آخر الأخبار

في صفات النوعية الجديدة من قاطعي الطرقات  

الاربعاء, 26 أغسطس, 2020

لم تعد وحشة مفارقة الأهل ، أو برودة الجيب الفارغ من "المصروف" ، أو حتى خطر التعرض لحادث سير هو ما يؤرق ذهن المزمع على السفر والتنقل بين المدن اليمنية . هناك مخاوف مستجدة خاصة بزمن المليشيا : هناك الاحتباس بجوار نقطة أمنية ليومين أو شهر قبل متابعة الرحلة بالحظ أو المعجزة أو المال ، أو العودة إلى المنزل في انتظار معاودة الكرة .

هل يمكن القول ، إذن ، أن ما يجعل من سفر اليمني في بلده مخاطرة كبيرة هم قطاع الطرق ؟  
نعم و لكن ليس دون إضافة.

 المسلحون الذين يمنعون اليمنيين من متابعة طريقهم من مكان إلى آخر ويفرضون عليهم الانتظار الطويل أو العودة أو الرشوة  هم قطاع طرق بالمعنى الواسع لهذا الوصف ، غير أن المباغتة واللثام والتركيز على المنقولات المادية وأشياء أخرى مما عرف به قاطع الطريق التقليدي عبر التاريخ  تخالف أو لا تكفي لوصف النوع الجديد من أعداء السفر الآمن ، معرقليه ومانعيه .

القناع والاحتماء بظلام الليل لا يدخلان ضمن احترازات الإصدار الجديد من قاطعي الطرق ، فالحماية التي توفرها لهم منظمة أو جماعة مسلحة باطشة تكفيهم عناء هذه الطقوس البالية  .  إننا نحفظ أسماء قاطعي طرقاتنا الجدد وصورهم ، ونعرف سلفا من الإعلام أو ممن سبقونا في المخاطرة إذا كان أحدهم مستغرق في حماس مهني لأداء مهمته القذرة أم أنه يعيش فترة بيات مؤقت ؛ بل إن فيهم من أصبح يستمتع بجماهيرية عالية في نطاق الجماعة التي يمثلها وصارت حكايا العذاب الذي يسومه للمسافرين مصدر فخر وإلهام بالنسبة لزملائه من نفس الجماعة، ومصدر حسد بالنسبة لأشباهه في الجماعات المناوئة ، كما هو الحال مع المدعو "أبو هاشم "، نجم هذه الصنعة لدى الحوثيين ، والذي ينشط في محافظة البيضاء .

تحظى كل جماعة بمبدعيها في هذا المجال ، وتحرص على جعلهم أكثر احترافا عبر التركيز المعلن أو التشجيع الصامت على ظواهر معينة من قبيل : رثاثة الشكل وبلادة الإحساس ورداءة الثقافة وبذاءة اللسان المنقوع زمنا طويلا في وحل العنصرية . التحلي بهذه الصفات يؤهل صاحبه لشغل نقطة تفتيش حساسة على أبواب المدن أو المديريات ، كما هو الحال مع نقطة الرباط التابعة للانتقالي في عدن ، أو نقطة البيرين التي شغلها أتباع أبي العباس في تعز ، أو نقطة القاعدة في مديرية الصومعة في البيضاء ، أو الحاجز سيء الذكر في منفذ الوديعة ، وأمثلة أخرى ليست قليلة . 

لا بد ، كذلك ، من الإشارة إلى فئة مميزة من قاطعي الطرق المحترفين ضمن نفس النوع الجديد، ولكن يبدو أن نقاط التفتيش الثابتة لا ترضي طموحاتهم ، فهم يفضلون أن يختاروا الشارع المناسب للقطع ، وكذلك التوقيت ، حسب الحاجة  والفائدة المتوفرة . هؤلاء يستطيعون تحضير نقطة أمنية في أي مكان بأسرع مما نحضر به فراشنا للنوم في سريرنا الجاهز والمعتاد ؛  ولا يعنيهم كثيرا تعذيب العابرين بالانتظار طالما أن بإمكانهم أن يخلفوا وراءهم 5 جثث بريئة من أجل ربح الوقت والانتقال لمكان جديد . وللتمثيل على هذا النوع يمكن استحضار المفصعين الشهيرين "غزوان" و "غدر" ، وسط مدينة تعز .

يتورط قاطع الطريق النمطي في إيذاء نفوس المسافرين بالقتل أو الإصابة أحيانا ، لكن المتاع المادي الذي في حوزتهم يبقى هو الهدف الأول للعملية ، لذلك لا يكترث كثيرا لأشياء مثل اللهجة والثقافة الاجتماعية والمذهب الديني للمسافر . على الأقل ، يمكن الجزم أنه ليس عنصريا مثل قاطع الطريق الجديد الذي يفتش في انتمائك الجغرافي والعرقي والسياسي والمذهبي دون أن يغفل الحقائب والصناديق والجيوب .

تمتد يدا النوع الأخير إلى كرامة المسافر بقدر ما تمتد نحو مقتنياته وربما أكثر  ، فهو يستمتع ، مثلا ، بتوسلات المسافرين لأغراض طارئة كالمرض والزواج ، ويستعذب مرأى العوائل وأغراضها مكشوفين في العراء ، ويحب أن يسرق من العمال أياما كثيرة في الحجز كانوا يتلهفون لاستثمارها في شقاء آخر ، لكنه مربح على الأقل .

المقال خاص بموقع المهرية نت

المزيد من يعقوب العتواني
في سنوات الثورة كان هنالك أمل 
الاربعاء, 03 فبراير, 2021
لا نسيان ولا تطبيع أيها الحوثيون!
الاربعاء, 27 يناير, 2021