آخر الأخبار

"أبوبكر سالم اختصار الطريق ونكهة السفر"      

أبوبكر سالم

أبوبكر سالم

المهرية نت - علي الحواني
الاربعاء, 16 ديسمبر, 2020 - 02:37 مساءً

 من منا لا يقطع المسافات الطوال أثناء السفر ولا يستمع لصوت فنان اليمن الكبير بلفقيه العذب بعربه ونبراته الفريدة وطبقاته المتعددة الجمال، و(ما من يوم مر) لم تسمع فيه صوت الفنان أبوبكر سالم في المذياع أو مسجل السيارة فهو يومٌ لم يكتمل لك الأُنس فيه.

 

من منا لا يرفع صوت المسجل عندما يستمع لأي أغنية لفناننا الراحل ويغني معه كيفما كان صوته المهم فقط أن يغني معه، متعة ما بعدها متعة، كيف لا وهو الفنان الذي يتمتع بحنجرة عجيبة عجز عن تقليده كبار فناني العرب ومطربيهم، تستمع إلى غنائه الذي لا يمل وكأنك تستمع إليه في كل مرة للمرة الأولى، بل أنه ذلك الألبوم الحصري الذي نزل إلى السوق ولم يسمعه أحدٌ قبل، لقد أفحم من بعده فماذا أقول في حقه و(أقل له إيه؟).

 

حدثني عن أحساسه الذي ليس له مثيل، فعندما يغني إحدى أغانيه تشعر وكأنها موجهة إليك، وبأنه يخاطبك بحديث هام يوجه به النصح لك، لذلك أنت معنيٌ بسماع حديثه مع الإصغاء الجيد لتلك الكلمات الجميلة التي لها دلالة عميقة في غاية الروعة والجمال، تخيل معي عزيزي القارئ وأنت مشتاق لسماع صوت حبيبٍ لك غاب عنك لفترة .. فتمسك سماعة الهاتف فيخاطبك بعذوبة صوته وهنهنته الدافئة مخاطبًا قلبك وعتابه الصادق بهذه الكلمات، (شف لي حل، لا رضى جابك ولا جابك زعل).

 

وإن تحدثت عن قراره الجوهري الدافئ النادر فهو بحد ذاته طبطبة متكاملة لسامعيه، تجعلهم حين الاستماع له يصدرون آهات الشوق والحنين غصبًا عنهم، فهو يخفي في أعماق حنجرته دورس الحب ليشرح لهم تجاربه فيه، فيصل الدرس إلى آذان متلقيه مفهومًا بكل سلاسة وفي منتهى البساطة (يا سهران ليش السهر، مالك فوق فرشك مقر، أتذكر زمانٍ عبر، حيا الله ذاك الزمن).

 

أما عن الطريق الطويل فتستغرب كيف تذوب المسافات إن سافرت بصحبته؟! فتشعر حينها بوصولك إلى وجهتك في سرعة لا تدري وقتها كيف وصلت؟! وكيف قطعت معه هذا الطريق الطويل؟! سحر الغناء وجمال القصيد المغنى، والذي طرز معظمه شعار مدينة حضرموت وتريم الغناء ورفيق الروح لفناننا الفريد الشاعر والملحن حسين أبوبكر المحضار .. وأهدى له جميل القصائد التي أحبها بصوت صاحبه (يقول إنني فضلت غيره عليه وغيره معي يطلع كما إيه، درست الهوى أنا وياه من ألف باء وسره معي وسط قلبي مخبى).

 

وكما أن انسجام فرقته الموسيقية التي عزفت ورددت معه أغنايه لعقود لها صدىً موسيقى يأخذك لكوكب من الهيام .. ويجعل سالمنا يتنغم بأنغام فريدة وبقفلات نادرة وبِعُرَبٍ سهلة ممتنعة يصعب تقليدها .. (ومع رنين الوتر تطعم له طعم ثاني مع أنغام الغناء).

 

أضف إلى فنانا كان شاعرًا وأدبيًا من الطراز الأول .. كتب الشعر ونظمه وله ديونٌ في ذلك .. وكان أدبيًا فأتقنه وله عديد المقابلات تشهد بذلك .. فعندما تسمعه وهو يلقي الشعر ويحدثك بلغة عربية فصحى .. تتأمل ما بصاحبنا من جمال الفكر والمعاني الذي يلفظها .. وكأنك تريد أن تقول له (مرحيب مرحيب بك يا الطيب الأصلي).

 

أبوبكر سالم لم ينسى أصله فاشتاق لمسقط رأسه بحكم غربته الطويلة في المهجر وغنى (شوقي للغنى مدينة حضرموت) وأحب بلاده حب رالولد المحروم من أمه المنتظر للقياها بشوق ولهفة وحنين .. فخلد ذكراها بفنه وغازلها قائلًا (أمي اليمن أمي).

 

أختم مقالي هذا بأهم نصيحة استفدتها من غناء فنانا الجميل أبوبكر سالم رحمة الله عليه .. وبرغم كثرة الحكم التي وجدت في فنه .. إلا أني أحب دائمًا أن أسمع لتلك النصيحة التي أحسبها من أفضل ما تعلمته وأثر فيني من غنائه ..كيف لا وهو يغنيها بكل إحساس يمتلكه .. ألا وإن تلك النصحية (زمانك زمانك يعرفك بالناس والناس تعرف زمان.


كلمات مفتاحية: أبوبكر سالم فن
تعليقات
square-white المزيد في ثقافة وفنون