آخر الأخبار
كيف مرَّ عام 2024م على اليمنيين؟ (تقرير خاص)
تعبيرية
السبت, 28 ديسمبر, 2024 - 11:05 صباحاً
لم يكن عام 2024م سهلا على اليمنيين، فقد أضفى لحياتهم معاناة صعبة جراء استمرار انهيار العملة المحلية، وتقلبات المناخ، وتقلص المواد الغذائية، واستمرار الغارات الإسرائيلية والأمريكية، وارتفاع نسبة البطالة، واتساع رقعة الفقر في أوساطهم.
وأوضحت بيانات دولية صدرت في 15 نوفمبر الماضي أن عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية في اليمن سيرتفع إلى 19 مليون شخص مع حلول العام المقبل 2025م، مع استمرار الملايين في مواجهة فجوات في انعدام الأمن الغذائي.
وتزامن ذلك مع بيان وقَّعت عليه 11دولة من بينها فرنسا وبلجيكا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، يحذر من آثار التغيرات المناخية على السلام والأمن في هذا البلد الذي يعاني نتيجة الحرب التي أشعلها الحوثيون بانقلابهم على السلطة الشرعية منذ عام 2014م.
وذكر البيان أن الصراع المزمن في اليمن أدى إلى إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية وانهيار اقتصادي، وجعل أكثر من نصف السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وفي حاجة إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة، 75 في المائة منهم من النساء والأطفال.
وفي إحاطة لمجلس الأمن التي انعقدت في 11ديسمبر الجاري بخصوص الأوضاع الدائرة في اليمن، قال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية توم فليتشر، إن: عام 2024 كان مليئا بالتحديات العميقة بالنسبة لليمن، حيث اتسم بالتصعيد الإقليمي، وتفاقم الأزمة الاقتصادية، وزيادة التهديدات لسلامة وأمن الموظفين الأمميين والإنسانيين.
وأشار فليتشر إلى أن:" الهجمات من وعلى اليمن قد هددت بإلحاق الضرر بالبنية التحتية الحيوية للموانئ البحرية، "وعرّضت تدفق الغذاء الأساسي والوقود والواردات الأخرى التي يعتمد عليها ملايين اليمنيين، للخطر، وهددت بتسرب نفطي غير مسبوق.".
وأوضح أن:" الأزمة الاقتصادية تدفع بشكل متزايد الأسر إلى اللجوء إلى "طرق بديلة للبقاء على قيد الحياة، بما في ذلك زواج الأطفال". كما انتشر وباء الكوليرا في جميع أنحاء البلاد – حيث يؤثر على أكثر من مائتي ألف شخص – وشردت الفيضانات أكثر من نصف مليون شخص خلال موسم الأمطار الشديدة نتيجة أزمة المناخ".
وبالتزامن: قال كبير المسؤولين الإنسانيين في الأمم المتحدة إن:" نقص التمويل لعمليات الإغاثة أجبر برامج حيوية على الإغلاق، حتى مع ارتفاع العدد الإجمالي للأشخاص المحتاجين في اليمن "منذ بداية العام من 18.2 إلى 19.5 مليون".
وبالإضافة إلى تقلص المواد الإغاثية وارتفاع عدد المحتاجين يعاني السكان في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية من تدهور قيمة الريال اليمني، فقد كان سعر الريال السعودي في شهر يناير" 404,5 ريالا يمنيا للشراء 404,4 ريالا للبيع" في أسواق الصرافة، أما الآن في شهر ديسمبر أصبح سعره للشراء 539 ريالا يمنيا وللبيع538 ريالا يمنيا.
انقطاع المرتبات
كما تعاني الحكومة الشرعية من عجز في صرف رواتب الموظفين للأشهر الثلاثة الأخيرة من هذا العام، في الوقت الذي انهارت فيه العملة المحلية؛ ليزيد هذا الأمر الطين بلة، ويفاقم من معاناة الموظفين الذين كانوا بأحسن حال من غيرهم.
ورافق ذلك استياء شعبيا واسعا من قبل الموظفين، وخروجهم بمظاهرات مستمرة في العديد من المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية مطالبين بحقوقهم، خاصة مع استمرار تهاوي الريال اليمني، الذي جعل مرتب الموظف منهم لا يوازي 150ريالا سعوديًا.
