آخر الأخبار

تقرير موجز عن مجموعة بنات  بلا " مهرة" في مدينة تعز 

الاربعاء, 23 ديسمبر, 2020

تقول إحدى الشعارات التي رفعتها مجموعة من الفتيات والنساء خلال نشاط نسوي : " استوصوا بالنساء خيرا " ،  ويقول شعار آخر :" ما أكرمهن (النساء) إلا كريم ، وما أهانهن إلا لئيم " ، في حين تذهب لافتة ثالثة إلى القول :" لا تقتلوا شيخا فانيا أو امرأة" .


 الأقوال الثلاثة السابقة التي ساقتها الشعارات هي أحاديث نبوية يحفظها غالبية الناس ويظهرون الإيمان بها، وكانت النساء والفتيات الواقفات في باب موسى بمدينة تعز قد رفعن أقوال النبي في وجوه المارة بغرض الإحتماء من تنمرهم، وإيصال رسالة معينة تتعلق بحقوق المرأة بشكل عام ، والاحتجاج على غياب النساء من الحكومة الجديدة خصوصا .


وربما لا حاجة إلى القول أن كثيرا من المارة تركوا أحاديث النبي جانبا ، وأخذ الشارع يهدر بالسخط وإطلاق التعليقات الساخرة ، وهو ما شكل ضغطا كبيرا على الفتيات  حديثات العهد بمثل هذه الأنشطة ، كما هو متوقع .


أحتفظ في ذاكرتي ببعض تلك التعليقات التي يمكن أن تعطي  للقارئ فكرة عن حجم الضغط النفسي الذي يمكن أن تتعرض له فتاة يمنية قررت لأول مرة  أن تكسر الدائرة التي تهيمن على حياتها بين البيت والمدرسة ، وأن تبحث عن نفسها في تلك العبارة الشهيرة  " حقوق المرأة " ، والتي لا شك أن الفتاة قد صادفتها سابقا في أكثر من مناسبة دون أن تتعرف فيها على نفسها ، أو على الأقل ، تعرفت فيها على المرأة دون أن تشعر أن هناك ما يمكن فعله للبحث عن الحقوق . 


شاب طويل جدا عبر من أمام الواقفات وجعر مع نصف ضحكة : " ارجعين المطبخ " ، وكان في طريقه للذهاب إلى معهد ليتعلم اللغة الإنجليزية كما يظهر من خلال الكتاب الذي كان يحمله . سيذهب هذا الشاب إلى المعهد وسيتعرف في الكتاب على العائلة السعيدة  للسيدة " براون " التي تدير بنكا في لوس أنجلس ، وابنتها الشابة "ليلي" التي تلعب كرة السلة ، وسيتمنى لنفسه حياة بمثل هذه السعادة ،  لكنه على الرغم من ذلك لن يمتنع عن السخرية من نساء تجرأن على الخروج إلى الشارع في سلام على أمل الحد الأدنى من حظ السيدة والآنسة براون !


لم يمض الشاب في حال سبيله حتى سلم راية التنمر لسائق باص كان بادي الانزعاج والتوتر . ولعله لمح الواقفات  فوجد فيهن غايته لتفريغ مزاجه المعتكر وأخذ يصرخ بصوت تقطعه ضجة الدراجات :
" مافيش معاكن ضباط ؟"، ولم يتوقف السائق عند هذا ، حيث شعر أن من واجبه أن يضيف إلى  حديثه عن "الضبط" شيئا أكثر إساءة ، فاقترح عليهن الأزواج كبديل عن الحقوق الاجتماعية والسياسية !


عموما هذان التعليقان لكل من الطالب والسائق ليسا غريبين عن فضائنا العام ويظهران دائما في كل مرة يثار فيها موضوع المرأة وحقوقها ولم يعودا يحفزان أي رغبة بالرد .  

ما يتحلى ببعض الغرابة هو موقف امرأة مهمشة كانت تقف في زواية الشارع ويحيط بها 5 أطفال بأسمالهم الممزقة وأشكالهم التي تنطق بالغياب الكامل لأي حق إنساني . قالت لي وأنا أعبر إلى جوارها :" هذين البنات بلا مهرة!" هنا طفرت الكلمات رغما عني ، وأخذت أمطرها بأسئلة قاسية رغم ما فيها من ابتسامة مصطنعة وأنا أشير إليها وإلى أولادها    :

" تعجبك حياتك ؟ مليح هذا الوضع ؟ عاده غلطان الي يقول يشتي حقوق ؟" . ابتسمت وكأنها تعتذر ، ومضيت أنا في طريقي مثقلا ببعض الندم والكثير من الإحباط .

المقال خاص بموقع "المهريةنت"

المزيد من يعقوب العتواني
في سنوات الثورة كان هنالك أمل 
الاربعاء, 03 فبراير, 2021
لا نسيان ولا تطبيع أيها الحوثيون!
الاربعاء, 27 يناير, 2021