آخر الأخبار
هل تمتلك "إسرائيل" الحق في ضرب اليمن؟ وهل ميناء الحديدة هدفا ًعسكرياً؟.. معهد أمريكي يجيب
السبت, 03 أغسطس, 2024 - 10:59 صباحاً
قال معهد ليبر الأمريكي، إن العدوان الصهيوني على اليمن وذلك بشن غارات جوية استهدفت ميناء مدينة الحديدة الساحلية الخاضعة لسيطرة الحوثيين، لن تردع الحوثيين عن شن مزيد من الهجمات على "إسرائيل".
وأضاف المعهد والذي يهتم بدراسة دور القانوني الدولي الإنساني في الصراعات الناشئة في العالم، في مقالًا للكاتب البروفيسور راؤول بيدروزو، ضابط بحري متقاعد في البحرية الأمريكية، أنه بالمثل، فإن الضربات المتقطعة على الأهداف البرية التي تشنها الدول المشاركة في التحالف الأمريكي بالبحر الأحمر" لم تردع الحوثيين بشكل فعال عن شن مزيد من الهجمات على السفن التجارية".
في 18 يوليو 2024، نفذ الحوثيون هجوماً بطائرة مسيرة على تل أبيب، أسفر عن مقتل شخص واحد وإصابة عشرة آخرين على الأقل. وتم تنفيذ الهجوم بطائرة مسيرة إيرانية من طراز "صماد 3" تم تعديلها لتنفيذ ضربة بعيدة المدى. ويعتبر هذا الهجوم أول ضربة قاتلة للحوثيين على إسرائيل منذ بدء حرب غزة في 7 أكتوبر 2023.
بعد يومين من الهجوم الحوثي، رد جيش الاحتلال الإسرائيلي بأول ضربة قاتلة لها على اليمن، وذلك بشن غارات جوية استهدفت ميناء مدينة الحديدة الساحلية الخاضعة لسيطرة الحوثيين. نتج عن الهجوم تضرر محطة الكهرباء في المدينة وتدمير عدة خزانات وقود ورافعات حاويات كبيرة تستخدم في تفريغ السفن. وأفاد المتحدث باسم الحوثيين بأن الضربة الإسرائيلية أسفرت أيضاً عن مقتل ستة أشخاص وإصابة 87 آخرين.
رغم أن الغارات التي شُنت في الـ 20 من يوليو كانت رداً فوريًا على هجوم الطائرة المسيرة على تل أبيب في الـ 18 من الشهر ذاته، إلا أنها كانت أيضًا ردًا على أكثر من مائتي هجوم حوثي استهدف "إسرائيل" منذ الـ 7 من أكتوبر. ووفقًا لمسؤولين إسرائيليين، فقد ركزت الغارات الإسرائيلية على "منشآت مزدوجة الإستخدام" داخل الميناء.
وزعم كاتب المقال البروفيسور الأمريكي راؤول، أن "مدينة الحديدة هي المدخل الرئيسي للأسلحة الإيرانية والمعدات العسكرية الأخرى التي تُهرّب بشكل غير قانوني إلى اليمن، يمثل الميناء مصدر دخل رئيسي لتمويل عمليات الحوثيين الإرهابية، لذا، فقد كان الهدف من الغارة الجوية تعطيل خطوط إمداد الأسلحة الإيرانية للحوثيين وتدمير البنية التحتية ذات الاستخدام المزدوج (تخزين الوقود وتفريغ الشحنات) التي تُوظف لتمويل الهجمات الإرهابية في جميع أنحاء المنطقة".
لكنه أقر في ذات الوقت بـ"أن الميناء ومدينة الحديدة تُعدّ مدخلاً رئيسياً للمساعدات الإنسانية (كالغذاء والوقود وغيرها من السلع) وتضم عدداً من صوامع الغِلال وغيرها من المواد الغذائية. وبالرغم من وجود أدلة على قيام الحوثيين باختلاس كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية التي تمر عبر مدينة الحديدة، إلا أن المنظمات الإنسانية تستمر في توجيه المساعدات عبر الميناء، مستشهدة بالأزمة الإنسانية المستمرة. وعلاوة على ذلك، تتمتع مدينة الحديدة بالقدرة على استقبال كميات كبيرة من السلع وقُربها من المراكز السكانية.
ووفقًا لخبير في شؤون الشرق الأوسط لدى مجموعة نافانتي، فإن الضرر الذي لحق بخزانات الوقود سيؤدي إلى "نقص حاد في الوقود في جميع أنحاء شمال اليمن"، بما في ذلك تأثر المستشفيات.
كما أن الضرر الذي أصاب محطة الطاقة سيؤدي إلى "تفاقم معاناة السكان المحليين" حيث قد تتجاوز درجات الحرارة في الصيف الأربعين درجة مئوية. ورغم إمكانية إعادة بناء محطة الطاقة وخزانات الوقود المتضررة، إلا أن الأمر سيتطلب تكاليف باهظة ووقتًا طويلًا لإنجازه.
