آخر الأخبار
سقطرى بين معاناة الحر وقسوة الرياح
شهدت سقطرى موجة من الحر الشديد وخاصة منذ مطلع شهر مايو مالم تشهده من قبل كما يذكر المراقبون وكبار السن.
لقد رسم الحر هذه المرة على رقاب الأطفال وقحفات عيونهم آثاره الواضحة وبصماته الدالة على أن ما تعرضوا له من شدة الحر لم يكن بالأمر العادي..وإذا كان الحر من فيح جهنم فلقد تنفست جهنم هذه المرة نفسا طويلا وعسيرا لم نكن نعهده ولم تكن أجساد الأطفال لتقوى على تحمله، فضلا عن الذين لا يمتلكون المكيفات أو الذين لم يكن لديهم من وسائل الترويح غير مراوح قديمة أكل عليها الدهر وشرب، فإن من يمتلك المكيفات ووسائل الترويح الحديثة لم تغن عنهم شيئا حتى أن كثيرا منهم شك في جودة معداته الكهربائية وبدأ الناس يتناقلون الأحاديث حول أي شركات تصنيع المكيفات أجود والبعض منهم ذهب بمكيفاته ومراويحه إلى المهندسين لتفقدها.
والحقيقية أن الكهرباء لم تكن تقوى على مواجهة هذه الموجة من الحر ولا نبالغ إذا قلنا إن الأرض تشبعت من الحرارة وكادت تذوب أسلاك الكهرباء بين الجدران وهي في الحقيقة ليست من الأسلاك المتينة وبالإضافة إلى أن كثيرا ممن عمل في تسليك الكهرباء لا يمتلك الخبرة الكافية في الكهرباء، وكذلك نجد كثيرا من الحارات والعمارات والمحال تسليكها عشوائي لا يكاد يوصل التيار إلا بشكل ضعيف تجعل الإضاءة في اللمبات تتردد في سحب نورها وإرساله مثل مريض الربو الذي يسحب النفس بقوة ويرسله بقوة.
وبغض النظر عن غلاء التعريفة الكهربائية فقد اتخذ الناس قاعدة ياريت الغالي موجود ولذلك طلبوا الكهرباء بأي ثمن غايتهم النجاة من هذا الحر ولو أنفقوا كل ما لديهم ولو استدانوا أهم شيء عندهم أن ينقدوا الأطفال والنساء من لفح الحر الصاقع.
ونظرا لهذا الحر كان بعض الناس يعدون الليالي ليلة بعد ليلة متطلعين إلى قدوم الرياح الموسمية التي تشهدها سقطرى ابتداء من مطلع يونيو.
فعلا لقد جاءت الرياح وتحققت آمال المنتظرين ولقد جاءت الرياح هذه المرة أبكر من العام الماضي ولقد دقت أجراسها منذ ليلة 28/5/2024م وكانت البداية أقسى من كل مرة.
ولقد أذهبت الرياح كثيرا من قسوة الحرارة وفي المقابل لقد أدخلت القلق على كثير من الناس فمنهم من كان ينوي السفر وكان ينتظر قدوم العباري الصغيرة إلا أن الرياح قطعت آماله ومنهم من جمع معدات السقف والبناء فبعثرت الرياح كل جهوده ومنهم من يخاف من أصوات الرياح ليلا فلا ينام ويخيل إليه أن الأبواب تنخلع والنوافذ تتكسر ومنهم من تعرض للخسارة فغرقت سفنهم التجارية.
وفي هذا الصدد وردت أنباء أن سفينة السقاف تاجر الأسمنت والدقيق غرقت البارحة قبالة سواحل سقطرى على بعد ثلاثة ميل بحري، وحقيقة فإن الرياح الموسمية التي تشهدها سقطرى في كل عام فيها العديد من الفوائد التي اكتشفها الناس من واقع التعامل معها قبل ما يكشفها الأطباء والمختصون ومنها:
إنها تقوم بتنظيف البيئة من المخلفات وتقوم بسحبها إلى البحر والوديان أو تركمها في تجمعات محددة وبذلك تقوم الرياح بجهود جبارة لم تستطع السلطة المحلية القيام بها.
إنها رياح حارة غالبا ولذلك تقوم بتجفيف الأشياء الرطبة والأوساخ والجيف وتزيل جميع الروائح العفنة!
إن نسبة الأمراض تقل بشكل كبير في موسم الرياح وتخلو البيئة من البكتيريا والذباب والحشرات.
الناس يقبلون على شرب الماء بكثرة،
والساعات القليلة من النوم تكون كافية، فالرياح تساهم في تعجيل تنضيج الثمار
وهناك بلا شك العديد من الفوائد الأخرى التي لم نذكرها ولكن من المؤسف أن المختصين في الطب والمناخ والجغرافيا وغيرها لم يتطرقوا لبحث الجوانب الصحية للرياح الموسمية التي ترتاد سقطرى كل عام وهو أمر يتطلب تشجيعا من السلطة المحلية!
*المقال خاص بالمهرية نت*