إقبال الصبري مدرسة في القطاع الحكومي في مدينة تعز منذ أكثر من عشرين عاما تقول لـ" المهرية نت" مر عام 2024 ثقيلا علينا نحن المعلمين فمن ناحية ضعف القيمة لمرتباتنا ومن ناحية أخرى انقطاع المرتبات، ما جعلنا في حالة من الضعف التي ظهرت حتى أمام طلابنا؛ نتيجة التعب النفسي الذي اعترانا إثر ما نحن فيه من ضيق معيشي".
وأضافت" الانهيار الحاصل في العملة المحلية عاد علينا بالضرر الكبير فلا نتسلم المرتب إلا وقد تراكمت علينا الديون من أماكن عديدة، في البقالات المجاورة لبيوتنا وفي الصيدليات والمكتبات وغيرها، الأمر الذي جعل يوم استلام المرتب أصعب يوم في الشهر، نباتُ فيه بحيرة بمن يا ترى نبدأ بقضاء الدين ومن سيتحملنا أكثر".
وبحسرة أردفت" ما يؤسف حقا هو أنني كنت قد اشتركت منذ بداية العام بجمعيات مع جيراني وكان التزامي بدفع الجمعية كل شهر متعبا جدا لي لأنني أضطر أن أستلف لأجل سداد الأقساط".
وتابعت" تأخُر صرف راتب شهر أكتوبر ونوفمبر شكَّل عائقا كبيرا لنا وأبقانا في مرحلة عجز حقيقي وضغط نفسي لم يسبق له مثيل، فمنذ بداية الحرب لم نمر بمثل هذه الظروف المعيشية الصعبة إطلاقًا".
وواصلت" كنا مستائين من انهيار العملة المحلية، حتى العلاوات التي كان يتم صرفها لا تسمن ولا تغني من جوع فجاء انقطاع المرتبات ليدخلنا في جحيم آخر، جعلنا نتمنى انتظام صرف مرتباتنا وإن كانت قليلة الثمن".
عامُ الكوارث
كما شهد عام 2024 كوارث طبيعية غير مسبوقة؛ إذْ تعرضت العديد من المحافظات اليمنية لمنخفضات جوية وسيول جارفة اجتثت العديد من البيوت وممتلكات المواطنين والعديد من المحاصيل الزراعية، بالإضافة إلى الانهيارات الصخرية والصواعق الرعدية وغيرها من الكوارث التي راح ضحيتها الكثير من اليمنيين، من رجال ونساء وأطفال.
وفي 12 نوفمبر الماضي أعلنت الأمم المتحدة، تضرر أكثر من 900 ألف شخص جراء الفيضانات في اليمن، وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في بيان مقتضب: -" في عام 2024، تضرر أكثر من 900 ألف شخص في اليمن جراء الفيضانات، معظمهم من النازحين داخليًا".
وأضاف أن " أحداث تغير المناخ تزيد من حدة الاحتياجات الإنسانية الملحة بالفعل في اليمن، وتحتاج وكالات الإغاثة إلى زيادة الدعم لملايين الأشخاص في الأزمات الإنسانية التي تواجه حالات طوارئ متعددة القطاعات في اليمن والعالم".
وتعد قرية النشيمة في منطقة شمير مقبنة بمحافظة تعز من المناطق التي شهدت مطلع أغسطس الماضي أمطارًا غزيرة وسيول جارفة حولت القرية إلى منطقة منكوبة وقف الأهالي فيها عاجزين عن إصلاح الدمار الذي تسببت به السيول غير المسبوقة، والتي كبدت السكان خسائر كبيرة في الممتلكات الشخصية والمزارع ومصادر الدخل التي كانوا يعتمدون عليها كمصانع البلوك وخزانات المياه ومواطير الكهرباء وغيرها.
بهذا السياق يقول نبيل سيف" أحد المتضررين من السيول، والذي فقد مصنع البلوك الخاص به-:" ذلك اليوم الذي شهدت فيه قريتنا تلك السيول القاتلة، لم يكن يوما عاديًا؛ بل كان كارثةً بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وكان رعبًا حقيقيًا توسط الأهالي وأشعرهم باقتراب الأجل الحتمي".