ورداً على امتلاك "إسرائيل" الحق في ضرب باليمن، يقول كاتب المقال، إنه على الرغم من أن الدول لا ينبغي لها، كقاعدة عامة، أن تنفذ عمليات عسكرية في أراضي دولة أخرى دون موافقة هذه الدولة أو بدعوة منها، إلا أن هناك استثناءات لهذه القاعدة."
وهذه الاستثناءات كما يقول كاتب المقال البروفيسور الأمريكي راؤول، أنه إذا كانت دولة (كاليمن) عاجزة أو غير مستعدة لمنع جماعات مسلحة (كالحوثيين) من استخدام أراضيها قاعدة لشن هجمات على دولة أخرى، يحق للدولة المتضررة اللجوء إلى حقها في الدفاع عن النفس واستهداف هذه الجماعات داخل أراضي الدولة الأولى. لا تخضع الأراضي اليمنية الواقعة على ساحل البحر الأحمر لسيطرة الحكومة الشرعية في اليمن، كما أن المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن لا يمكن لقوات الأمن اليمنية الوصول إليها.
ويحسب رأي كاتب المقال، فإن الحكومة اليمنية غير قادرة أو غير مستعدة لمنع الحوثيين من مهاجمة "إسرائيل" أو السفن التجارية من هذه الأراضي. معتبراً استخدام "إسرائيل" للقوة في الدفاع عن النفس ضد الأهداف العسكرية للحوثيين في اليمن، لمنع الهجمات المستقبلية من الأراضي التي يسيطر عليها المتمردون، له مبرر قانوني. على حد قوله.
وبشأن الأهداف العسكرية في ميناء الحديدة، قال الكاتب الأمريكي، إن هناك أدلة على أن مدينة الحديدة تُعد قاعدة عمليات رئيسية يستخدمها الحوثيون لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة على السفن التجارية في البحر الأحمر. علاوة على ذلك، يمثل الميناء مصدر دخل رئيسي لتمويل أنشطة الحوثيين الإرهابية وتُعتبر أي مساعدات إنسانية يتم تحويلها للحوثيين هدفًا عسكريًا، ولن يؤخذ تدميرها بعين الاعتبار في تحليل التناسب.
نظراً لاستخدام الحوثيين للميناء كمحطة لتهريب الأسلحة الإيرانية، وقاعدة لشن الهجمات على سفن الشحن التجاري، ومصدر تمويل لأنشطتهم الإرهابية، فإنه من الواضح أنه يساهم بشكل فعال في عملهم العسكري ويعتبر هدفاً عسكرياً من حيث الاستخدام. لذا، فإن قطع خطوط إمداد الأسلحة وتدمير البنية التحتية ذات الاستخدام المزدوج (مثل خزانات الوقود ومرافق تفريغ الشحن) المستخدمة لتمويل العمليات الإرهابية يمنح "إسرائيل"، بلا شك، تفوقًا عسكريًا واضحًا، كما تؤكد ذلك قوانين الحرب الأمريكية.
وحسب مزاعم الكاتب، فإن استهداف وإغلاق هذه المنشآت، يمثل نجاحا إسرائيليا في حرمان الحوثيين من القدرة على استخدام الميناء والبنية التحتية المرتبطة به لدعم عملياتهم العسكرية حتى إعادة بناءه مجددًا، وفقًا لقوانين الحرب (دليل وزارة الدفاع الأمريكي للقانون الدولي الإنساني، المادة 5.6.7.3). وقد خلص تقييم الأضرار بعد الضربة التي أجرتها قوات الاحتلال إلى أن قدرة الميناء على استقبال البضائع قد "تعطلت بالكامل".
وقد أوقف القصف الإسرائيلي منشآت الميناء عن الخدمة، متسببًا في تدمير صهاريج الوقود ورافعات الحاويات الضخمة، فضلاً عن محطة الطاقة الرئيسية في المدينة. وقد أسفر الهجوم عن مقتل ستة أشخاص وإصابة 87 آخرين. ومن المتوقع أن يتسبب شلّ حركة الميناء إلى تقليص تدفق المساعدات الإنسانية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن.
وسيؤدي تدمير خزانات الوقود إلى أزمة وقود حادة بعموم شمال اليمن، كما أن الأضرار التي لحقت بمحطة توليد الكهرباء قد تؤثر سلبًا على المدنيين خلال أشهر الصيف الحارة، وقد اقتصرت الضربة الإسرائيلية على الميناء والبنية التحتية المرتبطة به، ولم تستهدف المناطق المدنية في المدينة. الأهداف العسكرية، مثل الميناء وخزانات الوقود ورافعات الحاويات، هي من استهدفت فقط. ورغم عدم تأكيد حصيلة الضحايا المدنيين، إلا أنهم يُرجح أن يكونوا من عمال الميناء ومدنيين آخرين يعملون فيه، وهو هدف عسكري مشروع بكل المقاييس. بينما لا يمكن اعتبار هؤلاء المدنيين مشاركين مباشرين في القتال، كما هو الحال مع العمال المدنيين في مصانع الأسلحة، فإن وجودهم في موقع يشكل هدفًا عسكريًا واضحًا يزيد من احتمالية تعرضهم للإصابة أو القتل العرضي.
