آخر الأخبار
الكتابة وصدى الواقع
الظرف الذي نعيشه ,لا يحتاج لكٌتاب امتهنوا الطعن في الميت , بعد أن تلقى آلاف الطعنات ومات وشبع موتا , وترك لنا مخلفاته القذرة ممن يعيشون متطفلين على ما تبقى لنا من حياة , وزادوا من حجم معاناتنا وأوجاعنا , وكلما ارتفع أنين الوجع والألم , عادت تلك الطفيليات لتذكرنا بالميت , وتدعوا لمزيد من الطعن في جثة هامدة فاقدة للشعور.
الظرف الذي نعيشه اليوم , يحتاج لشجاعة كُتاب تلامس أحرفهم أوجاع الشارع , لتكن صدى الأنين الواقع , من المحرومين من حقوقهم ورواتبهم , صدى أنين الفقراء واليتامى وأسر الشهداء , صدى تداعيات هبوط العملة المحلية , وارتفاع المعيشة , وضنك العيش , والمتاجرة بأحلام الناس وتطلعاتهم ,والبسط والنهب والانتهاكات , صدى ما نراه اليوم من مناضلين تحسنت أحوالهم المادية وارتفع شأنهم , وكبرت كروشهم , ونمت استثماراتهم , وعمروا القصور بدماء الشهداء , يعيشون نعيم الحياة بينما الناس تموت جوعا وشغفا بسبل أبسط متطلبات العيش الكريم , صدى الارتهان والتبعية لغير الوطن , والتفسخ القيمي والأخلاقي الناتج لسقوط المثل , الذي صار مجرد دمية يلعب بها أمراء وملوك , محتفظين بها في أفخم فنادق وقصور لديهم .
لسنا بحاجة لمن يبلع لسانه أمام ممارسات معيبة , وسلوكيات خاطئة , وترسيخ ثقافة دخيلة , وفرض واقع لا دولة , ولا نظام ولا قانون , ليعود بنا لفرض مشاريع استعمارية رفضها آباؤنا وأجدادنا , يفرض علينا عصبيات , ونعرات ونزعات , وأحكاما قبلية وإرثا باليا تجاوزناه منذ عقود من الزمن .
اتفاق الرياض جعلنا أمام شرعية واحدة , حتى وإن تهيئ للبعض أنها شرعيتين تتنافسان على سلطة الحكم , فولت وانقسمت نصفين , وإن كان نصفها الثاني أكثر عفنا في فترة وجيزة .
المؤسف أن هذا الاتفاق زاد من تطعيم الشرعية بفساد فوق فسادها , وأريد توظيفها لتفرض على شعبها ثقافة التسول , تنهب خيرات أرضه , و تعمل تحت سلطة الغير , كمعيق لتشغيل مرافق حيوية , ومصادر الدخل القومي , بل تعطيل مقومات النهضة , لتبقى الدولة في عجز دائم غير قادرة على توفير أبسط استحقاقات الحياة , من راتب محترم كحق , وخدمات وما يترتب عليها من مستوى معيشي وخدمي , دولة عاجزة , وشعب متسول الإعانات والهبات , فتحول البلد لمكب نفايات لتوالف وبقايا سور العالم , والله المستعان .
بينما البلد وهبها الله بكل مقومات الخير , ولو تركت لتحكمها عقول ناضجة ومتحررة من التبعية والارتهان , وعفن الماضي وأحقاد وضغائن , لكانت بلد الخير والعز والسلام , لا على مواطنيها فقط بل على كل جيرانها وإقليمها والعالم .
المؤسف أن لدينا عاهات وجدت من يسوقها للحكم , يتقاسمون السلطة , ويختلفون على الاستحقاقات , تتحسن أحوالهم وتنتفخ كروشهم , في وقت يجوع فيه الشعب , وتنتشر في أوساطه المجاعة , الرواتب تصرف كلما تحسن مزاج هذا الاتفاق , وتصادر كلما تعكر مزاجهم , و مواطن مهان كان مدني أو عسكري , في حالة انتظار الإفراج عن فتات راتبه , مواطن وقع ضحية المماحكة السياسية .
من السخرية أن تصرف بمسمى إكرامية لجنود الأحزمة التي رفض المماحك دمجهم وفق اتفاق الرياض في مؤسسات عسكرية لسلطة الشرعية المركبة , ليبقى ذلك الجندي تحت الطلب في تفجير مواقف عنف ,يجوع ستة أشهر و يتلقى فتاتا من الصدقات , دون حقوق الوظيفة , ومسؤولية دولة , صدقة غير معلن عن مصدر أموالها , مصيبة لو كانت مما نهب من المال العام , والمصيبة الأعظم لو كانت من دول الفتنة , ويمكن أن تكون من بقايا توفير فساد المناكفة السياسية , و ودائع لم تفتح ملفاتها للرقابة والمحاسبة بعد , كانت مجرد خزنة يغرف منها القائمون عليها كما يريدون , وإذا حاسبتهم استندوا على فساد غيرهم من الشركاء , فالقضية فساد يبرر لفساد , مما أفسد الواقع والوطن والدولة , وأغرق الموطن في تداعيات ذلك الفساد , مواطن ينتظر القدر أن يرسل له منقذ صادق وأمين ينقذه من هذا الوحل , لحياة أفضل ومستقبل أجمل , فيه المواطن محور التنمية والتطور والنهضة , والسلطة مجرد موظفين منضبطين بنظام وقانون ورقابة ومحاسبة وقضاء ونيابة وعدالة اجتماعية , المساس بالمال العام والحق العام جريمة تندى لها هامات الأمة , وتضع أصحابها في قفص الاتهام , وحتى ذلك الزمان الله يعين المواطن على سلطة مركبة من جماعات إن اختلفوا دمروا حياته , وإن اتفقوا نهبوه ودفنوه بالحياة , والله المستعان.
المقال خاص بموقع المهرية نت