آخر الأخبار

مشروع ثقافي يمني يمزج الفن المعاصر بعراقة التراث

مشروع مجداف

مشروع مجداف

المهرية نت - د. ب. أ
الإثنين, 10 مايو, 2021 - 12:35 مساءً

رغم الدمار الذي حل بالمشهد الثقافي في اليمن جراء الحرب المستمرة منذ سبع سنوات برزت بعض المشاريع الفنية والتراثية التي أعادت الحياة إلى هذا القطاع الحيوي الجمالي في بلد يعاني أسوأ الأزمات في العالم.


وخلال فترة الحرب اليمنية أطلقت مؤسّسة “بيسمنت” الثقافية الخاصة بصنعاء عدة مشاريع فنية وتراثية، هدفت عبرها إلى إحياء الفن والتراث في البلاد التي تزخر بثروة تراثية وفنية كبيرة ما زالت تجذب الكثير من الناس في الداخل والخارج.

 

وأنتجت هذه المؤسّسة التي تعمل بجهد دؤوب مشروع “مجداف” الذي تم عن طريقه تنفيذ نحو 30 عملا فنيا تراثيا جماليا، تختلف طرق عرضها ما بين النحت والرسم بشكل جذاب، وتمت فيه عصرنة التراث بقوالب لافتة.

 

وتقول الفنانة التشكيلية جهاد جارالله إن من بين هذه المشاريع التي تم العمل عليها في المؤسسة “أويس الألفية الثالثة”، وهو مشروع فني معاصر ضمن مخرجات برنامج “مجداف” بين عامي 2020 و2021.


وجارالله هي كاتبة وفنانة تشكيلية ونحاتة مهتمة بالفن المعاصر، تشكّل منجزها الفني بأنماط وخامات مختلفة كالخشب والقماش والفخار والخيوط، وقد بدأت بالرسم منذ عام 2014. وخاضت خلال الفترة الماضية تجربة فن النحت، ولها معرض فني منفرد بعنوان “صمت ملون” 2017. كما سبق لها أن شاركت في مشروع “أحكي الفني” التابع لمؤسسة بيسمنت الثقافية عام 2018.

 

وتشير الفنانة إلى أن “مشروع أويس الألفية الثالثة سعى للتأكيد على ضرورة العلاقة التكاملية بين التراث اليمني والفن المعاصر من أجل خلق بنية ثقافية يمنية أصيلة ومعاصرة”.

ويتمثل العمل في منحوتة تكعيبية مستلهمة من شواهد القبور الحميرية اليمنية القديمة، ومكوّنة من ثلاثة مكعبات متباينة في الحجم تمثل شاهد قبر رجل يمني قديم يدعى أويس وقبرين آخرين.

 

وتفيد الفنانة جارالله بأن هذا التشكيل الفني الجمالي مصنوع بواسطة الأسلاك المكسوّة في أجزاء منها بالأزهار وطبقة من الطين الأبيض المصبوغ بمستخلص أوراق الشاي.

 

ويتم نشر هذه الأعمال الفنية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا فيسبوك وإنستغرام، إضافة إلى بعض الوسائل الإعلامية. وتحظى بإعجاب ومتابعة من قبل الجمهور اليمني المتعطش للجمال والنور في ظل واقع ساده قبح الصراعات وظلام الحرب.

 

وتضيف أن “مدى استجابة الجمهور لهذه المشاريع يبدو متعدّدا ما بين معجب بأسلوب العمل الفني الجمالي، وآخر متسائل”.

وتبدو على جارالله السعادة والرضا بنجاح مشاريعها الفنية التي تميّزت فيها خلال هذه الظروف الصعبة التي يمرّ بها اليمن، وتشير قائلة “بالنسبة إلي كان الأثر جيدا، لم أتوقع أن ينال إعجابا كبيرا كون النحت بالأسلاك أمرا جديدا على جمهورنا، وبالتالي وجد البعض صعوبة في فهم نوع العمل الفني”.

 

وتابعت “المنحوتة التي اخترتها لأستلهم العمل منها كانت شاهد قبر أويس، وهي منحوتة غير معروفة لدى الكثيرين بقدر منحوتات يمنية أخرى؛ لذا لم يدرك البعض منذ الوهلة الأولى أن العمل هو إعادة تصوير لمنحوتة قديمة برؤية معاصرة”.