وأضاف سيف لـ " المهرية نت" للأسف، هذه السيول تسببت في خسائر فادحة، شملت المنازل والمزارع وسبل العيش، وتركت العديد من العائلات في وضع مأساوي لا يوصف، ناهيك عن الاضطراب النفسي الذي اعترى جميع السكان وأصبحوا يشعرون بالقلق الكبير كلما رأوا سحابة سوداء في السماء محملة بمياه الأمطار؛ لأنهم يعتقدون حينها أن كارثة جديدة ستحل عليهم".
وأردف: منذ ذلك اليوم الذي وقعت فيه السيول وحتى اللحظة لم يتم إصلاح الأضرار التي نتجت عنها، فلم يتم إصلاح غير بئرين للمياه وفتح طريق فقط، وتدخل بعض المنظمات التي قدمت مبالغ مالية بسيطة للمتضررين".
وتابع" أكثر من 350 شجرة نخيل ومانجو أتلفت تماما وقد كانت مصدر دخل لأصحابها، و13 منزلًا هدمت بشكل جزئي أو كلي، ومصنعي الخاص بالبلك، وثلاثة محال لبيع المواد الغذائية، كل ذلك حتى الآن لم يتم ترميمه ولو بعض أجزائه".
وواصل" هذه الكارثة ما سبق وأن شهدتها مديريتنا، وهذا العام كان كئيبًا على السكان في هذه المديرية وغيرها فهو عام الكوارث بالنسبة للعديد من اليمنيين".
ركود الأعمال
وعلى الرغم من استقرار سعر العملة القديمة أمام السعودي 140ريالا يمنيا سعر الريال السعودي الواحد في مناطق جماعة الحوثيين، إلا أن المواطنين يعانون بشكل كبير بسبب ركود الاقتصاد وحركة الأعمال، في الأسواق وغياب صرف رواتب الموظفين منذ سبع سنوات.
كما أن الغارات الإسرائيلية والأمريكية- خلال هذا العام على المراكز الحيوية في الحديدة وصنعاء، خلفت مخاوف كبيرة لدى المواطنين، خاصة مع اعتماد السكان على تلك المناطق في إدخال السلع الغذائية وتوفير الوقود بنسبة 80إلى 90% وفق إحصائيات محلية ودولية.
وتوقعت شبكة نظام الإنذار المبكر بالمجاعة في تقريرها الصادر 15نوفمبر الماضي أن يرتفع عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية في اليمن إلى نحو 19 مليون شخص بحلول شهر مارس (آذار) من العام المقبل، خصوصاً في مناطق سيطرة الحوثيين، وأكدت أن الملايين سيواجهون فجوات غذائية.
وحول توقعات الأمن الغذائي في اليمن حتى مايو/أيار عام 2025؛ أشارت الشبكة إلى أن الأسر اليمنية لا تزال تعاني من الآثار طويلة الأمد للحرب المستمرة، بما في ذلك الأوضاع الاقتصادية السيئة للغاية في مختلف المحافظات.
وبيّنت الشبكة أن بيئة الأعمال في البلاد تواصل التدهور، مع نقص العملة في مناطق سيطرة الحوثيين، بينما تشهد المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً انخفاضاً في قيمة العملة وارتفاعاً في التضخم.
بدوره يقول المواطن موسى سعيد- 44 عاما- يسكن في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين إن:" الأعمال في مهنة البناء شحيحة خلال هذا العام، 2024م، وأثر ذلك على حياة الكثير من المقاولين والعاملين في هذا المجال عن الأعوام الماضية".
وأضاف لـ"المهرية نت" في العام الماضي 2023م كنت أعمل أسبوع أو أسبوعين في الشهر، في مهنة البناء، وأتقاضى في اليوم الواحد من 12ألف إلى 14ألف بالعملة القديمة، وكنت أوفر متطلبات أسرتي المكونة من خمسة أفراد، أما الآن تمر أشهر ولا نعمل فيها حتى يوما وحدًا ولو ب10ألف ريال قديم".
وتابع" الضربات الإسرائيلية والأمريكية خلفت لدينا الكثير من المخاوف، في ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود خاصة مع شحة الأعمال وغياب المساعدات الإنسانية منذ سنوات".