آخر الأخبار
عادات وتقاليد هندية في سقطرى
تتشكل في سقطرى العديد من العادات والتقاليد المشهورة عند الشعوب الأخرى منها ما توصل الناس إلى معرفتها واكتشافها ومنها مالم يعرف بعد ولم يتم البحث عن أصولها وعلاقتها بالشعوب الأخرى.
وهذه العادات والتقاليد التي استقاها السقطريون من غيرهم من شعوب الأرض كثيرة ومتنوعة، وسوف نحاول في السطور الآتية التركيز على بعض العادات والتقاليد التي مازلنا نراها في المجتمع الهندي إلى اليوم منها على النحو التالي:
صناعة الفخار: تتشابه بعض المصنوعات الفخارية في سقطرى مع ما نشاهد في أسواق الفخار الهندية، فالأواني والمعدات الفخارية، وطريقة تزيينها بالألوان وخاصة باللون الأحمر هو تقليد هندي مازال مستخدما إلى اليوم في أسواقهم ومعابدهم، ويذهب أحد الرفاق إلى أبعد من هذا التشابه فيذكر أن المصنوعات الفخارية في سقطرى تتماثل في طريقة عرضها وبيعها مع طريقة العروض الهندية حيث تصف مجموعة من النساء السمراويات أمامهن مجموعة من الأواني الفخارية بتشكيلات قد تكون متقاربة أو مختلفة قليلا.
ومن غير شك أنه يوجد في سقطرى أشياء خاصة بها من هذه المصنوعات أو لربما أخذوا طريقة صنعها من غيرهم، ولكنهم امتازوا بإبداع أشكال وألوان خاصة بهم.
صراع الديكة: اشتهر في سقطرى منذ القدم مسابقات صراع الديكة يهتم بها كثير من الأطفال واليافعين ويتم السباق بين الحارات والقرى ويتم ذلك في ميادين خاصة ويحضر هذه المسابقات مشجعون و حكام وجمهور.
ويبالغ صاحب الديك في الاهتمام بالديك فيقوم بتحديد أظافره ومنقاره حتى تحتد ويدهن جسمه ويمشط شعره وينظفه ويهتم غاية الاهتمام بطعامه ويحرص على تقديم الوجبات الدسمة له، وقد كان بعض هؤلاء الأطفال يحرصون على تقديم العقارب والحيات وأم أربعة وأربعين وغيرها من الحشرات القوية للديك وهم يعتقدون أن هذه الأكلات تزيد من قوة الديك.
كما يحرص بعض الأطفال على تقديم الفلفل الحار للديك وقد يخلطونه أول الأمر مع الطعام حتى يتعود الديك على الطعام الحار، ويكون فيما بعد الفلفل الحار إحدى أبرز الوجبات المفضلة لدى الديك، وإذا ما اشتهر ديك بقوته زادت شهرة صاحبه وزاد اهتمام الصغار به وأحبوه وتمنوا مكانته وربما دل ذلك على ذكائه وذكاء أهله وقوته.
ويبادر الأطفال في شراء الديك القوي ويغرون صاحب الديك بقيمة تفوق قيمة عشرة ديوك أو أكثر والبعض يحرص على تلقيح دجاجاته من هذا الديك أملا أن يخرج من نسله ديك قوي يشار إليه بالبنان.
وقد اشتهر الهنود بالاهتمام بالفلفل، وقد كان مشهور عنهم في سقطرى أنهم يحبون الفلفل الحار حتى أن الناس إذا الطعام شديد الالتهاب يقولون هذا طعام الهنود.
أيضا اشتهر الهنود بحبهم للديكة وما زال الأطفال إلى اليوم يعرضون الديكة على ربان السفن الهنود القادمين بالسفن التجارية من الخليج ويبالغ هؤلاء الهنود في قيمة الديك إذا أعجبهم شكله ولونه وهيئته، ويوصون الأطفال بجلب المزيد منها.
