آخر الأخبار

العرفية والعيدية في أرخبيل سقطرى

الجمعة, 21 يونيو, 2024

لكل مناسبة من المناسبات الدينية والعرفية تقاليد خاصة بها في سقطرى تتميز بها عن غيرها وهنا نريد أن نستدعي بعضا من الأعراف والتقاليد التي تتعلق بالذبائح العيدية أو قبل عيد الأضحى أو العيد الكبير كما يسميه البعض.

ومن هذه التقاليد ما يسمى بالعرفية: وهو اعتقاد قديم لدى الناس يقضي أنه لابد أن يتصدق الناس عن موتاهم في اليوم التاسع أو في اليوم التي تسبق يوم العيد فيقومون بذبح غنمة أو تيسا وغير ذلك ويوزعون من ذلك اللحم على جميع الجيران.

 تسمى هذه الذبيحة عرفية ولا نعلم من أين قدم هذا التقليد إلى سقطرى؟ ولكن لا نستبعد أنه من الطقوس الصوفية وخاصة أن بعض الناس يرددون أدعية صوفية لابد من أن يتلوها الرجل على الذبيحة ومن ذلك قولهم:

هادية واصلة ورحمة نازلة وبركته شاملة نقدمها ونهديها إلى روح سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهبت وصدقت بهذا التيس أو بهذه الغنمة عن فلان بن فلان وفلان بن فلان وفلانة بنت فلان... وتكون هذه  الصدقة عن أكثر من واحد وقد يصل عدد هؤلاء المتوفين الذين تشملهم هذه الصدقة إلى ستة أو سبعة أو أكثر وقد يكونون خليطا من أهل المرأة وأهل الرجل صاحبا الذبيحة.

والغريب أنهم يعتقدون أنه لابد منها حتى صارت العرفية كالواجب لا بد من تنفيذها ومن لا يملك ما يتصدق به عن أهله يذهب إلى جيرانه وأصحابه فيعطونه ما يتصدق به عن أهله.

وهم يجوزون للجميع أكلها بما فيهم أصحاب الذبيحة أنفسهم ولا شك أن هذه الطقوس وفدت إليهم من غيرهم ونظرا لجهلهم تقبلوها واعتبروها أمرا ضروريا وعندما عرفوا أن هذا التصرف ليس له ذليل شرعي صحيح توقفوا عنه.

حاليا حين فقه الناس أحكام الشرع الصحيحة فيما يخص الذبائح والأضاحي كانوا يؤخرون إخراج زكاة الماشية إلى الأيام القريبة من العيد فيعطونها للمساكين ويخيرونهم بين أن يأتي له بماشية صالحة للرعي أو خاصة للذبح.

 وأرباب الأموال هم من يسعون إلى المسكين والضعفة والأيتام وغيرهم فيعرضون عليهم من غير أن يطلبوا منهم المال أو العرفية أو الأضحية وغير ذلك وهذا من أروع نماذج الترابط الاجتماعي بين المجتمع السقطري وقد جاء في الحديث أن هناك أربعين خصلة تدخل الجنة أعلاها منيحة العنز.

والمجتمع السقطري في القرى والأرياف خاصة لا يقلقون ولا يجهدون في البحث عن الأضاحي أو طلبها لأنهم يوقنون أن جيرانهم وأهلهم وذويهم لا يتركونهم من غير أضحية بل إنهم يهبون الوافدين إليهم والزائرين لهم أو من حل معهم خلال أيام العيد ما يضحون به دون أن يطلبوا، ويتسابقون على ذلك فضلا عن العطاء لمن يأتي إليهم من خارج قبائلهم ومناطقهم يبحث عن الأضاحي.