آخر الأخبار

مشروع عدن النهضوي

الخميس, 06 يوليو, 2023

يتساءل البعض , لماذا تتعثر كل محاولات وحدة الصف العدني ؟

وبدلا من أن تخوض النخبة العدنية في التحليل العلمي لتلك الأسباب , يترك هذا السؤال للعامة من بسطاء الفكر والثقافة , المثخنين بصراعات الماضي , والذين تأطروا  بأسباب التشرذم الشديد الذي انتاب المشهد السياسي منذ الستينات , في مخاض عبثي للقضية , ساهم بشكل مباشر في استمرار التشرذم.

  ما أحوجنا اليوم للعقل التحليلي , والتقييم العلمي لمسار القضية العدنية , ليفهم العامة وحاملي القضية بدون وعي , الحلقة المفقودة لديهم.

  يعتقد البعض أن القضية العدنية , قضية ثأر سياسي , ويغوص عميقا في الماضي للبحث عن مبررات ذلك الثأر , ويجتهد أكثر في اتهام وتخوين من يحاول تصحيح مفهوم القضية.

  ما زالت عقلية الثأر السياسي , تعيش فترة الصراعات والانقلابات والنكسات والشعارات والانشقاقات والحروب والدماء , وهي تجسيد لعقل خال من المشروع الوطني , عقلية قابعة في مرحلة زمنية سوداوية , لا تعي مسار التاريخ السياسي والمضطرب والمتغير , ولا تستوعب دروس وعبر ماضيها الأليم .. تفرز كل ما فيها من قهر وكمد وثأر وانتقام لتطلخ المشهد السياسي بالمزيد , وفاقد الوعي ليس لديه اتجاه أو هدف واضح وموحد , حيث أدى ذلك لبروز مجموعة متشرذمة.

  الثأر السياسي , والانتقام بأنواعه , مهما كانت المبررات والمسوغات , أيا كانت وفي أي وقت وتحت أية ظرف أو ضغوطات , كارثة على أي قضية وأي مشروع وطني أو إنساني , كارثة على الأمة , تدمر أهم أعمدة المشروع وهي عدالة القضية التي يحملها , وتجاربنا ما بعد الثورة خير مثال , وما وصلنا إليه اليوم نتيجة واضحة وجلية.

  ثقافة الثأر والانتقام , وخطاب الغل والتحريض ضد قوى الكفاح المسلح , يشوش الصورة التاريخية لعدن , ويغذي أجيالنا  بمعلومات خاطئة ومغالطات خطيرة , هو سرد سطحي للأحداث , دون تقييم علمي لتلك الأحداث , رؤية القضية فيما حدث من حرب أهلية ما بعد الثورة , من منطلق اتهام طرف على حساب طرف , حيث وصل بالبعض لاتهام الثورة , والحقيقة أن القومية والتحرير شركاء الكفاح المسلح ,وهم جزء من الحالة الصحية لمخاض التنوع الفكري الذي عاشته عدن , وما حدث من حرب كان وراه مؤامرة , استهدف هذا التنوع , وأراد المستعمر أن يترك عدن بشرط تدمير مقوماتها الفكرية والثقافية والسياسية , الكفيلة بتدمير المقومات الاقتصادية , بعد اقصيت جبهة التحرير , بدأت تصفية الجبهة القومية , وتم الفرز ليحكم الجنوب بعض الشباب الطائش حسب اعترافهم.

  الاستمرار في اتهام الفكر القومي , أو اتهام الفكر التحرري , هو استمرار للفتنة والمؤامرة بوعي أو بدون وعي , هو رفض التكتلات الفكرية ( الأحزاب ) كأدوات تنمية سياسية , نحتاج أن نعزز من دورها , وإصلاح كيانها , وتقييم تجربتها , لتكن في مستوى التحديات , وقادرة على صناعة التحولات السياسية , من غير الأحزاب , سنجد تكتلات طائفية مناطقية جهوية , تكتلات ما قبل الدولة.

  اليوم المكونات العدنية المنتشرة على المشهد غير مبنية على الأفكار , بل على المصالح وما يجمع أفرادها من ثأر وانتقام , والبعض القليل الذي يحاول أن يخوض مخاضا فكريا وثقافيا في مشهد مثخن بالصراع و ثقافة الكراهية  , ويواجه عقليات لا تقبل التغيير ,أو حتى الحوار الفكري , لديها ثوابت عقيمة حول المولد والعائلة , المؤسس والمكون, غير آبهين بالانتماء والهوية , والتي من الغباء حصرها بالميلاد والعائلة , في مدينة كانت ملتقى الأعراق والثقافات و الأديان , هويتها كانت مدنية ,وهي هوية مبنية على الثقافة والفكر , حول مشروع نهضوي تحرري قومي عربي يمني.
كثيرا هي الحوارات العدنية , المثخنة بالمولد والعائلة , والمؤسس والمكون , والمفرغة من أفكار منارة عدن كمشروع نهضوي راقي , انساني تحرري , حوارات ينتهي مفعولها بعد أن  يغادر أصحابها طاولة الحوار , حيث لا أفكار حية ومتجددة تستدعي العقل لينشغل في دراستها وفهمها , والتشوق لنتائجها.

  لن نتوحد إلا إذا غادرنا صراعات الماضي وثأراته , وعدنا لتاريخ وإرث عدن كمنارة فكرية وثقافية , ومخاضها السياسي والفكري والنقابي , ونستلهم منها أفكار النهضة والرقي , ومشروعنا الوطني العربي الكبير , مشروع محمد علي لقمان و عبد الله باذيب , وغيرهما من قامات عدن , لنكن بمستوى عدن والدعم السخي الذي قدمته  لثورة 48 وثورتي سبتمبر وأكتوبر.

  نستلهم ونصيغ وثيقتنا الفكرية والنظرية , من أخلاق وثقافة وفكر المدينة عدن , من إرث عدن السياسي والثقافي والاجتماعي والمدني , بعيدا عن المولد والعائلة ومناصب مكونات التشرذم  التي على الساحة اليوم.

  المقال خاص بالمهرية نت 

الروح الثائرة في مليونية عشال
الثلاثاء, 10 سبتمبر, 2024
هل يدرك ابن زايد خطورة مؤامراته؟
الإثنين, 02 سبتمبر, 2024
بالاستقلالية تتحرر الأرض
الاربعاء, 21 أغسطس, 2024