آخر الأخبار

الصيادون اليمنيون… مآسٍ متكرّرة على امتداد الشواطئ اليمنية! (تقرير خاص)

قوارب للصيادين في سواحل الخوخة

قوارب للصيادين في سواحل الخوخة

المهرية نت - من افتخار عبده
السبت, 14 سبتمبر, 2024 - 09:31 صباحاً

في ظل ارتفاع وتيرة التصعيد الذي يشهده البحر الأحمر واستمرار القرصنة الإرتيرية تزداد معاناة الصيادين اليمنيين يومًا بعد آخر وتضيع حقوقهم المشروعة على مرأى ومسمع من العالم.

 

أصناف من التعذيب النفسي والجسدي يتعرض لها الصيادون داخل السجون الإرتيرية؛ إذ يتم استغلالهم في الأعمال الشاقة والأعمال المنزلية، وتعنيف الأطفال القصر الذين اصطحبهم أباؤهم معهم إلى البحر؛ لتعلم الصيد؛ من أجل مساعدتهم في كسب المال الحلال، بالإضافة إلى مصادرة الأملاك من قوارب ومعدات.

 

ومنذ أن تدخل التحالف السعودي الإماراتي بالشأن اليمني فقد بسطت الإمارات يدها بالسيطرة على موانئ اليمن ونهب ثروات البلد ما تسبب بمآس كبيرة للصيادين اليمنيين؛ جراء منع الإمارات لهم من ممارسة مهنتهم التي تشكل مصدر عيشهم الوحيد، وبسبب المضايقات التي يتعرضون لها والتي تتراوح ما بين الاعتقال والتشريد والتعذيب والقتل.

 

كل ذلك قامت به الإمارات على مرأى ومسمع من العالم أجمع ومن السعودية التي تغض الطرف عن صلف الإمارات وعبثها بحق اليمنيين، وفي ظل صمت مستمر من قبل الحكومة الشرعية.

 

وجاء التصعيد العسكري الذي يشهده الممر الملاحي في البحر الأحمر ليزيد هذه المعاناة مرارةً ويفقد مئات الآلاف من الأسر مصدر دخلها الوحيد؛ فمنذ منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني، تشن جماعة الحوثي هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة في البحر الأحمر على السفن والناقلات المرتبطة بإسرائيل أو بريطانيا أو الولايات المتحدة الأمريكية.

 

وبدأت الولايات المتحدة وبريطانيا منذ منتصف يناير/ كانون الثاني الرد بغارات جوية على أهداف للحوثيين؛ الأمر الذي جعل البحر الأحمر حِلْبَة صراع عنيف عانى منه العزل من الصيادين وأسرهم.

 

وأصبح الصيادون اليمنيون كالمقيدين من كل النواحي؛ فهم أمام شبح السلطات الإرتيرية التي تعتقل كل من اقترب من مياهها، وأمام هيجان المد والجزر، وقلة الحصول على الصيد نتيجة عدم استقرار البحر، ناهيك عن صعوبة توفير مُعِدَّات الصيد خصوصًا لدى أولئك الذين تمت مصادرة ممتلكاتهم من قبل السلطات الإريترية وعادوا من المعتقل بأنفسهم وخيباتهم فقط.

 

بهذا الشأن يقول مدير مركز الإنزال في ساحل المخاء، عبد الحكيم مهدي" نعمل جاهدين على إبلاغ الصيادين بعدم تجاوز المياه الإقليمية والدولية الفاصلة ما بين اليمن وإرتيريا، ولا سيما في الشريط الساحلي ما بين مديرية ذو باب والخوخة، ويحدث أن يتجاوز بعض الصيادين هذه المياه فيتم اعتقالهم من قبل السلطات الإرتيرية وهناك من تم رميهم الرَّصاص الحي حتى فارقوا الحياة".

 

وأضاف مهدي لموقع" المهرية نت" الصيادون الذين يتم اعتقالهم من قبل السلطات الإريترية سواء كانوا من أبناء المخاء أو من أبناء الخوخة وغيرهم من أبناء الحديدة، ازداد عددهم بشكل كبير خاصة بعد التصعيد العسكري في البحر الأحمر".

 

وتابع" الذين يعودون من السجون الإرتيرية يكونون في حالة نفسية سيئة نتيجة ما تعرضوا له من تعذيب داخل تلك السجون وإجبارهم على ممارسة الأعمال الشاقة، والتعذيب النفسي والجسدي ومصادرة الممتلكات".

 

ولفت مهدي في حديثه لموقع" المهرية نت" إلى أنه" هناك ثلاث جرائم قتل للصيادين اليمنيين من قبل السلطات الإريترية، إحداها كانت قبل الحرب بداية عام 2014 والضحية عمار ناصر صغير، والثانية أنور مهيوب محمد حسن عُسيلي، وقبل فترة ليست بالطويلة قتل سعيد علي عبده غفاري".

 

وأردف" ليس الاعتقال وحده من يخيف الصيادين اليمنيين؛ فبعد التصعيد العسكري في البحر حرم غالبية الصيادين من حقوقهم؛ فمنهم من تم اعتقالهم ومنهم من تمت مصادرة ممتلكاتهم ومنهم من منعوا من العمل في هذه المهنة".