وبالنسبة لمسابقات صراع الديكة فيذكر أنه تقليد ظهر أولا في الفلبين ومنها انتشر إلى بقاع الأرض ولكنه اشتهر في الهند كثيرا، وربما ما زالت مسابقات صراع الديكة موجودة في الهند إلى اليوم وقد كتبت إحدى الهنديات رواية قصيرة بعنوان:(صراع الديكة) تحكي فيها عن هوس والدها بصراع الديكة وقيامه بشراء الديكة الأقوياء بمبالغ طائلة، ومن الكتاب العرب من عرج على موضوع صراع الديكة كما نجد في الرواية الشهيرة:(ساق البامبو) ومنهم قارن الصراع الأسري بصراع الديكة كما في رواية:(أزواج وزوجات أو صراع الديكة).
(عمك مش دور لفيؤه): هذه عبارة سقطرية شهيرة جرت مجرى الأمثال يستخدمها الناس للدلالة على التمكن من الشيء غاية التمكن معناها: وضعت من دمه أو من دمها على الجبهة.
بداية نشأة هذه العبارة ارتبطت بالصيد عند الأطفال فقد كان الطفل حينما يدخل عصفور في شباكه أو قفصه أو أيا كان من وسائل الصيد عنده يبادر إليه مسرعا ويفصل رأسه عن جسمه بسرعة قصوى حتى أنه يفعل ذلك باليد إذا لم يجد سكينا ثم يصك رأس العصفور في منتصف جبهته فيبقى من دم العصفور على تلك المنطقة لا يغسله حتى يختم جلسة الاصطياد.
ومن غير المستبعد أن هذا التصرف له علاقة بالطقوس الدينية فهم يدعون أن هذا التصرف يجلب الطيور إلى المصيدة، ويأتي الرزق الوافر فيصطاد ما يكفيه!
وبالنظر في العادات والتقاليد الهندية نرى أن تقليد وضع الدم على الجبهة تقليد ديني يرمز إلى الحب والتقدير والقداسة وتطالعنا الشاشة الهندية بكثير من الرجال والنساء الذي يوسمون جبهتهم بالدم إلى اليوم.
العصب على وسط الأصبع: من العادات السقطرية أنه إذا أصيب أحدهم برأس الأصبع بجروح فإنه لا يربط على مكان الجرح بل يربط على وسط الأصبع وهم يعتقدون أن ذلك يمنحها الرؤية فلا تصطدم بأي شيء يؤلمها حتى تتعافى.
وقد ذكر لي أحد الشباب ممن زاروا الهند أنه رأى عجوزا ربطت على وسط أصبعها مع أن الألم في رأس الأصبع فسأل عن ذلك فقالوا له تفعل ذلك حتى تجعل أصبعها ترى ولا تصطدم بما يؤذيها، وهذه العادات من المحتمل أن لها امتداد ديني يعتقدون في هذا التصرف إن الإله يمنح النور لهذه الأصبع فترى ويبعد عنها السوء!
الأحجار السوداء: ذكر بعض الباحثين أنه يوجد في سقطرى معبد هندي قديم في رأس تبة في العاصمة حديبوه في مكان يدعى حامر دي حاصن، وهذا المعبد مبني بطراز خاص وتشكيله ربما تكون قريبة من معابد الهند، أضف إلى ذلك فإن الأحجار المستخدمة في البناء أحجار سوداء من نوع فريد عصي على الانكسار والبلى ويذكر أن هذه الأحجار جلبت من مكان بعيد إذا لا يوجد في المكان نفسه أحجارا بهذه الصفة واللون.
والحق أني لا أقر ولا أنفي وجود هذا المعبد والبت في هذا الموضوع حساس غاية الحساسية إذ يوجد من الكتاب من يريد لسقطرى أن تكون يهودية أو نصرانية وآخرين يريدونها أن تكون هندية وفريقا آخر يريدها عمانية وآخر يريدها إماراتية؛ ولذلك ليس من الصواب الاستجابة لكل التحليلات والتخمينات والآراء.. ولكن في المقابل ينبغي أن أقول إنه من المؤكد أنه يوجد في سقطرى منذ القدم خليط من الثقافات والديانات والعرقيات والألوان والأجناس، وهذا لا يقدح فيها أو بصلتها العربية اليمنية بل على العكس من ذلك يجعلها قديمة الحضارة قدم الإنسان، ويجعل أهلها أهل دين تعرفوا على العديد من الأديان والثقافات واختلطوا وتعايشوا مع كثير من الأجناس.
* المقال خاص بالمهرية نت*