آخر الأخبار

عامان على اغتيال خاشقجي.. الحقيقة التي حملها تحرق المملكة وتلاحق بن سلمان الخائف

بن سلمان وخاشقجي

بن سلمان وخاشقجي

المهرية نت - القدس العربي
الجمعة, 25 سبتمبر, 2020 - 11:15 صباحاً

“قاتل الصحافي جمال خاشقجي لكل تصبح السعودية دولة متسامحة، وبعد عامين على ذبحه وتقطيع جثته بطريقة بشعة، لا تزال الحقيقة التي قالها تحرق المملكة”.

 

هكذا كتب المعلق في صحيفة “واشنطن بوست” ديفيد إغناطيوس، مع اقتراب الذكرى الثانية على ذبح خاشقجي على يد فرقة موت أرسلت من الرياض لمقابلته في قنصلية السعودية بإسطنبول في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر 2018.

 

وقال الكاتب إن لقطات الفيديو المغبشة للحظات الأخيرة لخاشقجي لا تزال تطاردنا، فقبل عامين تقريبا، دخل رجل أصلع تقريبا يلبس السترة والبنطال إلى فيلا محصنة ويمشي بحذر تحت مظلة بيضاء إلى ما سيكون موته.

 

وأضاف: “في 2 تشرين الأول/ أكتوبر سنحيي الذكرة المؤلمة لمقتل خاشقجي. وفي وفاته حقق الشهرة الدولية التي أرادها. وأصبح وجهه المدور اللطيف معروفا حول العالم كرمز للحنين إلى الحرية والإصرار على الحديث والتفكير بحرية مهما كانت التهديدات”.

 

وقال إغناطيوس إن “الشهادة أعطت خاشقجي قوة غريبة أيضا، ضد الرجل الذي تعتقد سي آي إيه أنه أمر بقتله. ولي  العهد السعودي محمد بن سلمان، أو كما يعرف باسم الشهرة (م ب س) والذي تعامل مع المساهم في صحيفة واشنطن بوست كمشكلجي ومثير للشغب- صوت يجب أن يتم إسكاته. ولكن صوت خاشقجي المتحدي يتردد صداه أعلى من أي وقت مضى ويواجه (م ب س) في تعاملاته مع واشنطن والعديد من العواصم الغربية”.

 

ويعلق إغناطيوس: “كانت هذه مواجهة لم يكن خاشقجي قادرا على تجبنها. وتتذكر صديقته ماغي ميتشل سالم، آخر حوار جرى بينهما في آب/ أغسطس 2018 فقد كان خاشقجي قلقا من توسيع السلطات السعودية أمر حظر السفر على ابنه الأكبر صلاح إلى ابنه الأصغر، عبد الله الذي عاد إلى المملكة لتجديد جواز سفره، فقد كانوا يضغطون عليه وكان يريد الفرار بطريقة ما”.

 

وتقول: “كان يفكر بالعيش في جزيرة مهجورة وبدون كهرباء” ولكنها أخبرته أنه لا يستطيع الاختفاء “فأنت لست في حرب، فكر بكل الناس الذين يمثلهم صوتك”. وكان خاشقجي يعرف أن ما تقوله صحيح وبقي يتحرك للأمام. وبعد شهرين كان ميتاً. ومع مرور عامين على الجريمة البشعة التي انتهت بقيام طبيب تشريح بتقطيع جثة الضحية بمنشار عظام يمكننا مقارنة الطموحات التي حملها خاشقجي لبلاده مع واقع الحياة اليوم في المملكة.

 

فقد طالب خاشقجي بأن تكون السعودية حديثة ومنفتحة ومتسامحة. ودعم في البداية الإصلاحات التي دعا إليها محمد بن سلمان وتحرير المجتمع. ولكنه ضغط في عامه الأخير على ولي العهد قائلا: “على محمد بن سلمان التعلم من ديترويت بشأن التنمية الاقتصادية، ومن كوريا الجنوبية لمحاربة الفساد وبدون اللجوء إلى عمليات اعتقال جماعية، ومن ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية بشأن التعامل باحترام مع بقية الأمراء والعامة”. بل وحث محمد بن سلمان على مشاهدة وقراءة فيلم “الفهد الأسود” لتقليد الملك الشاب واكاندا.