 

ندورة الصيد وتأثير المد والجزر

 

وتابع مهدي حديثه لموقع" المهرية نت" التصعيد العسكري في البحر أدى إلى حرمان الصيادين من حريتهم في التحرك؛ فقد أصبح تحركهم محدود، بالإضافة إلى اختلاف المد والجزر فهذا يؤثر سلبا على قوارب الصيادين فقد يجرفهم المد تجاه مناطق الحوثيين أو عكس ذلك، تجاه مناطق الشرعية".

 

وواصل" أما بالنسبة للإجراءات الوزارية فهي تعمل على قطع تراخيص للقوارب التي تخرج للاصطياد وخاصة للقوارب التي تستمر من سبعة أيام إلى خمس عشرة يومًا وهذه التراخيص متطلبة لدى دوريات خفر السواحل خاصة بالقرب من الجزر اليمنية كجزيرة حنيش وزقر".

 

في السياق ذاته يقول عبد الغني الهادي ( صاحب وكالة لبيع معدات الصيادين في محافظة الحديدة) " أعمل في مهنة الصيد منذ عام 1998م في القطاع السمكي في ميناء الاصطياد بالحديدة بمجال حراج الأسماك وتموين قوارب الصيادين، وعلاقتي بالصيادين علاقة جيدة الأمر الذي جعلهم يستدينون مني معدات بمبالغ كبيرة".

 

عملٌ محفوفٌ بالمخاطر

 

وأضاف الهادي لموقع" المهرية نت" طبيعة عمل الصيادين محفوفة بالمخاطر- بلاشك-؛ فهم معرضون لمخاطر كثيرة كالقرصنة البحرية من قبل القوات الإرتيرية وكذلك الكوارث الطبيعية كالغرق أو الحريق ومخاوف أخرى في صعوبة توفير بعض الخدمات كالوقود ومعدات الصيد".

 

وأردف" كنت أتقبل كل ما يحدث لي من مآسٍ بنفس راضية وهدوء تام، فجاءت سنوات الحرب بمآسيها المتواصلة والتي تزداد في خنقنا يوما بعد آخر؛ ففي بداية الحرب كنا نظن في أنفسنا أن الأمر لن يدوم طويلا، وكنا نقوم أنا وزملائي بتعويض الخسائر وذلك ببيع بعض ممتلكاتنا ثم العودة لمباشرة العمل".

 

وتابع" طالت الحرب وتوسعت مآسينا حتى وصل الأمر إلى استهداف القوارب الخاصة بالصيادين العاملين معنا في الوكالة بالإضافة إلى ما لحقنا من خسائر مادية كبيرة بسبب التصعيد العسكري في البحر الأحمر والقرصنة الإرتيرية التي قامت بمصادرة القوارب واحتجاز الصيادين لفترات طويلة".

 

وأوضح" استدعاني الواجب إلى الوقوف بجانب الصيادين المتضررين الذين فقدوا ممتلكاتهم؛ فعملت من أجل أن يعود بعض الصيادين إلى العمل وذلك بشراء قوارب ومحركات وأدوات صيد لهم ليعودا لمباشرة مهنتهم في الصيد من أجل إعالة أسرهم و من ثم يقومون بعد ذلك بتقسيط المبلغ لي خلال دفعات".

 

خسارات غير متوقعة

 

وبحسرة تحدث الهادي عن خسارته الكبيرة قائلا" حدث لي حادثٌ مفاجئ أدى إلى خسارتي ما يقارب 22 مليون؛ فقد تعرض قاربي للاحتراق أثناء تموينه بحوض ميناء الاصطياد في الحديدة ما أدى إلى إتلاف ثلاث محركات وإتلاف جزأين من اثنين قوارب آخرين بالإضافة إلى إحراق باص كان يحمل برميلا من البترول وقد قيل لي إن السبب بذلك ناتج عن ماس كهربائي".

 

وبين" ما أحزنني كثيرًا هو تأخر الدفاع المدني عن الوصول إلى مكان الحادث رغم سرعتنا في طلب المساعدة، فقد انتشرت النار في الرصيف والحوض وفي القوارب الثلاثة وداخل الباص ما أدى إلى إتلاف الباص وقارب بشكل كلي واثنين بشكل جزئي بالإضافة إلى ثلاثة محركات ومعدات أخرى".

 

وواصل" تراكمت الأحداث المأساوية علينا في الوكالة فكان انهيارنا شيئا فشيئا حتى وصلنا إلى مرحلة الإفلاس التي أنا اليوم فيها عاجز عن العمل في المجال الذي كنت أعمل فيه منذ أكثر من أربع وعشرين عاما".

 

وأكد" خسارتي جاءت بسبب خسارة الصيادين فأغلبهم أخذوا مني معدات الصيد دينًا، ومنهم من كان يستدين لحدود ستة ملايين ويقوم بتقسيطها على أربعين ألف أو ثلاثين في الشهر وهذا ما جعلني أصلُ إلى مرحلة الإفلاس بسبب عدم قدرة الصيادين على سداد ديونهم نتيجة تضررهم من التصعيد العسكري وغيره".

 

 


كلمات مفتاحية: اليمن الصيادين الخوخة


تعليقات
square-white المزيد في محلي