آخر الأخبار
موت اليمنيين الرخيص !!
جاءت حادثة موت 80 مواطناً يمنيا في العاصمة صنعاء عشية عيد الفطر في عملية تدافع أثنا توزيع صدقات من قبل أحد تجار المدينة القديمة لتكشف عن مدى رخص دم اليمنيين وأرواحهم، ومهما كانت التبريرات لهذه الكارثة من قبل الحوثيين، فإنهم يتحملون وزرها الأكبر بسبب افقارهم وتجويعهم للناس ، وأن التاجر الذي قام بتجميع هؤلاء الفقراء لمنحهم صدقات مالية تافهة توازي ( 9 $) عليه أن يقوم بدفع الديات ومعالجة المصابين، حتى يتخلى عن مظاهر الزيف التي دأب عليها من قبل هذه الحادثة بسنوات، فقد اعتاد في نهاية كل اسبوع تجميع مئات الفقراء والمحتاجين في طوابير طويلة من النساء والرجال والأطفال أمام محلاته لمنحهم صدقات تافهة لا تساوي وقوفهم لساعات طويلة بانتظارها.
اعتبر الحوثيون أن هذا التاجر قام بتجاوزات كبيرة، حين لم يقم بتسليم الصدقات والزكاة لدوائرهم لصرفها بمعرفيهم فحدثت مثل هذه الكارثة، ويعلم القاصي والداني أن الأموال التي تحصلها الجماعة من الزكاة والصدقات والجبايات الأخرى يعاد توظيفها لتقوية مشروعها العصبوي بمنزعه السلالي لحكم اليمنيين واستبدادهم ، بما فيها شراء أصول بعض البنوك التجارية، وإن ما يصرف هنا وهناك على مهرجانات ذات طابع ترويجي ( الأعراس الجماعية) من قبل هيئة الزكاة، أو على بعض المواطنين والموظفين عبر مكاتب البريد أو شبكات الصرافة التي تتبعها لا يشكل نسبة مهمة من المبالغ التي يتفننون في تحصيلها بالغلظة والحِيَل.
حين أنشأت الجماعة هيئة مستقلة للزكاة وبطريقة غير دستورية ، وأنشأت بعدها هيئة للأوقاف بذات الطريقة، إنما لتقوية أذرعها المالية وإطلاقها على المجتمع عبر قوى أمنية ومثمنين غلاظ، لا تحكمهم نصوص ولا لوائح وإنما أهواء المتنفذين في هذه الدوائر الذين يتلقون توجيهاتهم المباشرة من مشرفي الجماعة وصفها القيادي.
(**)
على مدى ثمانية أعوام خطف الموت الآف اليمنيين الفقراء إما :بغارات جوية منفلتة على المساكن والأحياء والأعيان المدنية ، أو بالألغام والعبوات التي زرعتها الميليشيات في مناطق التماس والمناطق المأهولة ، أو بالمقذوفات التي تطلقها على الأحياء السكنية الآمنة في المدن المحاصرة، أو بالقنص المباشر للمواطنين الذي تضطرهم الحاجة للتحرك في مربعات أمنية يتحكم بها قناصون وقتلة مدربون ، أو بالموت تحت التعذيب في الأقبية والسجون غير القانونية المنتشرة في طول البلاد وعرضها، أو بالحرائق التي تلتهم مخيمات النزوح في المناطق الفقيرة، وبكوارث السيول التي تجرف خيامهم في الأودية والشعاب.
أتت هذه الكارثة لتكشف كم هو هذا الشعب الصبور أعزل، وليس هناك من يرأف به من حكامه الطارئين ( سلطات الأمر الواقع في كل اليمن) ،وإن هؤلاء الحكام ليسوا أكثر من تجار جباية وتكسب من كل شيء بما فيه دم الضحايا أنفسهم. حتى أن الترويج للتسوية التي تهندس لها أطراف الحرب في الإقليم ووكلائهم في الداخل، ويحاولون تخدير المجتمع بها من خلال تسويق الوعود بإنهاء الحرب و صرف المرتبات وفتح الطرقات والمطارات تمهيداً للذهاب إلى مفاوضات الحل النهائي، ماهي إلا محطة استراحة جديدة لتقييم مكاسب المحاصصة واغتنام البلاد بتوزيعها شبراً شبراً بمواردها على الأطراف المتورطة في دم اليمنيين الرخيص.