آخر الأخبار

سطور من تاريخ مؤسسة خليفة بن زايد  في سقطرى

الجمعة, 21 أغسطس, 2020

  كثيرة هي المنظمات الإنسانية التي تضيف إلى عملها الإنساني عملا آخر (لوجستي أو أمني واستخباراتي) ولا تخلو أغلبها من تأمين المعلومات وبناء قاعدة بيانات ورصد الأخبار... وغالبا ما تكون هذه الأعمال مخفية تحت مظلة العمل الإنساني والخيري.

    مؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية إحدى هذه المؤسسات العاملة في سقطرى في المجال الخيري وتتميز بأنها تعلن عملها السياسي إلى جانب الإنساني بل قد يطغى عملها السياسي على الإنساني أحيانا.

  دخلت مؤسسة خليفة للأعمال الإنسانية سقطرى  في مطلع 2010 كمبادر في رفع التنمية في الأرخبيل وأوفدت الإمارات إلى سقطرى رجلا مسنا  لم يشتهر باسمه بل بكنيته "أبا طارق" واسمه محمود فتح الله خاجه لرئاسة المؤسسة، كان أبو طارق يعمل مع طاقم من أبناء سقطرى، وكان يصرف المساعدات العلاجية والغذائية، وأنفق على طلاب العلم وبنى المساجد، وأوفد مجموعتين من أبناء سقطرى إلى الحج في كل سنة مئة حاج وكذلك عمل عرسا جماعيا لمئة شاب على نفقة المؤسسة وبنى ثمانين شقة للأيتام وجملة من المشاريع الخيرية منها ماهو معلوم ومنها ما كان خفي.. 

أحب السقطريون أبا طارق وزاد من حبهم له أنه لا يعول كثيرا على مسألة التصنيف الحزبي فلا يهتم أن يكون المستحق إصلاحي أو مؤتمري ...بل يعطي كل محتاج دون النظر في خليفته السياسية وربما الطاقم السقطري كان السبب في هذا التصرف.

   هذا طرف من سيرة أبو طارق في السنوات الثلاث الأولى لقدومه إلى سقطرى وفي السنة الرابعة حصل تغير في تعامل الرجل مع الناس حتى صار حديث المقاهي والركبان، وهذا التغير حول سلوك الرجل من متواضع إلى  متكبر لا يقابل أحدا ولا يفي بوعد، وزاد الطين بله اعتماده الكبير على ابنه طارق ومرافقه، وتفاقم الأمر وزادت القيلة عن أبي طارق وابنه حتى قامت ضده مظاهرة تطالبه بالرحيل وتردد شعارات متعددة باللغة الدارجة برع برع يا إيراني يا عميل ارحل من سقطرى، ووجه له المحتشدون تهم بالسرقة والعاملة وتعمد إهانة النساء والعجزة، كادت المظاهرة أن تتحول إلى اعتداء لولاء تدخل العقلاء. 

   استجابت أبو ظبي لمطالب الناس ورحلت أبا طارق إلى غير رجعة واستقدمت خلفا له الضابط الإماراتي خلفان بن مبارك المزروعي. والذي جلب معه فريقا من الضباط والمساعدين والنساء من جنسيات مختلفة مصرين وهنود وباكستان، واستقدم معه الخبراء والمهندسين لإقامه مشاريع عملاقه على حد زعمه وكان طيرانه لا ينفك عن التحليق في الأجواء السقطرية ذهابا وإيابا بين أبوظبي والأرخبيل؛ لذلك سماه البعض بريمر سقطرى. 

   كان أبو مبارك أكثر دهاء وخبرة ومكرا من سابقه ومع ذلك لا يخلو من فائدة لأهالي الأرخبيل؛ لكنه كان يستفيد أضعاف ما يفيد فقد كان صاحب بصيرة تجارية نافذة مكنته من شراء الأراضي الشاسعة، وعمل المزارع الواسعة والمصانع السمكية والمولات التجارية وجلب السفن التي تحمل المواد المتنوعة والهدايا الثمينة للمسؤولين والمتآمرين والعملاء في البلد، وبذلك أصبح الرجل عملاق السياسة ومهندس الاقتصاد في الأرخبيل، وزاد من تمكنه مواثيق المصاهرة التي وثقها بالزواج من أشهر الأسر نسبا في سقطرى.

   تردد أبو مبارك على سقطرى كثيرا وزار عبد الكوري وسمحه ودرسه وهي جزر تتبع سقطرى الأم إداريا، ووعد بمشاريع عملاقه منها بناء المدارس والمراكز الصحية وتوفير المياه الصالحة للشرب، والحق أن بعض تلك الوعود تم تنفيذها لكن؛ الكثير منها طواها النسيان وغلفها الإهمال، ومازال مسلسل الوعود مستمر في كل زيارة ولقاء وكل مرة يكون الوعد أكبر وأوسع من السابق؛ فضلا على أنه يركز في وعوده ومشاريعه على المناطق ذات الوفرة في الإنتاج السمكي.

خلط أبو مبارك العمل الخيري بالعمل السياسي حيث جلب من الأموال ما يكفي لبناء اليمن عامة وليس سقطرى فحسب لكنه استثمر هذه الأموال في شراء الذمم والعمالة وتحشيد الناس ضد الدولة ورموزها في سقطرى وكان يستدعي المشايخ ويطلب منهم التوقيع على أوراق واتفاقيات ضد المحافظ محروس وضد رموز الشرعية مقابل مبلغ زهيد لا يتجاوز 500 درهم. وكان جل اعتماده على المرتزقة ويتجنب العقلاء والفضلاء وأصحاب الحكمة في الرأي والسياسية لذلك جعلته الناس قبله للكسب وليس داعم للبناء فكان حليفه الفشل وقلما نجح في أمر دفع عليه أموالا طائلة. 

    مؤسسة خليفه جلبت الكثير من الفن إلى الأرخبيل تحمل المواد الإغاثية وعليها ختم العمل الخيري لكن القليل منها يتم توزيعه وأكثرها يتم عرضها للبيع في مراكز التسوق التابعة له والمنتشرة في الأرخبيل، والكاسد من هذه المواد أو ما كان قريب الانتهاء يتم توزيعه على المواطن ويقيد باسم المساعدات الإنسانية ومع انعدام بعض المواد الغذائية من الأسواق تستخرج من مخازن المؤسسة وتباع بأسعار باهظة. بحسب تصريح بعض العاملين في المؤسسة. 

 طالت هذه السياسية المشتقات النفطية أيضا فالغاز كان يصرف بمبلغ رمزي باعتباره دعما من المؤسسة ومن ثم تعدى على سعر السوق السوداء ومع ذلك لا يباع للمواطن إلا برقم خاص بكل فرد تم صرفه من قبل لجان الإحصاء التابعة للمؤسسة للسقاطره فقط.

 وهذه السياسية شملت بقية المشتقات النفطية فقد كان الإعلاميون التابعون للمؤسسة يروجون للمشتقات النفطية أنها مناسبة من حيث السعر كونها مدعومة من مؤسسة خليفة ولا ندري أرفع الدعم بعدها أم مازال مستمر لكن ما نعلمه أن أسعار المشتقات النفطية تفوق أسعار المستثمر المحلي العيسي وتجاريها أحيانا.

 كما أن موضوع الكهرباء أيضا لم يسلم من التسييس التجاري فبعد أن استحوذ الإماراتيون على الكهرباء وصارت المولدات جميعها تحت تصرفهم تم التلاعب بتوليد الطاقة فمرة تزيد قوة التوليد فتحدث أضرارا كبيرة في أجهزة المواطنين وأحيانا تنخفض الطاقة حتى تكاد لا تقوى على شحن جوال وفوق ذلك تنقطع فترات قد تصل إلى ثلاث ساعات أحيانا.

  قبل بضعة أشهر استحدث القائمون على إدارة الكهرباء بإيعاز من أبي مبارك مدير المؤسسة قانونا يقضي بوجوب تسليم مبلغ مئة ألف ريال على كل  المحال التجارية وتعنت أغلب التجار المحليين لكن لم يجد التاجر الوافد  بدا من التسليم.   

ومع مطلع الأسبوع الماضي طبعت المؤسسة فواتير تبين حجم  استهلاك المحلات التجارية والجامعات والفنادق للطاقة الكهربائية إلا أن التعريفة كانت خيالية فمن التجار الصغار من وجد قيمة استهلاكه للطاقة لشهر يوليو فقط تتعدى أربعمائة ألف ريال وأغلب الفواتير قاربت المليون ريال ومنها ما تعدى ثلاثة ملايين وأربعة وخمسة مما جعل التجار يطلقون الشتائم على الإدارة الذاتية والمجلس الانتقالي فهو المتسبب في الأمر.  

 هذه ليست المرة الأولى التي تطالب فيها المؤسسة المواطن والتاجر بدفع تكلفة التيار الكهربائي فقد كانت المرة الأولى في عهد المحافظ بن حمدون رحمه الله حيث وزعت فواتير الاستهلاك على جميع المواطنين والتجار ومن الناس من سدد ومنهم من تريث إلى حين صدور قرار العفو الشامل من المؤسسة. 

  يذكر بعض الكتاب أن موضوع الفواتير غالية التعريفة ليس المراد منه الكسب المحلي وإنما هو وسيلة لتبيض أموال المؤسسة، كما صرح أحد المسؤولين في قيادة التحالف أن الكهرباء مجانية تم تسديد قيمتها من قبل التحالف. 

  وهناك العديد من المشاكل السياسية التي تتبناها مؤسسة خليفه للأعمال الإنسانية وربما يصح لو قلنا للأعمال السياسية وهي مشاكل متنوعة و حساسة لا يستطيع مقال موجز الإحاطة بها و لا يستطيع الكثير من الكتاب البوح بها.

   مؤخرا ظهرت مشكلة حديثة لابد من الحديث عنها وهي التي قسمت ظهر المؤسسة وهي موضوع الحفل السنوي الذي تقيمه المؤسسة للشعراء والعرسان حيث أقيم هذا العام في جنوب الجزيرة باسم مهرجان خريف نوجد 2020م ويندرج الحفل في بند المكرمة السنوية المقدمة من الديوان الملكي الإماراتي فقد صدرت أوامر ملكية بصرف مليون درهم لتزويج مئة شاب في كل عام بواقع عشرة الآف لكل عريس وتم تكليف مؤسسة خليفة بدفع المبلغ وتكاليف الحفل كاملة. 

   وقد تم تنفيذ المشروع في السنوات الماضية بحسب المبلغ المحدد إلا أن العرسان دهشوا هذا العام حين فتحوا المظاريف فوجدوا المبلغ فيها ألفين وخمسمائة درهما وبعضهم وجد ألف وخمسمائة درهم فقط ولم يتمالك الناس أنفسهم فكالوا الشتائم للإمارات وتعالت الهتافات تتهم الضابط الإماراتي عبدالله المهري والضابط الإماراتي سلطان الكعبي اللذان أوكل إليهما أبو مبارك مهمة إدارة الحفل وصرف المستحقات.

  كما تم ضم حفل الشعراء أبو بيرق الشعراء على حد تعبيرهم إلى حفل العرسان تخفيفا للكلفة وكان من المفترض أن تكون هناك لجنة تحكيم من المختصين من أبناء الأرخبيل وأن يحصل الأول على مبلغ مئة ألف درهم كما هو المعتاد من قبل لكن لم يتم ذلك كله وجل ما تم تسليمه للأوائل من الشعراء لا يتجاوز خمسة آلاف درهم ولا ندري هل هو عجز في ميزانية المؤسسة أم هو فساد المكلفين بإدارة المشروع.

هذا غيض من فيض لانتهاكات المؤسسة وتدخلها في الشأن السياسي وهذا ما ظهر للعيان وما خفي أعظم والأيام كفيلة بالكشف عن كل انتهاك ومؤامرة. 
  
المقال خاص بموقع المهرية نت