آخر الأخبار
"رمزي محروس".. مواقف إنسانية خالدة وهامة وطنية رائدة
اندفع كثير من الأدباء والكتاب والإعلاميون في الآونة الأخيرة إلى تخليد مآثر محافظ سقطرى رمزي محروس باعتباره حامي حمى الشرعية في الديار السقطرية إشادة منهم بمواقفه الوطنية الرائدة وهم يسجلون سيرة محروس باعتباره طلل دارس أو عزيز رحل إلى غير رجعه وهم يوجهون رسائل كثيرة إلى رئيس الجمهورية وإلى التحالف أنهم تخلوا عن قامة وطنية رائدة وهؤلاء الكتاب والإعلاميون والأدباء لا يدركون حقيقة أن المحروس قبل استلامه للسلطة سجل العديد من المواقف النبيلة وسواء أترك السلطة أم لم يترك لا يزال خالدا في نفوس السقطريين بمواقفة الإنسانية النبيلة فضلا عن مواقفه الوطنية الخالدة.
وليست هذه المواقف وليدة توليه إدارة المحافظة أو مرحلة زمنية معينة من حياته فقد عرفه الناس مذ كان يافعا بمواقفه الشجاعة وثباته على مبادئه مهما كلفه ذلك من خسارة في ماله أو إيذاء في جسده و نفسه.
ومما دفع ابن محروس للتمسك بالشرعية ليس طمعا في منصب أو حبا للشهرة أو زيادة في مال إنما كان يسعى لتنفيذ قناعاته وتلبيه لنداء ضميره وحبا في الدفاع عن وطنه ومعتقداته.
اشتهر ابن محروس بالحدة والجدية والقوة في الإرادة والفكر الصائب يتحدى العقبات ويتغلب على الصعاب، وما كان مع قوم في سفر أو حل وترحال في الداخل والخارج إلا كان أميرهم والمتحدث عنهم وكان ينتزع حقوق رفقته انتزاعا إذا استعصت باللين.
وهذه الصفات كلها منحة ربانية ورثها عن أبيه الذي كان علما من أعلام سقطرى فقد كان محروس الابن منذ سنيه الأولى مدفوعا إلى تقلد سيرة أبيه فكلما قابله أحد ممن يعرف أباه عرفه دون تعريف لشدة شبهة به فيدعو لوالده بالرحمة ذاكرا ما كان عليه من الإحسان والمعروف وتقديم العون للعامة والخاصة لذلك نشأ الابن طموحا إلى خدمة مجتمعه ووطنه فلم تغيره الدراهم والمناصب والإغراءات في سبيل الدفاع عنهما.
عندما سمع بعض الناس بمواقف محروس الابن البطولية ردد المثل الشعبي المشهور ما مات من خلف باللغة السقطرية الدراجة" ال صامى دي تحار" ودعى له بقوله:" لآرحك ألله ديه آه ودي تحارك" أي ليوصلك الله الخير أنت ومن خلفك.
رمزي ابن محروس مشتهرا بين أقرانه وزملائه بقوة عزمه وقسوة ردوده وقوة بدنه وكل ذلك قوة في القلب وليس زيادة في طول أو سعة في جسم دون أقرانه يهابه الجميع وما بارزه أحد إلا غلبه ولذلك لقب بألقاب عدة تدل على البأس والشدة يراها أهل الشجاعة ميزة ويرها أهل الخور والضعف منقصة.
كان ابن محروس رياضيا متألقا ومدرسا جيدا وإداريا ناجحا وموجها بارزا ولم يؤثر عنه موقف هزيمه أو خور أو فساد. وكان طموحا مقداما لا يحد من عزمه قلة زاد أو بعد شقة.
نال الثانوية من دار المعلمين م عدن والليسانس من كلية التربية سقطرى وتحصل على العديد من الشهادات في التنمية البشرية والقدرات الإدارية، وتقلد مناصب عدة أبرزها مستشار مكتب التربية والتعليم وموجه العلوم ومدير مكتب وزير الثروة ومن ثم وكيلا لمحافظة أرخبيل سقطرى وآخرها محافظا للمحافظة.
أثناء توليه منصب وكيل المحافظة أرادت القوات الامارتية إحراجه فمنعته من الدخول بسيارته إلى المطار وكان العساكر ينتظرون منه أن يطاوعهم باللين ويحاورهم بمعروف حتى يأتي قائدهم وعندما أخبروه أن معهم أمر بمنع الدخول بسيارته قال لهم من يريد الموت يقف على الباب ثم صعد إلى سيارته وفتح الباب عنوة وهرب العساكر في كل ناحية يطلبون النجاة بأرواحهم ومنذ ذلك الموقف كانت القوات الإماراتية تحسب له ألف حساب وتحرص على عدم توليه قيادة المحافظة ولم تكن الإمارات تمنحه أدنى امتياز حينما كان وكيلا للمحافظة خلافا لغيره من الوكلاء والمدراء الذين لبت لهم كل متطلباتهم وهو لم يتنازل ليطلب منهم شيئا.