 

وتؤكّد الفنانة اليمنية أن الجمهور المتابع اعتقد أنه عمل أصلي، لذلك وجد البعض صعوبة في إدراك علاقة المنحوتة بالتراث.

 

وتستدرك “لكن في المقابل تلقيت تعليقات مشجعة ومتحمسة لهذا النوع من الفن، لقد كنت راضية عن هذه التجربة إلى درجة حفزتني للعمل على احتراف هذا النوع من النحت”.

وبيّنت جارالله أن تجربتها مع “مجداف” هي أول تجربة فنية مهتمة بالتراث، وأنها تنوي إعادة التجربة قريبا. وأضافت “تنوّعت المشاريع في مجداف ما بين النحت والرسم والتطريز واستخدام تقنيات عرض مميزة”.”


وتعرب الفنانة اليمنية عن فخرها بتنوّع هذه المشاريع التراثية والفنية الفريدة التي لم يسبق العمل عليها بهذه القوالب، وتقول “في الحقيقة لم أحضر معرضا فنيا في اليمن بذات التنوّع في الأسلوب والفكرة كما هو حاصل في مجداف، جميع المشاريع المقدّمة تستحق أن يسلّط عليها الضوء، لقد قدّم الفنانون الشباب أعمالا مفعمة بالشغف والإبداع”.

 

وحول الفوائد التي جنتها جارالله من هذه التجارب الفنية تقول “هذه التجارب منحتني الشجاعة الفنية لأجرّب خامات جديدة، وأخوض في بحار فنية غامضة، وستنعكس بشكل جلي في أعمالي القادمة”.

 

وهي تعتقد أن هذه المشاريع الفنية قد أثّرت في غيرها من المشاركين أيضا، وأنها ستكون منحى فارقا في مسيرة الكثير منهم.

ويعدّ مشروع “مجداف” واحدا من أهم المشاريع اليمنية الفنية، كونه عمل على تأهيل العديد من الفنانين وساعدهم في خوض تجارب فنية ثقافية رغم الظروف الصعبة التي تعانيها البلاد.

 

وتقول شيماء جمال رئيسة مؤسسة “بيسمنت” الثقافية إن “مشروع مجداف عمل على تطوير مهارات الفنانين في العديد من المجالات”.

 

وأضافت “هذا المشروع الذي قامت به المؤسسة له أهداف من بينها رفع قدرات الفنانين في إدارة المشاريع الثقافية، حيث تم إشراكهم في دورات تدريبية من أجل تحقيق هذا الهدف”.

 

وتابعت “تم تدريب الفنانين على مسائل التخطيط والتمويل والميزانية والإنتاج والترويج والاتصالات والتواصل، وركّزنا على هذه العناوين كونها مهمة في إنجاح أي مشروع ثقافي وفني يكون كبيرا أو صغيرا، سواء في إطار مؤسسة أو محدود”.


وشكت جمال من أن الفنانين في اليمن يعانون من صعوبات كثيرة جراء ظروف البلاد، قائلة “الكثير من الفنانين في المشروع كانوا مرتبطين بأعمال أخرى مثل المحاسبة والطب والهندسة أو حتى أعمال أخرى حرة غير مرتبطة بالفن، وهو ما يؤثّر على الثقافة والمشهد الثقافي والفني ومدى تقدّمه وتطوّر جودته بشكل عام، كونه لا يوجد تفرّغ تام لهذا الجانب الحيوي”.

 

وحول الوضع العام للثقافة في اليمن تقول “نعاني من انحسار المساحات الثقافية؛ منذ عام 2009 نشهد إغلاقا للمؤسسات الثقافية والفنية”، وتضيف أنه منذ عام 2015 أصبح الاهتمام منصبّا على “المشاريع الإنسانية والمساعدات الإغاثية بسبب الحرب”.

 

ودعت جمال إلى ضرورة العمل على إنعاش الجانب الفني والثقافي كي يستمر في ظل هذه الظروف الصعبة. وتذكر أنّ “الأنشطة الفنية التي نقوم بها مهمة في استمرار العمل الفني والثقافي في اليمن” رغم محدودية هذه الأنشطة.


تعليقات
square-white المزيد في ثقافة وفنون