلى حد القناعة في عدم كفاءة الكادر المحلي. وعلى العكس من ذلك تكاد الجامعة لا تقبل الطالب الوافد من خارج سقطرى وخاصة من أبناء المناطق الشمالية.
ختاما: إن كان من ترخيص فعلي للجامعة فعلى السلطات الشرعية أن تلزم الجامعة بمعايير الجامعات اليمنية إن كان فيهم ذرة من سلطة وشهامة وقوة وإلا فعلى حكومتكم السلام وعلى سقطرى ألف سلام ...راحلون باتجاه التطبيع ومرحبا بالجامعة الإسرائيلية في العام القابل إن لم يكن في هذا العام.
المقال خاص بموقع المهرية نت