آخر الأخبار

ثورة 14 أكتوبر .. هكذا حقق اليمنيون استقلالهم من الاحتلال (تقرير خاص)

كفاح ضد الاحتلال البريطاني

كفاح ضد الاحتلال البريطاني

المهرية نت - تقرير خاص
الخميس, 14 أكتوبر, 2021 - 11:18 صباحاً

مطلع العام 1839 استطاعت البحرية البريطانية السيطرة على مدينة عدن بسهولة نسبية نتيجة لفارق الإمكانات الهائل بين المقاومة الشعبية التي حاولت الاحتفاظ بالمدينة  وبين قوات الامبراطورية البريطانية التي "لا تغيب عنها الشمس" .

 

المحاولات التي تلت استحواذ الكابتن الإنجليزي " هينس" ، قائد الأسطول الهندي في البحرية البريطانية ، على عدن ، والتي أرادت تغيير واقع الاحتلال وتكررت حتى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين كانت محدودة الأثر ، ولم تستطع شيئاً أمام تمدد الإنجليز في الجنوب.

 


وتمكن الاستعمار من مضاعفة واقع التخلف والانقسام في سلطنات وإمارات الجنوب التي بلغ عددها 21 إمارة وسلطنة ومشيخية ، مستقلة عن بعضها ، ومتناحرة فيما بينها ، حتى أصبح الاستعمار هو الرابط الوحيد الذي يجمعها بدلاً عن الروابط الوطنية والدينية والثقافية .

 

هذا الواقع السيء مكن الإنجليز من الاستمتاع بنفوذهم في جنوب اليمن بأريحية شبه مطلقة لما يزيد عن المائة عام ، إلى أن تحركت المياه الراكدة من تحت الاستعمار وانبعثت حركات التحرر الوطني في آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا في أعقاب الحرب العالمية الثانية 1945 .

الامبراطوية البريطانية تتهاوى

أخذت الامبراطورية البريطانية تتهاوى في المنطقة ، وبعد أن كانت كل من مصر والعراق قد تحررتا من الانتداب البريطاني ، تمكن الهنود من إنجاز استقلالهم نهاية أربعينيات القرن ، وكذلك فعل الأردنيون ،  وتحولت عدن إلى قاعدة بريطانية رئيسية بعد أن كانت في البداية  محطة لتزويد السفن التجارية البريطانية بالوقود ونقطة بحرية لحماية الطريق بين أوروبا والهند.

 

حاول الاستعمار البريطاني في جنوب اليمن استباق رياح التحرر ، وبدأ في 1954 العمل على إنجاز مشروع " اتحاد إمارات الجنوب العربي" ، وهو كيان سياسي أرادت بريطانيا أن تستمر في سيطرتها على الجنوب من خلاله حتى تقطع الطريق على دعوات الاستقلال ، لكن الخلافات بين السلاطين والمشائخ الموالين للاستعمار حول رئاسة الاتحاد حالت دون إعلانه حتى عام 1959 .

 

تنامت التمردات القبلية في ريف جنوب اليمن ضد البريطانيين خلال الخمسينات ، وقام الإمام "أحمد " في شمال اليمن بتحريض بعض القبائل في الضالع ولحج عام 57 لاستهداف الجنود والمسؤولين الانجليز ، في محاولة من إمام الشمال اليمني للظهور بمظهر الزعيم القومي المخلص والمناهض للاستعمار بعد أن أصبح هو نفسه موضع سخط شعبي وهدفاً للتمردات العسكرية .

 

وعلى مستوى النضال المدني ، استفاد اليمنيون في عدن من الديمقراطية الشكلية التي يوفرها الإنجليز في المدينة وبدأوا بتأسيس النقابات والاتحادات العمالية ، وكان تأسيس " المؤتمر العمالي" في عام 56 هو القفزة الأكبر في هذا الاتجاه ، حيث أخذ " المؤتمر" على عاتقه تنظيم الإضرابات والمظاهرات الاحتجاجية المؤثرة في عدن .

 

وقاد " المؤتمر العمالي" المظاهرات التي رفضت قرار الاستعمار ضم مدينة عدن إلى " الاتحاد الفيدرالي" في عام 62 ، وهي المظاهرات التي شهدت قمعاً عنيفاً من قبل سلطات الاستعمار وخصبت الجو لمزيد من التصعيد ضده .

 

ثورة يوليو والإلهام القادم من مصر

أحدث الانقلاب الذي نفذه مجموعة من الضباط ضد  الملكية في مصر في 23 يوليو 1952 تأثيراً كبيراً في الشرق الأوسط واليمن بشكل خاص ، لأنه وفر الراعي الإقليمي لتطلعات التحرر في شمال اليمن وجنوبه .

 

ومنحت الجمهورية الوليدة في الشمال ، والتي قامت في سبتمبر 1962 بدعم مصري متنفساً جديداً للسخط المتصاعد ضد الاستعمار في الجنوب ، وتأسست في ظلالها  " جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل " وتفرعت منها لاحقاً " الجبهة القومية" التي تبنت الكفاح المسلح لطرد الإنجليز.

 

الخطاب القومي الصادر من القاهرة في عهد الزعيم جمال عبد الناصر هو المحرك الأكبر ، والذي كان يصل إلى اليمن عبر الراديو بشكل رئيسي ، مثل المغذي الأكبر لنزوع التحرر من الإنجليز بشقيه المدني في عدن والعسكري في ريف الجنوب ، ومع تشكل التنظيمات السياسية المناهضة للاستعمار أصبحت مصر هي الداعم الأول لها سياسياً ، ثم عسكرياً في وقت لاحق .

انطلاق الكفاح المسلح

مثلت عودة مجموعة من الثوار  الجنوبيين من صنعاء إلى لحج في أغسطس من العام 1963 بعد مشاركتهم في حماية النظام الجمهوري وترسيخه هناك ، أول النذر المباشرة في اندلاع الثورة المسلحة المنظمة .

 

أصرت سلطات الاستعمار على انتزاع السلاح من الثوار العائدين من الشمال والذين كان يقودهم "راجح غالب لبوزة" ، فقاد ذلك إلى التمرد المسلح في 14 أكتوبر 63 ، والذي توسع بعد ذلك تدريجياً ووصل إلى عدن عام 64  حتى أطاح بالاستعمار بعد أربع سنوات .

 

وعلى الرغم من الانقسامات البينية داخل بنية الثورة ، والتي وصلت عام 66 حد الاشتباكات المسلحة بين " جبهة التحرير" المدعومة من عبد الناصر وبين " الجبهة القومية" ذات النزوع الشيوعي المتصاعد ، إلا أن الثورة مضت في طريقها حتى إجبار بريطانيا على الانسحاب النهائي من جنوب اليمن في نوفمبر 1967 .




تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية