آخر الأخبار
الوطنية الزائفة.. عن واقع سقطرى نتحدث!
من الغريب أن تولد كابرا عن كابر وتتربى وتترعرع في بلد ما ومن ثم لا تمجده ولا تحبه وقد أكلت من خيراته حتى شابت عوارضك، والأغرب أن تكون عميلا لدولة أخرى ضد أهلك ومجتمعك وحكومتك.. كل ذلك لقاء حفنة من المال تزول بانتهاء صلاحية العمالة.
ولو كانت العمالة من إنسان أمي أو من عاطل يبحث عن وظيفة أو فقير يتلقف ما يسد به جوعه لعذره البعض، أما أن تكون الخيانة من أكابر جنرالات الأمن والجيش فلا عذر لهم.
مكلومة هي الحكومة في بلادنا الحبيبة اليمن عامة من أعلى هرم السلطة مرورا بالمحافظات والألوية والكتائب.. ما أن تتفرس في ضابط صغير شيئا يسيرا من الوطنية فتعقد آمالها عليه وتنهال عليه المنح، فيعين في أرقى المناصب وأرفعها ويرقى بقرارات رئاسية ووزارية في أعلى الرتب العسكرية والأمنية، ويستعرض عضلاته لمدة أشهر قليلة يخدع المساكين من عوام الناس فيمدحونه ويمجدونه، يخطف حديث الناس في المجالس والشوارع وتملأ منصات التواصل بإنجازاته الواهية بعدها تتدخل عناية الدرهم الإماراتي تدغدغ حاجته وفقره فيتحول من وطني إلى عميل ومن مخلص إلى خائن ومن منجز إلى معرقل.
ولنتحدث في الشأن المحلي في محافظة أرخبيل سقطرى، ولا يعني هذا اقتصار تغيير الولاءات على سقطرى دون غيرها فهو أيضا موجود في كثير من محافظات الجمهورية، لكنه في الأرخبيل يبدو جليا ومكشوفا أكثر من غيرها فحجم المؤامرة أوسع والطمع فيها أكبر لذلك جلبت أموالا ضخمة ومشاريع عملاقة لتسويغ الولاء وصل الأمر إلى إسقاط كتائب وألوية في حضن الانتقالي.
كما لا تقتصر العمالة في القوات الأمنية والعسكرية فقط فهناك خيانات تصل إلى المناصب العليا والحساسة في الدولة، لكن الخيانة في القوات الأمنية والعسكرية أكثر ضرر لذلك أحببنا ابراز جانبا منها.
والحق أن السلطة المحلية تتسبب في هذا التمرد ابتداء حين تسعى إلى استبدال قائد مكان آخر ولا تحسن اختيار الكفاءات الوطنية بدواعي الهروب من التصنيف الحزبي والديني، مع بداية الأزمة اليمنية عملت السلطات على استبدال قائد اللواء بحجة ولائه للحوثي، وثم تمجيد أركان اللواء أنداك ووصفه بالنزاهة والمصداقية.. وماهي إلا أشهر قليلة حتى بدأ هو أيضا يتمرد على قرارات السلطة المحلية وقام بترحيل الكثير من العساكر للتدريب في الإمارات، وساعد في إدخال السلاح وكثير من المواد الغير مرخصة إلى الأرخبيل وقد ضبطت أموالا إمارتية هائلة تصرف عبره،.
عندها عملت السلطات على تغيير ه وتكليف أركان اللواء بقيادة اللواء وتم ترقيته إلى رتبة عميد، وكان يتغنى ليل نهار بمواقفه الوطنية وسب الخونة والعملاء، وأذكر أني كنت معه على مأدبة واحدة فحكي لي أنه لا يمكن أن يبيع دولته أو يتنازل عن وطنتيه مهما كان الثمن وأنه عرضت عليه مبالغ مقابل خدمات يسيره للطرف الإماراتي وللانتقالي لكنه رفض، وألقى عليهم بالشتائم العريضة التي أخجل من ذكرها.