ونظرا للمكاسب العسكرية الملموسة والمباشرة التي تحققت من خلال استهداف الميناء بحسب كاتب المقال، كمحطة لتهريب الأسلحة الإيرانية وقاعدة لشن الهجمات على السفن، فإن الخسائر المدنية والإصابات والأضرار التي لحقت بالممتلكات المدنية نتيجة لهذا الهجوم ليست مفرطة بوضوح. علاوة على ذلك، يمكن إعادة توجيه المساعدات الإنسانية إلى ميناء عدن الجنوبي.
وفيما يتعلق بأضرار محطة الطاقة، فإن "محطات توليد الكهرباء يُعترف عمومًا بأهميتها الكافية لقدرات الدولة على تلبية احتياجاتها من الاتصالات والنقل والصناعة خلال الحرب، وبالتالي فهي عادة ما تكون أهدافًا عسكرية خلال النزاعات المسلحة"، بحسب رأي الكاتب الأمريكي.
وبالتالي، كانت محطة الطاقة هدفًا عسكريًا واضحًا، وأي آثار جانبية - مثل انقطاع تكييف الهواء - خلال أشهر الصيف ضئيلة للغاية (في أفضل الأحوال) بالنظر إلى الميزة العسكرية الملموسة والمباشرة التي تحققت بمهاجمة المحطة. وهذا الأمر سيكون ذو صلة فقط في حال تسبب في خسائر في الأرواح أو إصابات بين المدنيين. ولا يصبح الهجوم المشروع غير قانوني لمجرد أنه يسبب إزعاجًا طفيفًا للسكان المدنيين أو يقلل من معنوياتهم (دليل وزارة الدفاع الأمريكي لقانون الحرب، المادة 5.6.7.3).
وفي الواقع، يزداد الحوثيون جرأة يوماً بعد يوم من خلال توسيع نطاق عملياتهم الجغرافية إلى البحر الأبيض المتوسط وميناء حيفا الإسرائيلي والبحر العربي. ومع ذلك، حتى إذا لم يكن للرد الإسرائيلي تأثير رادع، فإن التأثير على قدرة الحوثيين على القيام بأعمال إرهابية أخرى ضد "إسرائيل" يفي بضرورة الدفاع عن النفس.
حتى اليوم، فإن الإجراءات الدفاعية لـ"إسرائيل" ودول أخرى كانت رد فعل وليست استباقية، مما أعطى الحوثيين أفضلية تكتيكية. وإذا أراد المجتمع الدولي أن ينجح في خفض هجمات الحوثيين على السعودية والشحن التجاري بشكل كبير، يجب عليه تطبيق الدروس المستفادة من عمليات مكافحة القرصنة قبالة سواحل الصومال.
وخلص كاتب المقال الأمريكي في مقاله، إلى انه منذ اندلاع الصراع في غزة، أكد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، أن "إسرائيل" سترد على أي أحد يضر بها. والهجوم على ميناء الحديدة يؤكد أن "إسرائيل قادرة على الوصول لأي هدف". كان الهدف من الضربة الجوية أيضًا أن تكون "رسالة ردع للحوثيين ولكل من يراقب في المنطقة". ومع ذلك، إذا كان الردع سيُجدي، فيجب أن تكون إسرائيل (والدول المشاركة في التحالف الأمريكي) مستعدة لاتخاذ إجراءات أكثر من مجرد ردود فعل متفرقة على العدوان الحوثي.
وحسب الكاتب، فإن تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، أنهم مستعدون لتنفيذ ضربات مماثلة ضد أهداف عسكرية "في أي مكان يتطلبه الأمر "، يتطلب ذلك الإرادة السياسية للانخراط في حملة قصف واسعة وطويلة الأمد، بالتنسيق مع الدول الحليفة الأخرى، المصممة لتدمير جميع الأهداف العسكرية الحوثية في جميع أنحاء اليمن والتي تساهم في قدرتهم على تنفيذ ضربات بعيدة المدى ضد "إسرائيل" .
ووفقا للكاتب، تشمل الأهداف العسكرية منشآت تصنيع الصواريخ الباليستية المضادة للسفن وصورايخ كروز والطائرات المُسيرة التابعة للحوثيين. بالإضافة إلى مراكز القيادة والسيطرة، ومخازن الصواريخ والطائرات المُسيرة، والقواعد اللوجستية، وأنظمة الدفاع الجوي، وبطاريات الصواريخ الهجومية، ومواقع الرادار، والمرافق البحرية مثل ميناء الحديدة.
واختتم الكاتب الأمريكي، بربط النجاح على الحوثيين باستهداف قادة بارزين من الحوثيين لرفع تكلفة الأعمال الهجومية المستمرة ضد "إسرائيل" والسفن التجارية المدنية.
https://lieber.westpoint.edu/applying-unwilling-unable-test-israel-strikes-houthi-targets/