 

 ويعلق إغناطيوس أن خاشقجي كان شخصية معقدة، وحياته الشخصية كانت في بعض الأحيان مهلهلة. أما معتقداته فقد كانت خليطا من الحنين للحرية والالتزام بدينه الإسلام وعلاقاته مع العائلة المالكة التي قتلته.

 

وفي فترته التي قضاها مع “واشنطن بوست” أصبح ملتزما ومغرما بالصحافة. وكان آخر مقال نشر له في 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2018 بعد وفاته عبارة عن مناشدة لفتح الباب أمام حرية التعبير والإعلام المستقل في العالم العربي.

 

وتساءل عما حدث للسعودية الحقيقية منذ مقتله؟ فقد تحققت بعض الأشياء التي دعا إليها خاشقجي، حيث سمح للمرأة بقيادة السيارة والسفر بدون محرم وممارسة الرياضة بسهولة والتعيين في مناصب عامة مثل الدبلوماسية.

 

والحياة أصبحت سهلة ومفتوحة أكثر. ويمكن للشباب السعوديين الذهاب إلى دور السينما أو الحفلات الموسيقية أو مباريات المصارعة. لكن هناك جانب مظلم لمملكة محمد بن سلمان، فقد تعمق عامل الخوف بوفاة خاشقجي وسجن وعذب الكثير من المعارضين. وسجنت الناشطات والنقاد الآخرون للنظام في شبكة من السجون. ومنع أبناء المعارضين من السفر، وكممت أفواه الأمراء البارزين وسجنوا. و”أخبرني السعوديون أنهم لا يحملون هواتفهم معهم عندما يذهبون للمجالس العامة المعروفة بالديوانيات، حتى لا يتم التنصت على حواراتهم. ويشترون “سيم كارد” من أمريكا لهواتفهم تجنبا لرقابة الدولة. وقال لي سعودي: “الناس خائفون” و”هنا معارضة كثيرة ولكن صامتة”.

 

وقال إغناطيوس إن تمسك محمد بن سلمان بالسلطة قوي بسبب مناخ الخوف الذي خلقه، فقد سحق المعارضة من داخل العائلة واستفز وأخاف بقية الأثرياء السعوديين واستولى على أرصدتهم.

 

ويصف سعودي ولي العهد بأنه “قوي ويعاني من الرهاب” و”ليس قويا وواثقا” من نفسه. وقال إن شعبية ولي العهد التي كانت لامعة مرة قد تشوهت بدون أي مجال للإصلاح.

 

وتحالف بن سلمان مع الرئيس دونالد ترامب الذي تباهى في حديثه مع الصحافي بوب وودورد: “لقد حميت مؤخرته”. إلا أن تحالف بن سلمان مع ترامب يعني أنه دعم طرفا في الحرب الحزبية المُرة بواشنطن وأن المملكة خسرت الدعم من الحزبين الذي كانت تتمتع به.

 

ويرى إغناطيوس أن أكثر شيء يثير الحزن في جريمة قتل خاشقجي هو غياب المحاسبة لمن ارتكبوا وساهموا في الجريمة. فالمحاكمة السرية التي عقدت العام الماضي أعلنت هذا الشهر عن سجن ثمانية أشخاص، وهي التي أصدرت أحكاما بإعدام خمسة تم استبدالها بالسجن، بناء على عفو من ابن جمال الأكبر.

 

ووصفت المقررة الخاصة للقتل الفوري والاعدام خارج القانون، أغنيس كالامار الأحكام الأخيرة بأنها “سخرية من العدالة”. ولم يكن مستشار محمد بن سلمان، سعود القحطاني الذي يعتقد أنه هو الذي خطط ووجه الجريمة على قائمة المتهمين. وقال أحد الناشطين السعوديين: “لقد أفلت من العقاب” و”الدرس له، في المرة الثانية حاول ألا تخطئ وتكتشف”.

 

آمن جمال خاشقجي بعقيدة الصحافي وهي أن “الحقيقة ستنتصر على الأكاذيب والوحشية وضحى بحياته لهذا المثال، وبعد عامين لا تزال الحقيقة التي حملها تحرق المملكة”.




تعليقات
square-white المزيد في عربي