آخر الأخبار
وسائل السقطريين في معرفة الأوقات والشهور
نظرا لبيئة السقطري المنعزلة عن غيره وظروف عيشه المشتت بين الأودية والجبال والتباعد بين القرى تمكن من استحداث وسائل وطرق تمكنه من معرفة الأوقات والفصول والأهلة ومواسم الأمطار والجدب وغيرها فقد كانوا لا يملكون أيا من الوسائل الحديثة بل أن حصولهم على الساعة والمذياع والتلفاز لا يتجاوز بضعة عقود من الزمن وقبلها تمكنوا من معرفة الوقت بالتفصيل الدقيق وكذلك معرفة طلوع الهلال أو انتهاء الشهر والسنة وغيرها من تفصيلات الوقت والمواسم وهذا العلم اخترعه الأذكياء منهم والعلماء والمستنبطين من النصوص الشرعية ومن لهم المعرفة الذاتية بالفلك التي اهتدوا إليها من غير تعليم بل بإعمال التفكير والحساب المتواصل ومن تم توارثوا هذه العلوم جيلا بعد جيل
ومن طرقهم في استطلاع الوقت قياس الظل حيث يهتدون إلى وقت الضحى والظهر والعصر بمسافة الظل ولا يتكلف الشخص في ذلك عناء كبيرا فقد يتمكن من معرفة الوقت وهو داخل بيته بمجرد أن ينظر إلى ظل عتبة البيت أو ظل بيت أخرى أو شجرة ونحوه وقد يخرج بنفسه فيقف في الشمس بشكل مستقيم وينظر إلى ظله فيتعرف على التوقيت من خلال ذلك فيصلي الضحى في حينه ويؤذن للظهر في حينه ويقوم إلى صلاة العصر في وقتها، وصار البعض ماهر في ذلك بحيث إنه مجرد أن ينظر إلى موقع الشمس في السماء يستطيع تحديد الوقت وقد توصلوا إلى ذلك بمعرفة ذاتية وقد يكون معرفة البعض بذلك مستقى من الحديث الشريف.
وكما أنهم عرفوا الوقت بجزئياته كذلك تمكنوا من معرفة منازل القمر وعرفوا المراحل التي يمر بها القمر منذ ولادته وحتى زواله وهذه المعرفة ما زالت إلى الآن من غير أن يعتمدوا على تقويم أو ساعة وإنترنت وغيره من الوسائل الحديثة فتجد الشخص منهم يعرف موعد انقضاء الشهر وابتداء الآخر وعدد أيامه والأيام البيض منه وغير ذلك بحسبته الخاصة التي قلما تخطئ وهناك طريقة تقليدية يستخدمها البعض في حساب أيام الهلال حيث يأتي بقطعة قماش بيضاء ويسدلها على وجهه وينظر إلى القمر من خلالها فيتضح له بذلك عدد أيام الشهر.
كذلك يرقبون ظهور الهلال عند الفجر من ناحية الشرق ويقيسون حجم ارتفاعه في السماء بالقياس على جبل ما أو تبة ونحوه وبهذا الموقع يستطيعون تحديد الأيام التي مرت منه وإذا لم يظهر من الشرق في آخر أيامه فمعنى ذلك أن الشهر انقضى لذلك يرقبون ظهوره من جهة الغرب أثناء الغروب أو بعده فيصومون على هذا التحديد ويفطرون دون الحاجة إلى صاحب التلسكوب وعالم الفلك ولا وكالة ناسا وغيرها ودون أن ينتظروا خبر المذياع أو النت وغيره
والبعض منهم في رمضان خاصة يتحرى الهلال فيصعد التلال ويعتلي القمم والجبال ويستجلي بعين حاذقة ظهور الهلال وقد يراه في الغيم ومن بين السحاب الكثيف ويخبر قومه بذلك فيصومون برؤيته ويفطرون حين الفطر ويرسلون خبر الصوم والإفطار إلى القرى المجاورة.
وقد اشتهر بعض السقطريون القلائل بمعرفة أحوال النجوم والكواكب فيعمد الناس إليهم يسألونهم عن أحوال المناخ ومواسم الأمطار ونحو ذلك ويحددون مواعيد خروج هذه المواسم ودخولها ويسمونها النجوم ولها تسميات باللغة السقطرية خلافا لأسمائها العربية.