وتمكن الرجل من السلطة وصال وجال آمرا وناهيا في الأرخبيل؛ لكن وللأسف لم تستمر وطينته سوى بضعة أشهر حتى بادر بالتمرد على السلطة المحلية مرة تلو أخرى، وأكمل مشوار سلفه واستكمل مشاريعه، فأرسل قوات للتدريب في الإمارات وعدن، وفتح للانتقالي ثلاثة معسكرات في سقطرى، وتدخل في إنقاذ مواد ممنوعة وأموال وأسلحة وسيارات ضبطتها الأجهزة الأمنية والملاحية قادمة من الإمارات وقام بتسليمها إلى أصحابها، آخر هذه المؤامرات كانت رفع علم الانتقالي في مقر القيادة والتسبب في ايقاد شرارة الأحداث الجارية منذ مطلع شهر رمضان الفضيل والتي أدت إلى استشهاد أحد أيناء سقطرى.
وقد صدرت الكثير من الأوامر الصارمة من جهة الرئاسة إليه بإنهاء تمرد الكتائب التابعة له من اللواء الأول مشاه بحري ولم يستجب بل خطط على تسليم قيادة اللواء إلى أحد ضباط الكتائب المتمردة واصدر في نفس اليوم قرار من قبل عيدروس بتعيينه قائد اللواء الأول مشاة بحري.
ولا يختلف هذا الرجل الجديد والمدعو (دمن كنزهر) عن سابقه من ادعاء الوطنية والوقوف مع الدولة وشن الهجوم على الآخرين بالعمالة والارتزاق، استوقف ذات مرة من قبل القوات الإماراتية في مطار سقطرى لساعات إثر وصوله من حضرموت بحجة حيازة سلاح وحاول إقناعهم بأن سلاحه مرخص وأنه قائد كتيبه؛ لكن ذلك لم يشفع له فجعل يكيل الشتائم عليهم ويناشد السلطة بإيقاف تصرفات قوات التحالف الاستفزازية.
مؤخرا تمركز الرجل في قيادة اللواء يتلقى أوامره من قيادات الانتقالي، ولكي يزيد من قوته استقدم ما يقارب ثلاثمائة مجند من محافظة الضالع، في الوقت الذي منعت فيه السلطات المحلية القدوم إلى سقطرى والخروج منها خوفا من تفشي فيروس كورونا، كما جمع العديد من العمال المدنيين والمرتزقة في المحافظة إلى صفه، في محاولة للتمنع من تسليم قيادة اللواء إلى القائد الجديد المعين من قبل الحكومة الشرعية.
وعلى ذلك تدخلت قوات الواجب السعودي للتفاوض معه بالتسليم والضغط عليه وخروج المجندين الجدد من المحافظة؛ لذلك حومت العديد من الطائرات الحربية على المعسكر وشوهدت في أجواء سقطرى عامة وألقت العديد من القنابل الضوئية، وفتح حاجز الصوت، كما صرح قائد قوات الواجب السعودي808 باستخدام القوة مالم يستجب.
وقد استنكر الأهالي استقدام قوات من خارج سقطرى خوفا من تفشي المرض، وحرصا على النسيج السلمي والاجتماعي للأرخبيل.
وعلى ذلك صدر بيان مجلس المشايخ ويدعوا الانتقالي بإخراج القوات المستجدة ووقف الاقتتال.
هناك أنباء عن استقدام قوات وأموال من الإمارات في طريقها إلى الأرخبيل عبر البحر في خطوة لمؤازرة تمرد الانتقالي.
هذه الأحداث المتلاحقة أقلقت الناس في الأرخبيل كونهم لم يعهدون سوى السلم والتعايش؛ لكنهم مازالوا على ثقة بان الله سيحرص سقطرى، وأن العدل سيتحقق يوما ما طال الزمن أو قصر وسيحاسب هؤلاء العملاء على خيانتهم وسيخلد التاريخ لعنة تلاحقهم في حياتهم وربما لاحقت أولادهم.
المقال خاص بـ موقع "المهرية نت"