آخر الأخبار
مشكلات توثيق التراث في أرخبيل سقطرى
من المحامد التي تحفظ للشعوب تراثها الفني والحضاري التدوين أو التسجيل ضمن تأليف خاص أو في صحف ومجلات أو ضمن بحوث جامعية، أو في التسجيلات الصوتية والمرئية، فالناظر إلى التراث اليمني مثلا يجد المكتبات والمواقع حافلة بكم هائل من التراث المتنوع في شتى الفنون في كل محافظات الجمهورية اليمنية ويرجع فضل ذلك إلى استشعار المثقف أهمية تدوينه لهذا التراث منذ القدم .
والباحث في مسألة توثيق التراث في سقطرى يجد أن أقدم اهتمام بتوثيق التراث لا يتجاوز 200 عام وهذا يعد عمرا طويلا وكافيا لحفظ الكثير من العلوم والفنون؛ لكن للأسف اقتصر التوثيق على جانبين دعت الحاجة إليهما أنداك، هما توثيق الأراضي والحدود بين القبائل نظرا للمنازعات التي يحكم فيها السلطان بعمل وثيقة تجنب كل طرف عن الآخر.
والأمر الثاني: إعادة نسخ المصحف الشريف، وبعض الأدعية والأناشيد الصوفية بخط اليد نظرا لقلة النسخ المتوفرة منها فيقوم الخطاطون القدامى بنسخها في رقع الجلود قديما أوفي بعض الأوراق الخشنة، وتتم الكتابة بواسطة أقلام تستخرج من شجرة تدعى (لاقهم) يتم تبرئتها بالموسي حتى تحتد رؤوسها ويكون المداد مزيجا من دم مجموعة من الأشجار المخصوصة بإضافة شيئا من الفحم.
يعاني الباحث المحلي أو الخارجي في التراث السقطري من صعوبة الحصول على المعلومة فلن تجد مراجعا تستطيع الاعتماد عليها تكون شاملة لقضايا البحث، و لن تأويك مكتبة عامة أو خاصة أو لن يروي ضمائك موقعا ينشر جل ما كتب عن سقطرى في مكان واحد.
بدأ الاهتمام بتوثيق التراث منذ مطلع الألفية الحالية وهو توثيق جزئي فردي يقوم به بعض الاشخاص من الإعلاميين والأكاديميين تلبية لحاجة شخصية فرضت نفسها عليهم أو استكمالا لدراسة بحثية أو رسالة علمية أو تلبية لطلب منظمة عربية أو أجنبية، وكل الدراسات التي قدمت إلى حد الآن لم تشمل كل جوانب التراث حتى في القضايا التي تناولتها لم يزل هناك قصور يستدعي الاتمام.
لم تستطع المنظمات أو الهيئات أو الحكومات المتعاقبة في سقطرى أن تنشئ مركزا للدراسات يهتم بالتراث ويدون الفنون ولم يستطيعوا إنشاء مكتبة مركزية تحتضن الموروث وتشجع الكتاب، وإن كان من فضل يذكر لأحد في هذا المجال فهو للأستاذ فهد سليم كفاين وزير الثروة السمكية الذي طرح مسألة إنشاء المركز في مؤتمر الحوار الوطني وبالفعل تم الاتفاق ضمن بنود مؤتمر الحوار على إنشاء مركز للدراسات يهتم باللغة المهرية والسقطرية وحددت ميزانية، وقد تم فتح المركز في محافظة المهرة ولم ير النور إلى الآن في محافظة سقطرى.
معروف آخر ينبغي الاعتراف به للكتاب والباحثين المتطوعين بجهودهم الذاتية لتسجيل التراث السقطري أمثال الشيخ المرحوم أحمد سعيد الأنبالي، والشيخ عيسى ثاني والأستاذ فهد كفاين وعبدالعزيز الدهري، وهؤلاء أوائل من كتب عن سقطرى من أبنائها، كما ظهرت خمس دراسات علمية متنوعة قدمت في الجامعات اليمنية تهتم بالشأن السقطري في مجال اللغة والادارة التربوية، وهناك رسائل أخرى متنوعة مازالت في طور الاعداد.
كذلك هناك كتاب عرب وأجانب ساهموا في تدوين الموروث لكن أغلب من كتب لم يزر سقطرى والبعض ممن زارها يتلقف المعلومات من عامة الناس وبالتالي نرى في بعض هذه الدراسات الكثير من المبالغات والمغالطات والمقاييس الشاذة التي تطبع العامة بفعل الأفراد تنتشر في هذه الكتابات.
ختاما: هذه دعوة أوجهها للسلطات العليا ممثلة برئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي ووزير الثقافة والتراث ووزارة التربية والتعليم و التعليم العالي والتعليم الفني وللسلطة المحلي إلى ضرورة إنشاء مركز دراسات في سقطرى، وإنشاء مكتبة مرجعية وموقعا إلكترونيا وتشجيع الباحثين والدارسين للعناية بالموروث السقطري المتنوع.
المقال خاص بموقع المهرية نت