وشاءت الأقدار أن يرحل المحافظ السابق ابن حمدون رحمه الله عن الدنيا تاركا منصب المحافظ شاغرا عندها تظاهر أنصار الامارات مطالبين بشعاراتهم وهتافاتهم بعدم تعيين محروس ودفعت الإمارات للحشد أموالا طائلة كما مورست الكثير من الضغوط على الرئاسة لعدم تعيينه، لكن شاءت الأقدار ثانية أن يكون كرسي المحافظة من نصيبه وبعد التعيين حاولت الإمارات استعطافه بالأموال واستقدمته إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي قبلة المحافظين السابقين وتمت الزيارة لكن لم يتم الهدف منها ولم يرض المحروس المساس بالسيادة اليمنية والثوابت الوطنية.
ومن المواقف الوطنية اعتراض الطائرة الإماراتية التي انتهكت سيادة الوطن ولم تحصل على أذن الهبوط والإقلاع وقد استقدمت عمالا أجانب لا يحملون تراخيص دخول الأراضي اليمنية، وتركتهم في صالة المطار وأراد الطيار الفرار لكنه أجبر على عدم الإقلاع بقوة السلاح حتى يأخذ الركاب.. وقال المحافظ محروس لو أبيع كل أملاكي أو يتم عزالي ومحاسبتي كل ذلك لا شيء مقابل إلا ينتقص من كرامتنا أحد أو يمس بسيادة أرضنا وحكومتنا.
قلما تجد الشرعية رجلا كرمزي يقف ضد المخططات الإماراتية التي عملت طيلة سنوات لكسب الولاءات واستدعت لذلك أبرز رجالاتها في الداخل والخارج من اعلاميين ورجال دين ومشايخ لتأليب الشارع السقطري وأحكمت سيطرة الملف الخدماتي ضده. وفي كل مرة يفشل مخططاتهم وينتصر لوطنه.
يرى البعض أن خروج رمزي من سقطرى عبر البحر إلى م المهرة ومنها إلى سلطنة عمان جراء الأحداث الأخيرة بعد سيطرة الانتقالي على المحافظة ضعف وجبن وفرار من المعركة لكن الأمر على العكس من ذلك تظهر حكمة المحروس وذكائه حيث رأى أن السقطريين جميعا خاسرون في هذه الحرب فهم ليسوا أطرافا فيها وليسوا على قناعة بها وما يبقى منها سوى الثأر والحقد بينهم، وسيكون المقتول فيها من الطرفين في عهد محروس لذلك ترك الأمر على عاتق السعودية كونها تعهدت بحماية المحافظة من أي اعتداء وجمعت التوقيعات من كل الأطراف على إيقاف الحرب؛ على أنها لم تكن صادقة في تعهداتها فقد كانت على اتفاق مع الانتقالي للسيطرة على المحافظة. وقد اكتشف المحافظ محروس المؤامرة في وقت مبكر كان بإمكانه قيادة القتال بنفسه حتى آخر رمق لكنه أراد أن تتضح خيانة التحالف للعامة والخاصة.
أما عن المواقف الإنسانية لرمزي محروس فهي كثيرة لا نسعى لحصرها لكن نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما أخبرني به أحد أقاربي قال كنا في رحلة الحج قبل عشر سنوات تقريبا وكان غالبيه الوفد السقطري من الضعفة والعجزة العوام لكن من لطف الرب أن ساق لنا رمزي محروس ليكون ضمن الموكب فكان خير معين لنا وخير رفيق فهو بمثابة الأمير علينا إمارة خدمة وسعي فيما يصلحنا ينافح عن قضايانا ويستخرج حقوقنا يقول في مرة من المرات احتال علي أنا ورجل آخر أحد العمال الهنود في السعودية فاتباعنا منه اشياء مقلدة بثمن غالي ولما وصلنا السكن وعرف الموضوع ذهب معنا إلى العامل الهندي العملاق وقال كيف تبيع على العوام أشياء مزورة فنهره الهندي بقسوة ورفض استرجاع البضاعة حينها استعد رمزي للمبارزة وحاولنا اقناعه لكنه رفض إلا أن يستعيد أموالنا وتدخل الناس من كل صوب وارغم الهندي على استرجاع البضاعة عنوة. هذا غيض من فيض وصفحات يسيرة من سيرة رمزي محروس الانسانية والوطنية.
ختاما هل تتخلى الرئاسة عن رجل بهذه المواصفات وهل تسعى السعودية إلى تغيير رمزي محروس واستبداله بأحد حلفاء الإمارات تلبيه لرغباتها وإذا كانت الرئاسة تتخلى عن حلفائها كيف تريد لمن يأتي بعده الاستماع إلى قرارتها وتنفيذ أوامرها؟
المقال خاص بموقع المهرية نت